بوش الأمی والسیاسة
أن یمارس الرئیس جورج بوش سیاسة التقریع لحلفائه العرب، وفی مصر على وجه الخصوص، بسبب انتهاکاتهم لحقوق الإنسان مثلاً ، وتغییبهم للحریات افتراضیاً ، واعتقال المعارضین السیاسیین واقعیاً ، مستحسن ، ولکن بوش هذا هو آخر شخص یحق له أن یتحدث عن الدیمقراطیة وانتهاک حقوق الإنسان فی البلدان الاخرى بوصفه زعیم القوة العظنى فی العالم.
فبوش یعتبر الان أکثر رئیس فی تاریخ أمریکا داس على کل القیم والأعراف الدیمقراطیة عندما غزا العراق وتسبب فی قتل ملیون ونصف الملیون من أبنائه وتشرید خمسة ملایین آخرین، وهذا أکبر انتهاک لحقوق الإنسان والمواثیق الدولیة وعندما غزا افغانستان ایضاً مدعیاً بسط الدیمقراطیة و ما شابهها فی المعجم الامریکی .
صحیح أن المعتقلات العربیة طافحة بالمعتقلین السیاسیین، وخاصة فی دول محور الاعتدال ، حلیف الإدارة الحالیة، ولکن الصحیح أیضا أن الرئیس بوش الابن سیدخل التاریخ کرئیس منتخب أقام سجن أبو غریب، وزج بالآلاف من الأبریاء فیه، مورس فی حقهم أبشع أنواع التعذیب النفسی والجسدی لأکثر من خمس سنوات متواصلة دون أن توجه لهم اتهامات رسمیة، ودون أن یقدموا إلی أی محاکم ومع بوش ینکام عن الدیمقراطیة وهو سظن ان الجمیع سیصدقونه بینما أشارت الانباء الى ان الرئیس حسنی مبارک غضب من اتهامه لمصر فی عدم رعایة حقوق الانسان وقاطع کلمته فی شرم الشیخ .
بالطبع الدیمقراطیة لم تصل إلى المنطقة العربیة حاى الان لأن الإدارات الأمریکیة المتعاقبة فضلت الاستقرار على الحریات وبالطبع الاستقرار حسب المعجم الامریکی ، حتى لو جاء هذا الاستقرار المزعوم على ید أنظمة دیکتاتوریة قمعیة تضطهد شعوبها، وتمارس أبشع أنواع التعذیب فی حقهم مع علم البیت الابیض .
بوش یتهم مصر بإنتهاک حقوق الانسان ، ولکنه یؤید الکیان الصهیونی فی انتهاکه لحقوق الشعب الفلسطینی . یغمض عینیه تجاه انتهاکات تل ابیب و لکنه یتهم مصر . وبالطبع الحکومة المصریة کالانظمة الاخرى فی الشرق الاوسط تعامل شعبها کما یحلو لها وهذا لیس بالغریب .
من یخدم المصالح الأمریکیة، ویغض النظر عن الهیمنة الأمریکیة فی المنطقة، ویقیم علاقات مع إسرائیل، هو الزعیم المفضل لدی الإدارات الأمریکیة المتعاقبة، دیمقراطیة کانت أم جمهوریة، أما من یشق عصا الطاعة فهو دیکتاتور منتهک لحقوق الإنسان، یجب أن یعاقب بالعزل والنبذ والمقاطعة الاقتصادیة، مثلما هو حال سوریة وإیران وحزب الله وحرکات المقاومة فی فلسطین المحتلة والعراق.
لعل ما جاء فی خطاب الرئیس بوش من إهانات للأنظمة العربیة الحاکمة، و الحکومة المصریة برئاسة الرئیس حسنی مبارک على وجه الخصوص، یکون درسا، ونقطة تحول لاستخلاص العبرللکحومات ، والخروج من دائرة الإذلال الأمریکیة، والاعتماد مجددا على الشعوب والتحصن بها، من خلال إطلاق الحریات الدیمقراطیة، وتحسین الأوضاع المعیشیة، وضرب مافیات الفساد المتغلغلة فی مفاصل الحکم ومؤسساته الرئیسیة فی البلدان التی زارها بوش قبیل وصوله الى شرم الشیخ .
الواقع الصریح الذب لا لبس فیه الان هو ان الرئیس بوش اختار إسرائیل حلیفا استراتیجیا وحیدا فی المنطقة، وبدأ ینظر إلى حلفائه العرب کخدم ثانویین لمصالح البیت الابیض ، یرضخون لإملاءاته بسبب الخوف والرعب من تدخلاته فی شؤونهم الداخلیة، وتألیب المعارضة ضدهم . فبیوتهم أکثر هشاشة من بیت العنکبوت.
کافة الشعوب تنشد الدیمقراطیة ، وهی ضد الأنظمة الدیکتاتوریة عربیة کانت أم غربیة ، أم ... جمیعها ، إلا انه المرفوض إستثناء الذین یخدمون المصالح الامریکیة ببترولهم وقواعدهم العسکریة و مخططاتهم الارهابیة الهوجاء دون غیرهم من الذین إنتهت فترة إستلاکهم من الوجهة الامریکیة .
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS