qodsna.ir qodsna.ir

شعب الشیطان المختار (1)

 

شعب الشیطان المختار (1)

 عبد الستار قاسم

  

تشتد الهجمات الصهیونیة ضد الشعب الفلسطینی، فتتم محاصرة الناس فی غزة، ویحاربون فی لقمة عیشهم فی نابلس، ویحشرون فی زوایا ضیق العیش فی کل مکان. الصهاینة یضربون الحصار المحکم فلا تدخل أموال ولا أغذیة ولا وقود ولا أدویة، ویغلقون المحال التجاریة، وینسفون البیوت، ویقتلعون الأشجار، ویحرقون المزروعات، ویقتلون المواشی والأغنام، ویعتدون على کل سبل العیش، فیعاقبون الأطفال والرضع والشیوخ والرجال والنساء ویعذبونهم ویحولون حیاتهم إلى جحیم لا یطاق. ولا یتوان الأمریکیون وعملاؤهم الساقطون من الحکام العرب عن مد العون وتقدیم الدعم والإسناد.

فی هذه السلسلة من المقالات القصیرة، أوضح للقارئ العربی الکریم وللمسلم الغیور موجزا عن أخلاق هؤلاء الصهاینة اللئام حتى یفکر کل واحد منا مئات المرات قبل أن یظن خیرا بهم. هم یقولون أن المسلمین متوحشون حاقدون یعشقون الجهالة والظلام، ویحاربون أهل النور والدیمقراطیة والحریة. وهنا سنرى من هو الظلامی الحاقد البائس الاستحواذی الجشع البغیض. لا توجد نیة فی هذه المقالات القصیرة للهجوم على دین معین، وإنما فقط نیة لتوضیح سمات هذا العدو الذی جعل من حیاة الشعب الفلسطینی والعدید من الشعوب العربیة سیمفونیة ألم وحزن متواصلین. نحن نحترم الأدیان، ولا تتکلم الأقلام إلا ضد الذین یؤذون الشعوب ویرون فی أنفسهم سادة على الأمم.

فی قناعة هؤلاء الصهاینة الحاقدین أنهم هم شعب الله المختار، وهم فقط شعبه الوحید، ولا شعب له غیرهم هم. یکررون فی کتبهم الدینیة دائما فکرة شعب الله المختار الذی یفقد الرب ألوهیته فیما لو لم یکونوا. هم فقط من خلق الله، أما الشعوب الأخرى فلا رب لها، ولا إله، وهی شعوب عبارة عن حیوانات بصورة بشر. حسب تنظیرهم، الله یحب الصهاینة فقط، ووجوده مرتبط بهم. إنه یعشقهم وجهوده منصبة تجاههم فقط، وکل أحداث التاریخ تدور حولهم. یقول لهم ربهم: "إیاک قد اختار الرب إلهک لتکون له شعبا أخص من جمیع الشعوب الذین على وجه الأرض. لیس من کونکم أکثر من سائر الشعوب التصق الرب بکم واختارکم لأنکم أقل من سائر الشعوب. بل من محبة الرب إیاکم وحفظه القسم الذی أقسم لآبائکم." (التثنیة، 7: 6-7)

أنظروا کیف أن رب هؤلاء قد قرر الانحیاز منذ البدایة وذلک فی قصة التمییز بین إسماعیل وإسحق، وسارة وهاجر فی الکتاب الذی یقولون عنه أنه من عند ربهم: "ورأت سارة ابن هاجر المصریة الذی ولدته لإبراهیم یمزح، فقالت لإبراهیم اطرد هذه الجاریة وابنها. لأن ابن هذه الجاریة لا یرث مع ابنی اسحق. فقبح الکلام جدا فی عینی إبراهیم لسبب ابنه. فقال الله لإیراهیم لا یقبح فی عینیک من أجل الغلام ومن أجل جاریتک. فی کل ما تقول لک سارة اسمع لقولها. لأنه بإسحق یدعى لک نسل، وابن الجاریة أیضا سأجعله أمة لأنه نسلک." (تکوین، 21: 11-14) واضح هنا أن إبراهیم سیعرف تاریخیا فقط من خلال نسل إسحق ولیس من خلال نسل ابن الجاریة. ویتأکد هذا فی آیة توراتیة أخرى تقول: "فقال خذ ابنک وحیدک الذی تحبه إسحق واذهب إلى أرض المریا وأصعده هناک...." (تکوین، 22: 1)

ظهرت قسوة الرب هذا فی قصة هروب هاجر من وجه سارة بسبب ما کانت تلاقیه من تعذیب واضطهاد: "فوجدها ملاک الرب على عین الماء فی البریة. على العین فی طریق شور. وقال یا هاجر جاریة سارای من أین أتیت وإلى أین تذهبین. فقالت أنا هاربة من وجه مولاتی سارای. فقال لها ملاک الرب ارجعی إلى مولاتک واخضعی تحت یدیها. وقال لها ملاک الرب تکثیرا أکثر نسلک فلا یعد من الکثرة. وقال لها ملاک الرب ها أنت حبلى فتلدین إبنا وتدعینه إسماعیل لأن الرب قد سمع لمذلتک. وإنه سیکون وحشیا یده على کل واحد وید کل واحد علیه. (تکوین، 16: 7-12) 

الرب یسخر قواه لحمایة بنی إسرائیل فیقول: "فقال الرب إنی قد رأیت مذلة شعبی الذی فی مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخریهم. إنی علمت أوجاعهم. فنزلت لأنقذهم من أیدی المصریین وأصعدهم من تلک الأرض إلى أرض جیدة وواسعة، إلى أرض تفیض لبنا وعسلا." (خروج، 3: 6-9) أین نزل هذا الرب؟ الجواب کالتالی: "وظهر له ملاک الرب بلهب نار من وسط علیقة. وإذا العلیقة تتوقد بالنار والعلیقة لم تکن تحترق. فقال موسى أمیل الآن لأنظر هذا المنظر العظیم. لماذا لا تحترق العلیقة, فلما رآى الرب أنه مال لینظر ناداه من وسط العلیقة وقال موسى موسى. فقال هأنذا...." (خروج،3: 3-5)

ویؤکد الرب حصر ألوهیته لبنی إسرائیل عندما یقول: " وأنا أیضا قد سمعت أنین بنی إسرائیل الذین یستعبدهم المصریون وتذکرت عهدی. لذلک قل لبنی إسرائیل أنا الرب وأنا أخرجکم من تحت أثقال المصریین وأنقذکم من عبودیتهم وأخلصکم بذراع ممدودة، وبأحکام عظیمة، وأتخذکم لی شعبا وأکون لکم إلها." (خروج، 6: 4-7)

لأن الرب لا یجد نفسه إلها إلا من خلالهم فإنه یتذلل لبنی إسرائیل. فمثلا یقول: " وقال الرب لموسى حتى متى یهیننی هذا الشعب. وحتى متى لا یصدقوننی  بجمیع الآیات التی عملت فی وسطهم." (عدد، 14: 11) هذا منطقی ما دام الذی کتب هذه الأسطر یجعل الرب خاضعا لمن جعل منه إلها. لولا بنی إسرائیل لما تأله الرب، وعلیه أن یصبر على إهانتهم له إذا أراد أن یبقى إلها.

فی هذا عبرة للفلسطینیین والعرب الذین یظنون أن السلام ممکن مع من یصنعون الآلهة.

ن/25


| رمز الموضوع: 141068