qodsna.ir qodsna.ir

مصر ومأساة الشعب الفلسطینی

مصر ومأساة الشعب الفلسطینی

 

لم أجد دلیلا واحدا یقنعنی بأسباب موضوعیة تجعل مصر تتنکر للشعب الفلسطینی منذ اتفاقیة کامب دیفید وصولا إلىحقبة الرئیس حسنی مبارک، رحت ابحث فی کل ترکة جمال حمدان الفکریة ـــ کاتب مصری مرموق ــ واحمد بهاء الدین وکل مفکری مصر وکتابها الذین قضوا والمشهود لهم بحبهم لمصر العروبة وانتهاء بما یکتب ویقول به الصحافی الکبیر محمد حسنین هیکل علنی أجد سببا واحدا یقنعنی بحق مصر السادات ومن بعده مبارک فی التنکر لفلسطین الشعب والجغرافیا وحتىفراعنة مصر لم یشیحوا بوجوههم عن فلسطین وبلاد الشام شرقا.

لا یمکن أن تعیش مصر معزولة عن جنوبها فهو شریان الحیاة بالنسبة لها لکن روحها وعقلها معلقان بالمشرق من فلسطین تفاعلت مصر مع حضارات أخرى قد اهتم فراعنة مصر ببلاد الشام والتی تمتد من حدود مصر الشمالیة الشرقیة من فلسطین وحتىحدود بلاد الرافدین شرقا و وقعوا اتفاقیات ومعاهدات مع ملوک بلاد الشام قبل المیلاد من اجل حمایة مصر وأمنها واستقرارها. من الشرق اعتنقت مصر دیانتین شرقیتین المسیحیة والإسلام الأولى من فلسطین والثانیة من جزیرة العرب ومع الشرق کانت تجارتها الرابحة.

جحافل کبار فراعنة مصر تحتمس ورمسیس کانت قبلتهم بلاد الشام للدفاع عن مصر، وحینما خرج ممالیک مصر قطز والظاهر بیبرس للتصدی لموجات التتار والصلیبیین فأنهم کانوا فی النطاق الاستراتیجی لمصر. وحینما حاول غزاة مصر العتاة فی العصر الحدیث أن یدافعوا عن وجودهم فی مصر أدرکوا أن أمنهم فی مصر یقع على شواطئ عکا فی فلسطین. إن هدف قوی الشر الأجنبیة فی زماننا هو إحکام القبضة على مصر وعزلها عن محیطها للاستبداد بها ومنعها من التواصل مع أطراف قوتها ومجالها الحیوی ذلک ما تفعله أمریکا الیوم وما تحلم به إسرائیل. یقول میناحیم بیغن رئیس وزراء إسرائیل الأسبق فی حق مصر: مصر أشبه ما تکون بزجاجة قاعدتها فی أسوان وعنقها فی سیناء، وإسرائیل هی قطعة الفلین التی تنحشر فی عنق الزجاجة مصر لتقفلها وتختم علیها .

هل یقبل ساسة مصر الیوم بان تحشرهم قطعة فلین لتقفل علیهم المنافذ والمجال الحیوی لمصر لتسخیرهم لخدمة مصالح قوی الشر؟

اعرف الأسباب والدوافع التی تقوم بها إسرائیل ضد الشعب الفلسطینی واعرف دوافع الحصار والعزل والأسوار التی تقیمها لکن لا أحد یعلم لماذا مصر العروبة أو ان شئت الفرعونیة تحکم الحصار على الفلسطینیین جنوبا تضامنا مع حصار قطعان المستوطنات أسباط معسکرات الکیبوتس شمالا. الإدارة المصریة تعلن عن فتح معبر رفح المصری الفلسطینی أمام حرکة السفر بین القطرین وقبل أن یفتح تعود لإغلاقه مرة أخرى . إذا فتح فلا یمر منه الا العدد القلیل من أصحاب الحاجة الضروریة کالمرضى مثلا ولیس کلهم اما غیرهم فیکون فی الحدود الدنیا. ما الذی یمنع مصر من ان تسمح بسفر العابرین الفلسطینیین وغیرهم من والى القطاع. مفاوضات یتبعها مفاوضات مع القیادات الفلسطینیة حول معبر رفح. مصر دولة ذات سیادة فلماذا تخضع للهیمنة الصهیونیة على حدودها وترفض فتح حدودها إلا بإشراف عدو مصر الأول ــ إسرائیل ــ وبشهادة من الأوروبیین الذین هم أسباب مآسینا. لماذا مصر العزیزة تنقل کل مواد حائط بارلیف الذی أقامه علی قناة السویس بعد حرب 67 لعزل مصر عن مجالها الحیوی شرقا وتقیمه هی ذاتها وبإرادتها لیکون عازلا بین قطاع غزة ومجالها الحیوی مصر . والحق أن على مصر واجب وطنی مصری فی الأساس هو ان تجعل عقیدتها الإستراتیجیة عدم السماح بإقامة عازل بینها وبین جوارها العربی أیا کان هذا العازل سیاسیا اقتصادیا عسکریا وحتى معنویا.

مصر هذه الأیام تحضر لعقد لقاء مع قیادات من حرکة حماس فی القاهرة للمساومة نیابة عن إسرائیل حول الجندی شلیط المحبوس فی غزة والذی یداه ملطختان بدماء الشعب الفلسطینی مصر تطلب تسلیم الجندی یقابله فتح معبر رفح وبعض الإجراءات حول الأسرى الفلسطینیین الاتجاه یسیر إلى الإفراج عن الجندی المحبوس مقابل الإفراج عن عدد محدود من الأسرى الفلسطینیین لان عباس ورهطه فی رام الله یقولون لبنی صهیون إن إطلاق سراح أسرى فلسطینیین ملطخة أیادیهم بالدماء (تعبیر إسرائیلی) فی صفقة الجندی شلیط مع حماس فهذا یکون شهادة وفاة السلطة (معاریف 7/7/08). الجانب المصری کما تقول وکالات الانباء قدم تعهدات بإبقاء معبر رفح مغلقا حتى یتم الإفراج عن الجندی شلیط

یا للهول!! مصر تتعهد بإبقاء الحدود مع فلسطین الجنوبیة مغلقا لصالح إسرائیل. الأشهر القادمة أشهر دینیة إسلامیة حج وعمرة وموسم إجازات فماذا ستفعل مصر بالفلسطینیین العابرین من والى غزة؟ 

( للدکتور محمد صالح المسفر )

ن/25


| رمز الموضوع: 141056