القوة التی لا تحتسب

مهدی شکیب:‌ قدسنا ــ قسم التحلیل

إن إمکانیة تکرار حادث اقتحام 700 ألف فلسطینی معبر رفح و انهیار جدار هذا المعبر و الذی کان یعتبر من خطوات الفلسطینیین غیر المسبوقة منذ احتلال أراضیهم من قبل الکیان الصهیونی حتى الآن ، أصبحت الیوم هاجسا مخیفا لدی المسؤولین الاسرائیلین و المصریین.

وفی الظروف التی کانت تتوقع بعد عقد مؤتمر أنابولیس للسلام المزعوم  فی أمریکا و علی أعقاب مصافحة الزعماء العرب مع المسؤولین الأمریکین،بأن تسیر حیاة الفلسطینیین الساکنین فی قطاع غزة نحو التحسن  نوعاً ما إلا اننا نری الخناق الشدید و الضغط الناجم عن الحصار الإقتصادی القاتل علی اکثر من 5/1 ملیون نسمة من سکان غزة  یتضاعف  وخاصة ازدیاد احتمال حدوث انفجار بشری ضد الصمت الغربی و العربی و إن هذا الإحتمال یزداد فی ظل إرتفاع أصوات الهجوم الإسرائیلی الشامل ضد غزة و إعادة احتلالها الی حد أن قادة الفصائل الفلسطینیة اصبحت تعلن بالعلن أنه فی حال عدم رفع الحصار فأنه ستندلع إنتفاضة شعبیة ضد هذا الحصار القاتل .. الإنتفاضة التی ستکون شاملة هذه المرة حیث لن تکون محصورة  بالحدود المصریة بل ستصل الی المناطق المحیطة بالمستوطنات الصهیونیة و ربما یتسع نطاقه الی حد لا یمکن السیطرة علیه. من ناحیة فإن هذا الطلب للشعب الفلسطینی فی قطاع غزة و فی ظل الحرب النفسیة التی تشنها اسرائیل تحول الی تهدید للسیادة المصریة على ارضها بحیث أن الأعلام المصری الحکومی حذر القادة الفلسطینیین من القیام بهذا العمل. کما إن تحذیرات المسؤولین المصریین الی الفلسطینیین من عدم القیام بأی رد فعل مقابل موتهم التدریجی یأتی فی الوقت الذی نرى و منذ بدایة الحصار الإقتصادی ضد قطاع غزة موت 142 مریضاً فلسطینیاً خلف المعابر بسبب منع الجنود الإسرائیلیین خروجهم من المعابر لتلقی العلاج و کذلک استشهاد 450 مواطن فلسطینی من بینهم 90 فلسطینیاً دون سن 18  خلال فترة الحصار المفروض علی غزة اثر الهجمات الإسرائیلیة على هذه المنطقة کما أدت هذه الظروف الی أن یعد الفلسطینیون أنفسهم لإندلاع إنتفاضة کبری ضد هذا الحصار بحیث لا یعرف احد مدى نطاقه وهل سیکون عند الجدار الحدودی مع مصر أو سیمتد أیضا الی الحدود الشمالیة فی قطاع غزة و التی لا تبعد بکثیر عن الأراضی المحتلة  من قبل الکیان الصهیونی.

یرى المحللون أن قلق مصر ناجم عن تردی الأوضاع السیاسیة فیها بسبب الصراع الذی تواجهه الحکومة المصریة مع حزب الوفد و الغد و الکفایة و إلاخوان المسلمین کما أن الخلفیة الفکریة للإخوان المسلمین تعتبر استمرارا للفکر و الإیدئولوجیة  التی تتبعها حماس فی فلسطین و لهذا فإن القاهرة و بسبب المشاکل الداخلیة تدعو الفلسطینیین الی عدم القیام بأی رد فعل مقابل موتهم التدریجی الناجم عن الحصار الإقتصادی حتى تستطیع حل هذه الأزمة بالتفاوض مع أمریکا و اسرائیل.

و من  ناحیة اخرى فإن الخطوة غیر المسبوقة للغزیین والتی تمت فی ینایر من العام الحالی(انهیار الجدار الحدودی) و التی تمثل قوتهم الجدیدة لمواجهة المقاطعات و الإعتداءات الإسرائیلیة فإن هذه الخطوة تعتبر الآن مصدرا هاما یقلق السلطات الإسرائیلیة الذین لم یکسبوا منذ عام 2000 ای إنجاز سیاسی أو عسکری  لا عن طریق اعتداءاتهم العسکریة و لا عن طریق المفاوضات. وهکذا  فإن احتمال تکرار حادث إقتحام جدار معبر رفح فی الظروف الحالیة یقلق تل أبیب لأنه لا شک   أن المستوطنات الواقعة فی الحدود الشمالیة لقطاع غزة لا تستطیع مواجهة اقتحام 700 آلف فلسطینی فی حال عدم رفع حصار غزة فإن هذه القدرة  یمکن أن تعتبر بمثابة قدوة للفلسطینیین الساکنین فی الضفة الغربیة أو ربما للفلسطینیین الساکنین فی الأراضی المحتلة عام 1948 و یمکن أن یحول هذا الإقتحام الشعبی لرفع الحصار الی أنتفاضة کبری یمکن ان تؤدی الی نهایة الإحتلال الإسرائیلی و لهذا فانه وفی حالة عدم اتخاذ قرار أساسی و صحیح لرفع هذا الحصار الظالم ضد الفلسطینیین فإنه یمکن أن یقوم الغزیون البالغ عددهم الی 5/1 ملیون نسمة الی استعراض نسخة جدیدة من قدراتهم التی لم یعرفها أحد حتی الآن أمام الزعماء السیاسیین فی المنطقة الأمر الذی أدرکه الرؤساء العرب أخیرا و لهذا بدءوا بالتحدث عن المفاوضات لحل هذه المشکلة علی جانب زیارة دبلوماسیین غربیین للمنطقة.

م/ن/25