فشل العرب وضیاع فلسطین ا

قسم التحلیل والتعلیق ـــ  القسم العربی وفی وکالة قدسنا

تزور وزیرة الخارجیة الأمریکیة الشرق الأوسط مرة اخرى  ساعیة للتوصل الى إتفاق  او بالاحرى اجبار السلطة الفلسطینیة للرضوخ لعملیة ما تکون لصالح  الکیان الصهیونی  وبالتالی  لینهى به بوش ولایته  فی البیت الابیض ، ولا یهم أکان هذا الاتفاق عملیا أم مجرد ذر للرماد على العیون..

تأتی رایس لتبحث عن مرونة فلسطینیة تجاه الضغوط الاسرائیلیة وکما حصل فی کمب دیفید حیث  اجبر عرفات على الرضوح وذلک خلال  الایام الاخیرة  لرئاسة  " کلنتون " والان  یحاول بوش  وبالطبع  بتخطیط  من قبل الصهاینة  تسمح لهم  بإنجاح لعبة التعمیة والإیهام التى یریدونها وبیقول بوش لمن یخلفونه إنه نجح فى الوصول إلى حل جمع خلاله العرب والإسرائیلیین على طاولة تفاوض واحدة وانتهوا معا إلى ما یسمى " تهدئة " وذلک على حساب الفلسطینیین الابریاء  والعرب الضعفاء .

ورغم الضغوط التى یمارسها البیت الابیض و تمارسها رایس على السلطة  الفلسطینیة إلا أن النتائج أکدت حتى الان أن إسرائیل لا تقیم وزنا لآراء رایس ولا لمصالح بوش ولا لجهوده فى تبییض تاریخه..

الوزیرة رایس تطالبت ولو ظاهریاً وبصورة مؤقتة تجمید الاستیطان ولو فى أماکن محدودة من الضفة الغربیة ، إلا ان ارجالات حکومة الکیان الصهیونی لم یعیروها آذانا صاغیة، وفی المقابل یصر محمود عباس على أن الاستیطان خط أحمر لا یمکن التقدم قید أنملة فى ظل استمراره .

الواقع أن عباس یواجه أزمة حادة وهی  کالطریق المغلق والمسدود  ، لأن للتنازلات حدودا وشروط، فقد وعد عباس  الفلسطینیین کثیراً وتعهد لهم بوقف الاستیطان أولا، ومادامت إسرائیل متمسکة باللامبالاة فإن عباس لن یرضخ وإلا أعطى مبررات کثیرة لمنافسیه.

وفیما تفشل الإدارة الأمریکیة فى فرض "تهدئة" على إسرائیل ولو ظاهریة ، فإن الدول العربیة تواصل الضغط على الفصائل الفلسطینیة من جانب واحد لوقف المواجهات وتسریع التنازلات، ولو من جانب واحد ، بزعم أن ذلک سیجعل الدول العربیة تجد مسوغات عملیة تستطیع أن تسوقها فى جهودها من أجل فک الحصار عن غزة والضفة ومن أجل الوصول إلى حل دائم کما تسوّق له المبادرة العربیة ، أو على الأقل من أجل ضمان إدخال الأدویة والأغذیة والمحروقات ، وهو کله على حساب القضیة  الفلسطینیة  وبهدف  نسیانها  و ما الى ذلک ...

ینتظر العرب کما  أنتظروا خلال العقود الماضیة کثیراً ، وخصوصا المصریین، أن یتدخل الأمریکیون للضغط على  الکیان الصهیونی لإبداء المرونة مثلاً وإعطاء مفاوضات التهدئة بعض المشروعیة مثلاً ، لکن تل أبیب تواصل تحدیها وأمریکا تزید من ضغوطها على الفلسطینیین و کأنها التلمیذ الخجول أمام تل ابیب  ، فتقبل ما تقبل وتتحاشى ما ترفض.

وأمام التعنت الإسرائیلى الواضح، یصبح الضغط على الفصائل الفلسطینیة حرثا فى البحر، وتصبح تهدئة القاهرة بلا معنى.

إن الحل الحقیقى الذى یجب أن یبحث عنه العرب هو القیام بتحرک دولى یفضح الصورة التى دارت أمریکا عنها ومعها بقیة أطراف الرباعیة طویلا.. فقدمت إسرائیل حمامة سلام والفلسطینیین وکأنهم إرهابیون.

إن أزمة مفاوضات السلام أزمة حقیقیة، ولیست مصطنعة، ویشعر بهذا زعماء فتح وخاصة محمود عباس، الذین أضعف الانقسام الوطنى موقفهم وجعل دوائر خارجیة تحاول أن تجیّره إلى صراع بین فتح وحماس بدل أن یکون صراعا ضد الاحتلال.

کما أن التحرک العربى أصبح بلا قیمة  فی الوقت الذی یستمر فیه الخلاف بین فتح وحماس ولم تتحرک المؤسسات الفلسطینیة لتحتوى هذا الخلاف وتطوره وتحوله إلى عامل ثراء..

لم یعد للسلام الأمریکى معنى حتى لو ذهب بوش وجاء غیره، فأمریکا کانت وما تزال منحازة إلى إسرائیل و مازال العرب  لا یعترفون بالواقع المریر الذی  سلب منهم  فلسطین  ومازال یسلب منهم الحق و حقوقهم المشروعة تاریخیاً واقتصادیاً  وجغرافیاً  وحتى شخصیاً  و وجدانیاً و ....

 ن/25