أمریکا ... بین رئیس ذو وجه بشع و آخر قبیح
قسم التحلیل والتعلیق ـــ القسم العربی فی وکالة قدسنا
أکد الرئیس الایرانى محمود أحمدی نجاد فى تصریحات أدلى بها فى روما على هامش منتدى الفاو ، أن سیاسة الولایات المتحدة ستتغیر مهما کان الرئیس المقبل .
ومن ناحیة اخرى لم یتفاجأ الرأی العام العالمی بتعهدات الرئیس الأمریکى المفترض باراک أوباما تجاه إسرائیل، عندما أکد أمام لجنة العلاقات العامة الأمریکیة الإسرائیلیة "إیباک" أن القدس المحتلة ستبقى عاصمة موحدة لهذا الکیان، وشفع تعهده ذاک بضمانات أخرى لیکون الکیان الصهیونی هو الأقوى فی المنطقة، بینما کان حدیثه عن "العملیة السلمیة" على مساراتها المتعددة ینطلق من زاویة نظر غارقة فى صهیونیتها ومخیبة لآمال العدیدین من المتعاطفین معه.
ما قاله أوباما لم یخرج عن السیاق العام لأسلافه الذین سکنوا البیت الأبیض أو حتى الذین وقفوا على أعتابه، فتقدیم الولاء لإسرائیل هو صک الغفران الذى یضمن الاستقرار فی المکتب البیضاوى ویغدق على أی رئیس الدعم والدعایة، وعندما تحدث أوباما بذلک المنطق الحماسی فى تجمع أغلب أعضائه من اللوبی الصهیونی انکشفت حقیقتان الأولى هى أنه أصبح فى حکم المؤکد أنه الرئیس المقبل، وهذا لیس هینا فهو سیکون أول رجل أسود یدخل البیت الأبیض رئیسا، والثانیة هیأن هناک فرصة ذهبیة له وللولایات المتحدة بأن تحافظ على مکانتها کقوة عظمى قادرة على النفع لا البطش خصوصا فى الشرق الأوسط بعدما ترکتها سیاسة سلفه جورج بوش فى الحضیض اقتصادیا وسیاسیا وعسکریا وأصبحت هیبتها موضع شک وسخریة من أکثر من جهة، خصوصا بعد المغامرة الملیئة بالعار فی العراق ، بعد افغانستان.
باراک أوباما الذى تعهد بسحب القوات الأمریکیة من العراق، لن یخالف السیاق الأمریکى العام إذا نفذ وعده، ولن یخون السیاسة الأمریکیة، فهو سیدافع بنفس شراسة جورج بوش عن مساعی الهیمنة والحفاظ على موطئ قدم قویة فى المنطقة .
ولکن الفارق بین الرجلین أن بوش أغرق أمریکا و ورطها فى کل مکان، والثانى الذی یدخل على الخراب یستطیع أن یغیّر ولو قلیلا..هذا الفرق کاف لیعطى السیناتور الدیمقراطى إمکانیة ترمیم ما تصدع ویعطى بالمقابل من تعتبرهم الولایات المتحدة "أعداءها" فرصة لإبداء الرأى والمناورة بعیدا عن غطرسة المحافظین الجدد، وأحابیلهم الشیطانیة.
هؤلاء المحافظون وعلى رأسهم فریق دیک تشینى نائب الرئیس جورج بوش بدأوا یحزمون حقائبهم من البیت الأبیض والبنتاجون، لکنهم یریدون باعتماد أسلوب التحایل والکذب الاحتفاظ بالعراق مزرعة ومرتع نهب لشرکاتهم ومرتزقتهم، من خلال السعی المحموم لتأبید احتلال العراق وإنشاء ما لا یقل عن خمسین قاعدة عسکریة لا تحترم "سیادة" العراق ولا تخضع للقانون العراقی، وبإمکانها شن أى عمل عسکری فى أی وقت وضد أی جهة، وهم یعملون على مباغتة الإدارة المقبلة بهذا الاتفاق معتمدین فى ذلک على ضعف الحکومة التی نصبوها فی بغداد، وعلى أن یکون الاتفاق جاهزا قبل یولیو المقبل.
هذا المخطط الجهنمى جاء فى الوقت المناسب لیدعم من جهة کفة المرشح الدیمقراطى أوباما ویدفعه إلى المضی فى سیاسة "التغییر والأمل" التی وعد بها طیلة الجولات التمهیدیة للانتخابات، ولیکشف من جهة أخرى أن السیاسة التی قادها جورج بوش وصقوره تحت مظلة "الحرب على الإرهاب" المزعومة ومن ثم جریمة غزو العراق اعتمادا على حزمة أکاذیب قد انتهت إلى فضیحة ولعنات عاصفة تنصب على رؤوسهم من مکان.
التغییر الذى وعد بها أوباما بمجرد وصوله إلى البیت الأبیض لن یکون خیاره من عدة خیارات، بل هو الحل الوحید الباقی للولایات المتحدة إن شاءت التواصل مع العالم ولعب دور فاعل لا سیما فى المنطقة العربیة، وهذا ما أکده الرئیس الایرانى محمودى أحمدى نجاد فى تصریحات أدلى بها فى روما، مشیرا إلى أن سیاسة الولایات المتحدة ستتغیر مهما کان الرئیس المقبل.
وللحقیقة فموقف الرئیس الایرانى لا یحتاج إلى کثیر من التفکیر للوصول إلى بلورته، فالولایات المتحدة فى قبضة المحافظین الجدد بلغت طوال السنوات الثمانى الماضیة درکاً من الانحدار لم تبلغه من قبل، وأصبح المضی فى السیاسة التی سنها جورج بوش وأتباعه ضربا من الانتحار السیاسى لدولة لم تعد فى نظر الکثیرین عظمى بل نموذجا ساطعا للفشل فی أکثر من معرکة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS