عدوى الإعلام العربی الرسمی إنتقلت لإسرائیل

عدوى الإعلام العربی الرسمی إنتقلت لإسرائیل

فی الأیام القلیلة الماضیة أجرت ایران مناورات بریة وبحریة ناجحة جربت من خلالها انواع متعددة من الصواریخ التی أطلقتها فی البر والبحر والجو وجاءت هذه المناورات ردّا على مناورات خطیرة

نفذتها اسرائیل فی البحر المتوسط وصولا الى بحرایجة والى الشواطیء الیونانیة الواقعة علیه, استعملت خلالها أکثر من مائة طائرة حدیثة مقاتلة بالإضافة لطائرات ومعدات متطورة أخرى , وذلک استعدادا کما تقول وسائل الإعلام لتوجیه ضربة جویة قاصمة للمنشئات النوویة الایرانیة . بالأمس أدلى وزیر الحرب الإسرائیلی أیهود باراک بتصریحات الغایة منها طمأنة شعبه وإرهاب أعداءه , أکد فیها أن اسرائیل أقوى دولة فی المنطقة وأن أحدا لا یستطیع هزیمتها, أراد باراک أن یحشو ذاکرة الیهود وذاکرة المسلمین والعرب بمقولة (عفى عنها الزمن) أن الجیش الأسرائیلی لا یقهر محاول بذلک ترسیخ هذه المقولة من جدید فی نفوسهم , وفی خطوة غیر معتادة عمد الاعلام الاسرائیلی العسکری الى عرض طائرة تجسس وهی طائرة إنذار من طراز"عیطم" وصفت بالحدیثة والمتطورة جدا مهمتها تتمحور حول الإنذار المبکر والتجسس على العدو وعلى توجیه القوات والطائرات المقاتلة أثناء المعارک .

إذا ما عدنا بذاکرتنا الى الوراء نتذکر أن اسرائیل اعتادت إخفاء قوتها العسکریة والتغطیة علیها  کی تدّعی الضعف والمسکنة فکانت تعلن خشیتها من أعدائها العرب الذین یحیطون بها من الجهات الأربع , لکن الآن یتبتّن لنا أن الإعلام الإسرائیلی الحالی تبادل الأدوار مع إعلامنا العربی الرسمی  السابق الذی اعتدنا سماعه فی النصف الثانی من القرن الماضی, کان حکامنا یتقمصون شخصیة ابو زید الهلالی ولا ینطقون سوى بالعنتریات الزائفة ویحاولون بلا کلل إخافة أعدائنا بالنفخ الکاذب ویضللون شعوبهم بالوهم والإفتراءات وربما فی مرحلة ما , تمکنوا من النجاح فی خداع شعوبهم لبعض الوقت لکنهم بالتأکید فشلوا فی إخافة عدوهم وفی التصدی له لأنه کان کاشفا لحقیقتهم وعالما لإدعاءاتهم الفارغة من کل مضمون , مما إضطرهم فی النهایة الى الإنبطاح أمامه وأمام جمیع أعداء الأمة راجین الحمایة والرضا منهم .

والیوم تلعب اسرائیل الدور الذی لعبته انظمتنا فی (النصف الثانی من القرن الماضی) بعد أن أرعبتها قوة ایران الصاعدة وهالها تحدّیها للغرب بإصرارها على إنجاز مشروعها النووی وعلى تطویر قدراتها التسلیحیة وخاصة صواریخها البالستیة واتخاذ ایران لقرارلاعودة عنه بعدم الخضوع للتهدیدات والابتزازات الامیرکیة والغربیة والاسرائیلیة مهما بلغت حدتها, هذا عدا ما ذاقته اسرائیل من مرارة الهزیمة التی الحقها بها مقاتلی حزب الله عندما شنت حربا عدوانیة على لبنان صیف العام  2006 إضافة لعجزها فی التصدی والتعامل مع صواریخ القسام محلیة الصنع ومع مجاهدی المقاومة الفلسطینیة .

نعیش الآن الزمن الذی ینبأنا بتحول إتجاه الصراع , إن المستقبل أصبح مبشرّا ومفرحا للجماهیر العربیة والمسلمة وموحشا وحزینا لعدونا الإسرائیلی , إن أقوال وأفعال المقاومات التی تقود الجماهیر الفلسطینیة والعربیة والمسلمة ومواقف قادتنا المسلمون والعرب الممانعون تؤکد توجهنا نحو النصر بینما تصرفات قادة أعدائنا لا توحی إلا بالهزیمة . نحن تعلمنا من الماضی الإعلامی لحکامنا أن النفخ الکاذب یعبّرعن وهم کاذب ولا یقود سوى للهزیمة , والإعلام الکاذب یمارسه قادة العدو الحالیون, ویبدو جلیّا أن عدوى الإعلام العربی الرسمی السابق انتقلت الیهم .. فلیبشروا بالهزیمة أو بانبطاح یشبه کثیرا الإنبطاح الذی سبقهم الیه قادة کثر من العرب . هذا ما علمنا إیاه التاریخ.

( المقال بقلم الدکتور عمر عبد الهادی )

ن/25