ماذا یثیر غضب أمریکا و اسرائیل من جراء تطورات لبنان
وکالة قدسنا: قسم التحلیل و التعلیق
یمکن بسهولة معرفة هذه المسئلة بأنه لماذا یعبر رئیس الکیان الصهیونی و السفیر الأمریکی فی بیروت و السفیر السعودی فی العاصمة اللبنانیة الدکتور عبدالعزیز الخوجة و حتی الساسة المصریون یعربون عن قلقهم الشدید بالنسبة للتطورات السائدة فی لبنان و هم غاضبون بشدة عن الأحداث الجاریة.
إن الإجراء السریع من قبل المعارضة اللبنانیة أثار غضب أمریکا و اسرائیل لأن عملیة المعارضة جاءت قبیل تنفیذ المشروع المعروف بـ"الصیف الساخن" و الذی وعد به مستشار وزیرة الخارجیة الأمریکیة دیفید وولش خلال زیارته الأخیرة الی لبنان بهدف إحداث تغییرات واسعة فی هذا البلد کما أن هذه التغییرات کانت عبارة عن نزع سلاح المقاومة اللبنانیة عن طریق تنفیذ المشروعین السیاسی و العسکری و رغم هذا فإن الغضب الأمریکی و الإسرائیلی من تطورات لبنان لیس محصورا فی البعد اللبنانی فقط بل و علی أساس المشروع السیاسی و العسکری الذی أعد من قبل أمریکا و اسرائیل بمساعدة بعض حلفائهم العرب لصیف الشرق الأوسط فإن هذا الشمروع یستهدف العراق و فلسطین و لبنان بحیث ینتهی لمصلحة الإستعمار الأمریکی.
من وجهة نظر فریق المحافظین الجدد الحاکمین فی البیت الأبیض فإن الأوضاع فی مثلث التخریب العراقی و اللبنانی و الفلسطینی یجب أن ینتهی الی نتیجة فی الزمن المتبقی من رئاسة بوش بحیث یتمکن الجنود الأمریکیین من التواجد فی العراق بینما القرار الصادر من مجلس الأمن الدولی یؤکد علی ضرورة خروج 150 ألف من الجنود ألامریکیین من العراق حتى نهایة 2008 و لا ریب أن خروج هذا العدد من الجنود الأمریکیین من العراق بعد مضی 5 سنوات علی إحتلاله دون أن تکسب أمریکا أی إنجاز فی هذه المغامرة سیؤدی الی کارثة غیر قابلة للتعویض بالنسبة للأمریکیین و لهذا السبب فإن البیت الأبیض فکّر فی مشروع جدید یشمل الإعلان عن تأسیس دولة فلسطینیة و توقیع التوافق الأمنی مع الحکومة العراقیة و إفتعال حرب أهلیة فی لبنان بهدف إشغال هذا البلد باحداثه الداخلیة ثم تحلیل قدراته کما أن الفریق الحاکم علی البیت الأبیض أنفق استثمارات کثیرة لتنفیذ هذا المشروع الثلاثی و علی أساس جدول أعمال هذا المشروع فإن العراق کان فی أولویات هذا المشروع و بعده فلسطین ثم لبنان.
فی فلسطین تم إرغام ابومازن رئیس السلطة الفلسطینیة للتنازل عن القدس و اللآجئین کما أن العرب وضعوا إتخاذ القرار فی هذا المجال علی ذمة ابومازن و نظراً الی سیطرة البیت الأبیض علیه فإن التوقیع علی وثیقة تأسیس الدولة الفلسطینیة من قبل ابومازن یبدو أمرا حتمیا إلا إذا حاول الرأی العام الفلسطینی إحداث تغییرات فی الساحة الفلسطینیة بینما کان یاسر عرفات الرئیس السابق للسلطة الفلسطینیة فی ظروف کهذه(کمب دیفید الثانیة) قد أحال إتخاذ القرار حول القدس الی العالم العربی و الإسلامی و لهذا السبب تجاهله الأمریکان إلا ان ابومازن الذی وصل الی رأس الحکم من قبل الأمریکیین بسهولة الخضوع أمام طلبات أمریکا کما أن تهدیده للإستقالة یأتی فی هذا الإطار فی حین أن العرب و بسبب ضعفهم فی المعادلات الدولیة لیسوا قادرین على المقاومة امام مطالب أمریکا و لهذا یعتقدون أن القضیة الفسطینیة هی مجرد قضیة فلسطین حیث وضعوا إتخاذ القرار فی هذا المجال علی عاتق ابومازن بینما أن الإحتفالات المزعومة بـ"إحتفالات الذکری الستین السنویة لتأسیس اسرائیل" و التی سیشارک فیها بوش تأتی لتمهید الأرضیة لتوقیع هذه المعاملة الکبری کما أن نجاح بوش فی هذه المعرکة سیوفر واشنطن أجواء جدیدة تمهد الأرضیة لتواجد الأمریکیین فی العراق لفترة أطول ولهذا اقترحوا المشروع المعروف بالتوافق الأمنی( فی الواقع الأمنی و السیاسی و الإقتصادی) علی الحکومة العراقیة بهدف خروج العراق من البند السابع الخاص بمیثاق الأمم المتحدة أی أعادة استقلاله و أرادت أمریکا تواجدها بحصانة فی العراق لفترة طویلة مقابل هذا الوعد( خروج العراق من البند السابع) و کأن الحصانة القضائیة و القیام ضد أی شخص أو مجموعة تنویها هی ، تعتبر من مصادیق الإرهاب و کذلک أی فعل ضد دول المنطقة من أرض العراق و المحاولة الأخیرة لقمع جیش المهدی تأتی فی هذا الإطار.
و لهذا نری أن الحصول علی النتائج المنویة فی حلقتین الفلسطینیة و العراقیة( بالنظر الی حاجة بوش الیها) تتطلب إعطال لبنان و التی بینت طوال السنتین الأخیرتین بأن لها أکثر تأثیر فی تطورات الشرق الأوسط و بسبب مکانتها الإستراتیجیة تعتبر حاجزا أساسیا أمام تحقیق مصالح الإستعمار الأمریکی. و بناءاً علی هذا یجب إزالة فریق المعارضة أو فریق المقاومة فی لبنان و أن تحقیق هذا الهدف من وجة نظر واشنطن سیکون ممکناً عن طریق اندلاع حرب أهلیة و بث الأزمة و التوتر فی داخل لبنان لأن إختبار القیام العسکری ضد هذا التیار فی صیف 2006 أصیب بالفشل و علی هذا الإساس نری أن وعد دیفید وولش حول "الصیف الساخن" فی الحقیقة یحکی عن مشروع کبیر مهدت الأرضیة لتنفیذه عن طریق إرسال المعدات و المتفجرات و التجهیزات العسکریة الحدیثة الی الداخل لإستخدامها من قبل التیار المخرب و المتعاطف مع السیاسات الأمریکیة الصهیونیة و لکن معارضی الحکومة اللبنانیة قاموا بخطوة استباقیة و أفشلوا هذا المشروع الصهیونی الأمریکی الموسع.
یری البیت الأبیض أن إضعاف المعارضة اللبنانیة سیؤدی الی إضعاف مکانة حرکتی حماس و الجهاد الإسلامی فی فلسطین من جهة و تعزیز قوى 14 مارس من جهة أخری کما أن إضعاف حماس و الجهاد الإسلامی یعنی تعزیز قدرة ابومازن بحیث یستطیع اتخاذ القرارات بشأن المشروع الذی أعدته له امریکا و اسرائیل .
و لهذا یمکن فهم غضبهم من فعل المعارضة اللبنانیة بینما یؤدی نجاح أمریکا و اسرائیل فی تنفیذ هذا المشروع الی تعزیز مکانة بعض حلفائهما فی المنطقة و منها السعودیة و الأردن و مصر و لهذا السبب یمکن کذلک فهم قلق هذه الإطراف العربیة من التطورات اللبنانی.
م/ ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS