هل تقرع اسرائیل طبول الحرب على ایران
هل تقرع اسرائیل طبول الحرب على ایران ... ؟؟؟
ثمة الکثیر من الرسائل حملتها لغة التهدید الإسرائیلیة لإیران والتی قد بدأت تتُرجم عملیاً بمناورات أجرتها الدولة العبریة فی وقت سابق من الشهر الجاری فوق منطقة شرق البحر المتوسط والیونان، وکشفت عنها صحیفة "نیویورک تایمز". مناورات، بدا فی نظر مسؤولین أمیرکیین تحدثوا للصحیفة، أنها تأتی فی سیاق التحضیر لهجوم محتمل على المنشآت النوویة الإیرانیة. فمن الواضح، بحسب هؤلاء، تشابه أهداف التدریب مع الأهداف النوویة الإیرانیة، إذ إن المروحیّات وطائرات إعادة التزوّد بالوقود التی شارکت فیه، قد حلّقت لمسافة تزید على 900 میل، وهی المسافة نفسها التی تفصل بین إسرائیل ومنشأة تخصیب الیورانیوم فی نتانز ( نطنز ) وسط إیران.
المفارقة أن إسرائیل لم تؤکد أو تنف حصول المناورات، التی أوضح مسؤول رفیع المستوى فی وزارة الدفاع الأمیرکیة أن هدفها الثانی إرسال رسالة واضحة إلى الولایات المتحّدة وغیرها من الدول بأن إسرائیل مستعدّة لعمل عسکری أحادی. بصرف النظر عن المواقف الدولیة وممثلیات ومؤسسات المجتمع الأممی، مما یعنی ان اسرائیل ترید ومن خلال إجراء هذه المناورات اولا وتسریبها للإعلام ثانیا ایصال العدید من الرسائل بهذا الشأن ولعل اول هذه الرسائل موجه اتجاه الإدارة الامریکیة ذاتها والتی ما زالت مترددة اتجاه حسم الملف الإیرانی عسکریا الأمر الذی لا یروق لساسة وحکام تل أبیب حیث انهم یدرکون ان امتلاک ایران للطاقة النوویة من شأنه ان یدخل اسرائیل بصراع وجودی على تزعم زعامة المنطقة وخلخلة موازیین قوى الشرق الأوسط بصرف النظر عن کونه جدیدا ام قدیما الا ان المؤکد ان ایران النوویة وتوابعها بالمنطقة ستؤثر على طبیعة المعلدلة الشرق اوسطیة مما یعنی تقویض النفوذ الإسرائیلی وزعزعة أسس معسکر الإعتدال الرسمی العربی الذی یستمد قوته من تزعم اسرائیل للمنطقة والدعم الأمریکی لمحور الاعتدال بالرأس الإسرائیلی ... وعلى هذا الأساس وحیث ان اسرائیل قد ادرکت ان الدولة الإیرانیة قد باتت قاب قوسین او ادنى ستعبر حلبة الصراع عن زعامة المنطقة وهی التی ظلت محتکرة لهذه المکانة منذ عقود والتی تؤثر برسم سیاسات المنطقة وهی التی تقرر حالة الحرب وحالة السلم ان ارادت وهی من تقرر حالة اللاحرب وحالة اللاسلم وفقا لرغباتها ولحسابات مصالحها وبالتالی مصالح رعاتها ....
ان الدولة العبریة تدرک ان عبور ایران للنادی النووی الدولی سیقوض ارکان المنطقة وفقا لحساباتها ولمقاییس حکام تل أبیب وبتصوری انها تدرک تمام الإدراک ان امریکا ومن وراءها الدول الأوروبیة سیجدون انفسهم مضطرین للتعاطی والتعامل مع الدولة الإیرانیة النوویة على قاعدة تقاطع المصالح وحسابات الربح والخسارة وهو ایضا ما یتوافق والسیاسة الإیرانیة وإدارة ملف مصالحها الإقلیمیة والدولیة ولیس أدل على ذلک سوى ما یجری فی العراق حیث نجد ان ثمة تقاطعا مصلحیا ما بین ایران والإحتلال الأمریکی ... الا ان هذه الحسابات وهذه التقطاعات لا تتوافق والحسابات الإسرائیلیة وعلى هذا الاساس فإن اسرائیل لا یمکن ان تقبل بالدور الإیرانی الجدید فی المنطقة التی سیتأتى وسیسند الیها فی ظل تسویة الملف النووی الإیرانی مما یعنی ان اسرائیل ستکون الخاسر الأکبر من انجاز تسویة ایرانیة دولیة . مما یعنی امکانیة تراجع الدور الإسرائیلی فی المنطقة والتأثیر بشکل او بأخر بتوجهاتها السیاسیة الإستراتیجیة وبالتالی اعادة ترتیب المنطقة وفقا لمعادلة جدیدة تتقاسم فیه ایران جزء من النفوذ الإقلیمی على مختلف الصعد والمستویات وهذا ما لا یمکن ان تقبل فیه اسرائیل حیث انه یتناقض وما ترمی الى تحقیقه السیاسات الإسرائیلیة الإستراتیجیة والهادفة الى ان تکون الدولة العبریة هی الدولة العظمى فی المنطقة والمسیطرة على مفاتیح وقائع معادلاتها ....
وبالعودة الى المناورات الحربیة للطیران الإسرائیلی ومرامیها، وعلى اساس ما تقدم اعتقد ان ثمة ضربة اسرائیلیة من الممکن حدوثها للمنشأت النوویة الإیرانیة ، وهو ایضا ما تؤکدة وقائع السیاسة افسرائیلیة بالظرف الراهن حیث قبول حکومة اولمرت للتهدئة مع حماس فی قطاع غزة واعادة تحریک مفاوضات التسویة مع النظام السوری، والقبول الإسرائیلی بإمکانیة التفاوض مع لبنان ووضع مزارع شبعا بالعهدة الدولیة للأم المتحدة، کل هذه الأمور تؤکد ان اسرائیل تعمل على تبرید کافة الساحات المتوترة ولو مؤقتا. واعتقد ان اولمرت بحاجة بالظرف الراهن لإنجاز سیاسی ما یواجه من خلاله اضطراباته الداخلیة لتعزیز ثقة الجمهور الإسرائیلی بزعامته وبأطروحة کدیما وتصوراتها السیاسیة لإعادة تزعمها للأغلبیة البرلمانیة فی الکنیست بمعنى ان حزب کدیما ومن خلال زعامة اولمرت انما یحاول الثبات بموقعه ویحاول صناعة التاریخ لإسرائیل لعدة اهداف لعل اهمها تسطیر وتسجیل موقف فی السجل الإنجازی لدولة إسرائیل لیُقال بعد ذلک ان ثمة انجازا هنا لأولمرت من الممکن الإستفادة منه لاحقا فی السباق السیاسی الإسرائیلی والذی عادة ما یکون سباقا على حساب الأخرین، وبنفس الوقت وعلى المستوى الإستراتیجی فإن اسرائیل تحاول القول للولایات المتحدة الأمریکیة وللعالم اجمع انها ما زالت وستبقى اللاعب الاساسی فی هذه المنطقة وانها تشکل شرطی الضبط المحوری والفعلی للتوجهات السیاسیة الدولیة والإقلیمیة وانها من تحدد الخطوط الرئیسیة لشکل المنطقة او اعادة ترتیبها بمعنى ان اسرائیل ولیست امریکا فقط من تحدد شکل ترتیب هذه المنطقة.
اعتقد ان المناورات الجویة الإسرائیلیة لها الکثیر من الدلالات والمعانی والتی قد تقترب الى فعل التنفیذ عن قریب بصرف النظر عن النتائج ما بعد الضربات الجویة حیث ان اسرائیل لا تملک ای خیارات اخرى بهذا الملف فأما ان تقبل بمقاسمة ایران لزعامة المنطقة او تدخل معها بحرب تؤدی الى نتائج ووقائع جدیدة تفرض قوانین جدیدة فی ظل تداعیات ومعطیات ایضا جدیدة.
ومن هنا یمکننا القول ان الحکومة الإسرائیلیة تجد نفسها فی مأزق خطیر وحقیقی اتجاه الملف الإیرانی وتداعیاته ومتطلباته وبالتالی من الصعب حسمه عسکریا او من خلال انجاز تسویة سیاسیة معینة.
( للکاتب والباحث الفلسطینی یونس العموری )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS