امریکا تحاول الحیلولة دون اتفاق بین عباس و حماس
قسم التحلیل والتعلیق ـــ القسم العربی فی وکالة قدسنا
زیارة وزیرة الخارجیة الأمیرکیة کوندولیزا رایس إلى الشرق الأوسط تشبه باللعب فی الوقت الضائع سواء لجهة تحقیق اختراق فی المفاوضات الفلسطینیة الإسرائیلیة، أو حتى الإعلان عن شیء یرضی من تسمیهم واشنطن نفسها أصحاب التیار المعتدل بالمنطقة.
واشنطن لم یعد لدیها سوى أسابیع وتدخل فی معمعة الانتخابات الرئاسیة، ورئیس وزراء الکیان الصهیونی أولمرت یبحث عن حبل للنجاة من ملفات الفساد التی تلاحقه، فیما ینتظر الرئیس الفلسطینی محمود عباس معجزة من السماء یقدمها دلیلا لشعبه بصحة خیار مفاوضات السلام مع تل أبیب، فیما لا یزال الأمر الواقع فی غزة والضفة الغربیة على حاله دون تغییر.
إن أهم ما یعزز هذه الحالة بکافة بتفاصیلها المتشائمة، هو أن رایس وصلت القدس المحتلة بعد یوم واحد من إعلان السلطات الإسرائیلیة مشروعا لبناء 1300 مسکن فی حی استیطانی جدید بالقدس الشرقیة المحتلة التی یفترض أن تکون ذات یوم عاصمة الدولة الفلسطینیة بحسب رؤیة الرئیس الأمیرکی جورج بوش استنادا إلى خارطة الطریق.
ومن هنا ، تساءل کبیر المفاوضین الفلسطینیین صائب عریقات فی تصریحات صحفیة عن السبب وراء إصرار تل أبیب على استقبال رایس "بالمزید من العطاءات الاستیطانیة" مشیراً إلى أن هذه السیاسة هی التی تشکل العقبة الأساسیة فی طریق المفاوضات بین الجانبین.
وأشار عریقات إلى أن الرئیس ابو مازن سیطلب من رایس أن تتحمل اللجنة الرباعیة الدولیة مسؤولیتها إذا ما أرادت تقدیم فرصة حقیقیة لعملیة السلام، کما سیطلب منها إلزام إسرائیل بالتهدئة فی قطاع غزة.
و وسط کل هذا الطقس الملبد بالغیم والعواصف، یکثر الهمس بأن الزیارة تأتی فی إطار الحصول على تطمینات مباشرة من عباس بعدم قبوله بأی صفقة مع حماس تعیدها إلى دائرة التأثیر السیاسی حتى ولو من باب لا غالب ولا مغلوب.
وفی هذا الإطار قال فوزی برهوم –نائب حرکة حماس بالمجلس التشریعی والناطق الرسمی باسمها- أن الحرکة لا تستبعد أن تکون زیارة رایس للمنطقة تمهیدا لتنفیذ الضوء الأخضر الأمیرکی المعطى سابقا لإسرائیل بضرب قطاع غزة والقضاء على حماس.
کذلک لم یستبعد برهوم أن تکون زیارة رایس فی إطار فرض المزید من الضغوط على عباس لمنعه من بدء المساعی الرامیة لترتیب البیت الداخلی الفلسطینی، کما ألمحت بوادر الانفراج بین الطرفین بعد خطاب عباس الأخیر.
وأشار الناطق الحمساوی ایضاً إلى أن الوزیرة الأمیرکیة -ــ عندما سمعت باحتمال وجود حلحلة لعقدة حماس فتح فی غزة -ــ قالت للرئیس عباس صراحة إنه أمام خیارین إما المفاوضات مع حماس أو إسرائیل.
وهنالک نظریة اخرى لدى بعض المراقبین من ان زیارة تستهدف إدخال قوة عربیة الى غزة بزعامة مصر وهی التی ستحول دوت استمرار حکومة حماس بنشاطها فی غزة وبالتالی ستعد الارضیة المناسبة لعودة السلطة الفلسطینیة الى القطاع .
یعتقد الخبراء والمحللون بتفاصیل أن القاموس السیاسی الأمیرکی مرتبا بحسب الأبجدیة الانتخابیة، و یرون أن زیارة رایس للشرق الأوسط - وهی السادسة منذ مطلع العام الجاری- لن تخرج بالکثیر من التوقعات.
و یعتقد غالبیة المراقبون الامریکیون أنه وحسب المعلومات المتداولة فی واشنطن، فإن رایس تسعى فی زیارتها الحالیة للمنطقة دفع الجانبین الإسرائیلی والفلسطینی للتوصل إلى اتفاق إطار یضع تعریفا ما لحدود الدولة الفلسطینیة لکن دون التعرض لقضایا الحل النهائی.
و یضیف هؤلاء المراقبون : ان هذا الزهد الأمیرکی یعود إلى عوامل عدیدة أهمها انشغال واشنطن بالتعامل مع الملف النووی الإیرانی خلال الأشهر القلیلة المقبلة والتی ستسبق رحیل بوش عن البیت الابیض ، فضلا عن انشغالها بالسجال الانتخابی والتوقعات بشخصیة الرئیس المقبل للبلاد الجمهوری ماکین أو الدیمقراطی أوباما مما یقلل من احتمال أن تحدث زیارة رایس أی خطوة إلى الأمام فی مفاوضات السلام.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS