المقاومة و فرض تهدئة ثانیة
قسم التحلیل و التعلیق فی قدسنا:
الواقع الموجود فی المجتمع الإسرائیلی و ظاهرة تخبط الأحزاب الداخلیة فی مواجهة المقاومة سواء فی المجال الخاص بالتطورات الداخلیة الفلسطینیة أو على الصعید الدولی فإنها تدل علی أن الصواریخ المحلیة الفلسطینیة أصبحت الیوم أداة هامة و رئیسیة فی المعادلات السیاسیة فی الأراضی المحتلة حیث یعتبر تنفیذ إتفاق التهدئة بین اسرائیل و الفصائل الفلسطینیة فی قطاع غزة و الذی دخل حیز التنفیذ منذ الخمیس الماضی ثانی إنتصار للفصائل الفلسطینیة فی خلق نوع ما من توازن القوة مع اسرائیل و الحصول علی تنازلات سیاسیة منها.
و للمرة الأولی فی خریف عام 2006 أی بعد مرور حوالی خمسة أشهر علی إنتصار المقاومة اللبنانیة مقابل الکیان الصهیونی فی حرب " الـ 33 یوما" استطاعت الفصائل الفلسطینیة صنع صواریخ قصیرة المدی و ضرب الأهداف الإسرائیلیة فی داخل عمقها الإستراتیجی فی حین کان العدو الصهیونی کان یعیش أوضاعا هشة و متزلزلة بحیث اضطر عرض مشروع التهدئة و رغم أنه لم یستمر طویلاً الا ان سلاح المقاومة أصبح أداةً سیاسیة خلقت معادلات استراتیجیة جدیدة و استخدم فی الحصول على تنازلات سیاسیة.
و علی أعقاب تصعید القلق الأمنی بشأن إطلاق الصواریخ الفلسطینیة فأن تل أبیب و للمرة الأولى منذ إنشاء الکیان الصهیونی اقترحت موضوع التهدئة کما أن هذه التهدئة و الذی بدأ تنفیذها بعد حوار محمود عباس مع قادة الفصائل الفلسطینیة یعتبر أول تهدئة مفرضة من قبل المقاومة الفلسطینیة منذ بدء النضال المسلح عام 1965.
الکیان الصهیونی الذی اضطر تحت ضغوط الرأی العام بقبول التهدئة فی خریف عام 2006 فإنه و بعد مضی شهر واحد فقط منه شن هجوما عنیفا علی قطاع غزة و إنتهک کافة التزاماته مع السلطة الوطنیة الفلسطینیة فی محاولة للتعویض عن الاذلال بقبوله التهدئة مع حماس عن طریق شن الهجمات العسکریة من جهة و فرض الحصار الإقتصادی من جهة أخری و دخل حماس و الحکومة الناشئة لها فی مرحلة جدیدة من المقاومة و الصمود أمام الإحتلال.
و کانت تل أبیب تسعی تحقیق هدفین من فرض الحصار علی قطاع غزة ،الأول وقف اطلاق الصواریخ الفلسطینیة و الثانی کسر إرادة الشعب الفلسطینی و إخضاعهم لمطالب الکیان الصهیونی الا انه مرعام و نیف علی هذه السیاسة الإسرائیلیة و الأوروبیة و الأمریکیة و بعض الدول العربیة دون أن تنتهی الی أی نتیجة ما بحیث لم تقبل حماس الطلبات السیاسیة لهم بأی إعتراف بإسرائیل کدولة بل و حتی قامت بتطویر مدی صواریخها و التی کانت تدرک فاعلیة هذه الصواریخ علی جانب توازن القوى و قامت بإستهداف مساحة کبیرة من المستوطنات الصهیونیة و التی أثارت إحتجاجات کثیرة فی داخل الحکومة الإسرائیلیة .
فقد أثمر التزام الفصائل الفلسطینیة و منها حرکتی الجهاد الإسلامی و حماس فی إطلاق الصواریخ و صمود الغزیین فی تحمل الحصار المفروض حیث اضطر الکیان الصهیونی بقبول التهدئة للمرة الثانیة منذ قیامه و حسب هذا المشروع الذی یستمر ستة أشهر علی إسرائیل وقف إعتداءاتها علی قطاع غزة و رفع الحصار عن غزه و فتح المعابر المنتهیة الی قطاع غزة مقابل وقف إطلاق الصواریخ الفلسطینیة ضد الأهداف الصهیونیة و رغم محاولة الکیان الصهیونی وضع إطلاق سراح جلعاد شالیط الجندی الأسیر الإسرائیلی فی إطار هذا الإتفاق و لکن إصرار حماس علی استئناف إطلاق الصواریخ فی حال فشل هذا الإتفاق أجبر اسرائیل علی التنازل عن هذا المطلب و یعتبر هذا الإتفاق إنتصارا کبیراً للفصائل الفلسطینیة ومن شأنه أن یصبح رکنا اساسیاً فی تعامل الفلسطینیین مع اسرائیل فی المستقبل.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS