تناغم ملفت للناشزین !
لا یوجد من یحب لبنان ولم یشعر بالارتیاح لتجاوزه قطوع الفتنة الخطیرة التی واجهها البلد خلال الأیام الماضیة بسبب قرار غیر مدروس فی أفضل وصف له .
الملفت أن هناک ثلاث أصوات علت وتیرتها ومثلت نشازاً واضحاً لا یحتمل سوى التفسیر القائل أنها أصوات لجهات لا تحب الخیر للبنان ولا لشعب لبنان العربی : صوت سمیر جعجع قائد القوات اللبنانیة وهی ملیشیا سوداء عرفت بجرائمها ضد اللبنانیین من کل الطوائف إبان الحرب الأهلیة وأمضى صاحبها جعجع عشرة أعوام رهین السجن لثبوت جریمة القتل بحقه وهو المعروف بسلوکه الأقرب لزعیم عصابة أو قاطع طریق . والصوت الآخر للسید سعود الفیصل وزیر خارجیة السعودیة الذی ربما شعر بالتصاغر للوصول لصیغة حل مقبولة عربیاً ولبنانیاً بدون تدخل سعودی وبعد الخروج الفضیحة للسید خوجة وزیر الخارجیة السعودی من لبنان ، والصوت الثالث للناطق الرسمی باسم الحکومة الأمریکیة ووزارة خارجیتها . هذا النشاز یتمثل فی خلفیته رفضاً للاتفاق ومحاولة مکشوفة لوضع العصی فی دوالیب الحل وذلک عبر الترکیز على علاقة الدولة بسلاح حزب الله کأولویة مطلقة فی الوصول لأی حل للأزمة الراهنة وهم یعرفون أن هذا أمر یتقرر فی المرحلة الأخیرة حین یتم البحث فی الاستراتیجیة الدفاعیة للبنان وموقع سلاح المقاومة فی هذه الاستراتیجیة . إن تصریحات من نوع أن الحکومة الأمریکیة غیر مرتاحة لما جرى الاتفاق علیه أو تصریحات وزیر الخارجیة السعودی بأن الأولویة المطلقة لبحث صلة الدولة بالمجموعات المسلحة ، وتصریحات سمیر جعجع بأن أی حل یجب أن یسبقه تحدید صلة الدولة والحکومة بالسلاح وتحدیداً عدم بقاء سلاح حزب الله فی یده تحت ذریعة عدم استخدامه فی المعادلة الداخلیة . إن هذه الأصوات الثلاثة تدرک سلفاً أن تحریضاً من هذا النوع قد یعرقل الحل ویخلق نوعاً من الوهم لدى البعض بشأن سلاح المقاومة الذی لا یوجد فی المعارضة بکل أطیافها من یقبل المس به أو اعتباره سلاحاً میلیشیاویاً یمکن انتزاعه أو الحجر علیه .
لعله من المفید تذکیر هؤلاء بأن کل قوى الرابع عشر من شباط تملک میلیشیات مسلحة ظهرت بکل وضوح أثناء عملیة المقاومة الناجحة فی بیروت والجبل ولو کانت هذه القوى تملک میزاناً راجحاً لأصبح حزب الله فی "خبر کان" منذ زمن ، ولن ینجح هؤلاء فی تسویق مخططاتهم الطائفیة من هذا الباب فالأمر أصبح مکشوفاً ولم تعد کل الدعایات الصفراء قادرة على حجب حقیقة ما جرى .
انه من الضروری التأکید على حمایة ظهر المقاومة فی مواجهة عدو مدعوم کلیاً من الإدارة الأمریکیة التی لا یتورع رئیسها عن حضور احتفالات ذکرى النکبة بفلسطین دون حیاء ودون خشیة من مجرد احتجاج شکلی على هذا الاستفزاز وهذه الإهانة ، ولولا عملیة المعارضة فی بیروت والجبل لکنا لاحقاً أمام انکشاف خطیر لظهر المقاومة فی أقرب الآجال .
لقد سعدنا جمیعاً بما توصلت إلیه اللجنة العربیة من حل لا غالب فیه ولا مغلوب وهو حل یعید التوازن للبلد ویحفظ کرامات الجمیع، کما ویفتح الطریق أمام اتفاق تاریخی یعید إلى لبنان ألقه السابق ومرکزه العربی المتقدم فی مواجهة العدو ومخططاته ، ولذلک یتمنى کل مواطن لبنانی وعربی أن تصمت هذه الأصوات لأنها فعلاً أصوات نشاز ولا مکان لها من الإعراب .
( المقال لزیاد ابوشاویش )
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS