الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

أمریکا تزداد عنجهیة وتساوم الیمنیین على مستقبل بلدهم

أمریکا تزداد عنجهیة وتساوم الیمنیین على مستقبل بلدهم

 

فی منتصف تسعینات القرن الماضی وفی لقاء جمع الرئیسین، السوری حافظ الأسد والأمریکی بیل کلینتون فی دمشق طلب الرئیس الأمریکی من الرئیس حافظ الأسد أن یطرد قادة فصائل العمل الوطنی الفلسطینی من سوریا، فما کان من الأسد ومع ابتسامة ساخرة سوى قبول الطلب شریطة أن یحملهم السید کلینتون معه على طائرته المتجهة لإسرائیل فی زیارته الرسمیة لها فی الیوم التالی ، وقد أرفق ذلک بتوضیح لکلینتون قال فیه : ' هؤلاء أرغموا على المجیء لسوریا بعد طردهم من وطنهم وان غادروا فسیکون إلى ذالک الوطن ' وقد فهم کلینتون موقف الرئیس وسوریا العربیة من ذلک ولم یعد الطلب حتى نهایة ولایته، لکن الإدارة المحافظة الیوم تکرر ذات الحماقة منذ تسلم بوش الابن سدة الرئاسة فی البیت الأبیض ولا زال الموقف السوری على حاله.

أردت بهذه الواقعة التی استقیتها من مصادر فلسطینیة وسوریة موثوقة أن أقدم لما سأتناوله من تفاصیل حول کل السیاسة الأمریکیة فی المنطقة وخصوصاً ما یتعلق بسیاسة إملاء الشروط تحت التهدید أو تحت الترغیب والتی یمارسها الأمریکیون على مختلف مشاربهم السیاسیة، حیث لا تجد هذه السیاسة من یردعها ویوقفها عند حدود مصالح الأمم والشعوب التی تضررت بعنف جراء تفرد أمریکا بالقطبیة الواحدة وهوس الامبراطویة الکونیة التی تداعب أحلام المحافظین الجدد هناک .

الجدید فیما یخص الیمن والیمنیین أن أمریکا طلبت وعبر سفیرها فی صنعاء إغلاق مکتب حرکة المقاومة الإسلامیة حماس فی الیمن فی مقابل إغلاق ملف تمرد صعدة والحوثیین بالإضافة لمکرمة أخرى تتعلق أیضاً بطی ملف الانفصالیین الجنوبیین على حد تعبیر السفیر المذکور، وکما هو واضح فان الأمریکیین یجیدون إغلاق الملفات تماماً مثل فتحها، ولو راقب المرء بؤر التوتر فی الوطن العربی ومراکز النزاعات المحلیة وغیر ذلک من عوامل الفتنة وضعف المجتمع والدولة فانه سیجد فیها جمیعاً الید الأمریکیة القذرة العابثة بأمن الشعوب کما بمقدراتها الاقتصادیة .

لم تکتف الولایات المتحدة بکل ما فعلته بنا فی العراق والصومال وآخرها فی جیبوتی ، ناهیک عن السودان ولبنان وفلسطین ، ولم یشبع نهمها للسیطرة والنهب فرضها قانون النفط العراقی ولا دستور البلاد الذی کتبه أحد الصهاینة کما یقال، کما لم تکتف بفرض اتفاق أمنی مهین للشعب العراقی وتقنین احتلاله ونهب ثروته النفطیة، کما لم یکفها ما تفعله فی لبنان من تعطیل لمسار المصالحة وشبیهه فی فلسطین وکل مکان تعبث فیه یدها القذرة، لم تکتف بکل هذا، وعلى الرغم من العلاقة الجیدة مع الیمن والتی نعرفها ویعرفها أولی الأمر فی البیت الأبیض، وبرغم التعاون الطیب الذی تبدیه الحکومة الیمنیة مع المطالب الأمریکیة لیس فقط فیما یخص ما یسمى بالإرهاب بل وفی کل المجالات بما فی ذلک علاقاتها العربیة، حیث یقول البعض أن عدم حضور الرئیس الیمنی قمة دمشق کان تجاوباً مع الرغبة الأمریکیة التی عززها الموقف المصری والسعودی ، قلنا برغم ذلک وحساسیة المسألة الفلسطینیة لدى الشعب الیمنی والقیادة الیمنیة تتقدم أمریکا بهکذا طلب تعرف جیداً أن استجابة الحکومة الیمنیة له ستزید الأمور تعقیداً فی الیمن وسیرفضها الشعب الیمنی بأغلبیته الساحقة، إذن ما السر وراء هذا الطلب المسبوق فی دول عربیة أخرى ؟

قبل أن نجیب عن هذا لابد أن نشیر إلى الحافزین اللذان قدمتهما أمریکا لإغواء الیمن على القبول، الأول طی ملف الحوثیین وفی هذه یبرز سؤال خطیر هل لدى الأمریکیین حقاً القدرة على ذلک وان کانت الإجابة نعم فمن أین یأتی ذلک ؟ ألیس هذا معناه أن الأمریکیین یتحکمون فی مستوى الدعم الخارجی المقدم لهؤلاء أو أنهم الممولون الرئیسیون للتمرد؟ أو لیس هذا منطق الأشیاء ؟

وفیما یخص الجنوب وقضیته المفتوحة على غیر احتمال فهل القدرة الأمریکیة على طی ملفه أیضاً تنبع من تصورات وهمیة لدى الإدارة الأمریکیة أم من واقع معاش یشیر إلى ضلوع الأمریکیین فی بعض التحرکات غیر المشروعة بالمعنى الوطنی لقوى جنوبیة لا ترى أبعد من أنوفها ؟

إن إثارة هذه الأسئلة حول الجزرة التی تقدمها أمریکا للیمن یظهر فی أبسط الإجابات وأوزنها منطقاً أن الأمریکیین یمارسون إرهابا على الحکومة الیمنیة ویقدمون لها طلبات تعجیزیة وإذا رفضت هذه الطلبات فالعصا الغلیظة جاهزة، وهی عصا تمس أمن الیمن ومعیشة أهله بما فی ذلک السلم الأهلی الذی تعرضه الولایات المتحدة للخطر بمثل هذه السیاسة الرعناء .

بالعودة للإجابة عن السؤال الجوهری حول أسباب هذا الطلب الأمریکی رغم معرفتها بصعوبة تحقیقه نجتهد فی توضیح ما یلی : أمریکا فشلت فی العراق ولبنان وهی تفشل فی فلسطین، وکذلک خرجت سوریة من عزلتها التی فرضها الإرهاب الأمریکی على الدول الأخرى ، کما تعانی من عجز واضح فی معالجة الملف النووی الإیرانی ، وتحاول عبثاً تضییق الخناق على کل المناوئین لسیاستها عبثاً، ولذلک تقوم بتدویر الزوایا فی أکثر من مکان وتجاه أکثر من معضلة، وهی فی سیاق هذا تجری مناورات فی بعض المواقع اللینة من الجسد العربی کالیمن بسبب مشکلاته الکثیرة وبعض تداعیات حرب العام 1994 الداخلیة، کما أنها لا تزال تتوجع من ضربة المدمرة کول، فماذا تفعل لإحداث بعض الانتصارات الوهمیة فی السیاسة الخارجیة ؟ إنها تستغل الواقع الیمنی لتساوم الیمنیین على مستقبل بلدهم عبر مجسات اختبار کهذه ، فان نجحت کان بها وان لم تنجح فالتعدیل وتدویر الزاویة جاهز وکلنا یعلم أن السیاسة الأمریکیة لا تقوم لا على مبادیء ولا قیم، وقد اکتشف العالم خدعة حقوق الإنسان والحریة والعدالة التی تزعمها سیدة العالم 'الحر' .

إن طلب إغلاق مکتب حماس مهین للحکومة الیمنیة بکل المقاییس ذلک أن الشعب الیمنی بقضه وقضیضه مع فلسطین وشعبها المکافح، والحکومة الیمنیة والرئیس على عبد الله صالح شخصیاً یلتزمون قضیة العرب المرکزیة بشکل لا لبس فیه رغم العلاقة الجیدة مع الأمریکیین، ومن هنا کان الاستهجان والرفض من الناس فی الیمن ناهیک عن الحکومة الیمنیة .

إن ما یلفت الانتباه إلى بعض التناقضات فی السلوک الأمریکی أن هذه الإدارة بالذات هی من دعت قبل فترة وجیزة إلى فتح حوار مع الحوثیین بهدف الوصول إلى تسویة سلمیة فماذا استجد لتطوی صفحتهم الیوم إن قبلت حکومة على صالح إغلاق مکتب حماس بصنعاء ؟

إن العدید من الأسئلة یمکن أن تظهر الیوم نتیجة هذا الطلب ارتباطاً بوقائع وتصرفات أمریکیة سابقة، وقد نجد تفسیراً لکل ذلک فی تلک العنجهیة والاستخفاف بالشعوب والحکومات فی عقلیة راعی البقر الأمریکی ، ونحن نعلم الیوم أن حکام الولایات المتحدة تحت قیادة کبیرهم الأحمق لا یترددون فی الکذب والادعاء کما العدوان إن طابق ذلک هواهم ومصالحهم غیر المشروعة فی الأغلب الأعم .

إن موقف الیمن من الطلب الأمریکی یجب أن یکون واضحاً جداً برفضه وتعنیف صاحبه ، وإذا کانت الظروف لا تسمح بقطع العلاقات مع الأمریکیین ففی أقله استدعاء هذا السفیر لتفسیر الربط بین الطلب وطی ملف الحوثیین والانفصالیین الجنوبیین، ألیس هذا أضعف الإیمان ؟

( بقلم زیاد ابوشاویش )

ن/25


| رمز الموضوع: 141067







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)