فلسطین تفتقد حیاء القادة
فلسطین تفتقد حیاء القادة
کتب البروفیسورعبد الستار قاسم فی مقال استلمته وکالة قدسنا :
إذا لم تستح فاصنع ما شئت. هذا هو شعار قیادات فلسطینیة کثیرة فی هذه المرحلة التاریخیة السوداء المظلمة السائدة الآن. قیادات فلسطینیة وفصائلیة جرّت الشعب الفلسطینی إلى أتون الأحقاد والبغضاء والکراهیة، وإلى حمام من الدماء النازفة، والأعمال الصبیانیة القاتلة التی تمزق وتضعف، وتدفع الشعب نحو الترهل والاستسلام. قیادات فلسطینیة لا تتقی الله، ولا تتقی قیما إنسانیة أو وطنیة، ولا تمتلک أی معاییر أخلاقیة تحکم تصرفاتها. (لو) جرى نزر بسیط مما یجری فی فلسطین فی مجتمع یحترم نفسه لاستقالت کل القیادات ورحلت.
الدم الفلسطینی ینزف، والاعتقالات المتبادلة على قدم وساق، والاتهامات والطعون مستعرة، والقیادات تتبجح على شاشات التلفاز وتملأ الدنیا کذبا وتضلیلا وتزویرا. قیادات لا تفتقر إلى الحیاء فقط، وإنما لا یساورها أدنى خجل وتردد وهی تکذب وتبیع الناس شعارات فارغة لا یتم تطبیق إلا نقیضها.
أنتم یا حضرات القادة غیر الملهمین تسیئون لهذا الشعب کل یوم، وتلحقون به الذل والعار والمخازی والآلام والأحزان. أنتم تتفوقون فی أعمالکم الشنیعة على الاحتلال الصهیونی البغیض، وتمزقون، وتسببون له مرّ العیش وضیق الحال وظلمة اللیالی. حاول الاحتلال الصهیونی أن یمزق الناس وفشل، وحاول تحطیم بناه الأخلاقیة والاجتماعیة وفشل، وحاول ضرب الأخ بأخیه وفشل، وحاول الضغط بکل الوسائل على الشعب لبیع الوطن وفشل، أما أنتم فنجحتم فی کل هذا بامتیاز. أنتم أکثر کفاءة من الاحتلال فی تحطیم الشعب الفلسطینی وأعظم قدرة من أمریکا وإسرائیل فی قتل الروح الوطنیة وروح الانتماء والتضحیة.
أنتم یا حضرات تتلهون بمصیر هذا الشعب الحزین، وأنتم تتلاعبون بدماء الشهداء وبأنات الأرامل وصراخ الیتامى ودموع الثکلى. أنتم لم تترکوا لنا شیئا مقدسا فدنستم الثرى ونجستم الأطفال وشوهتم آمال شابات فلسطین وشبابها، وتاجرتم بآلام اللاجئین، وخذلتم القدس والحرم الشریف.
هل یعقل أن ننصب الحواجز بأبناء فلسطین لاعتقال شباب فلسطین؟ من هو العاقل فی هذه الأرض المقدسة فیقوم باعتقالات عشوائیة وثأریة وانتقامیة ولمجرد إشفاء الغلیل ضد الطرف الآخر؟ قلتم للشعب إن الدم الفلسطینی خط أحمر، فإذا به خط أکثر بیاضا من البیاض، وقلتم إن خلافاتکم السیاسیة لن تطغى على الحیاة المدنیة للشعب، وأنتم ترون الآن کیف أدخلتم الذعر والخوف والتیه والضیاع فی نفوس الناس وبیوتهم. هل تعلمون ماذا أنتم فاعلون؟ أنتم تخربون، ولا یبدو أن الرشد سیأخذ طریقه إلیکم.
أنتم ألحقتم بنا العار، ووضعتم رؤوسنا فی الأوحال، وخذلتم الأصدقاء، وصنعتم للعدو احتفالات الانتصار. أین نذهب بوجوهنا من العالم، ومن الصدیق قبل العدو؟ أین نتوارى، وفی أی خابیة ندس أنوفنا هربا من لعنات الآخرین؟ لقد جعلتمونا أضحوکة أمام الناس، وصنعتم لشعب فلسطین صورا نشمئز منها النفوس.
حصل انفجار فی غزة قتل فیه عدد من الناس، ومن الاعتیادی أن یتم التحقیق وملاحقة الفاعلین، إنما لماذا الاعتقالات العشوائیة؟ ولماذا تقوم سلطة رام بالاعتقالات المضادة؟ ولماذا تقوم بعد ذلک السلطة فی غزة باعتقال قادة فتح کرد فعل؟ أنتم أیها السادة تتسابقون على عمل الأخطاء. الخطأ لا یُصحح بخطأ.
أیها الشعب الفلسطینی
لقد قمنا دائما من بین الرکام، وقد مرت علینا ظروف قاسیة وأحداث صعبة ومجازر مرعبة، لکننا دائما کنا نلملم جراحنا ونقف على أقدامنا من جدید. فلیعد إلینا صدى الأمجاد، والله سیأخذ بأیدینا. رب العزة لا یخذل الصابرین، وعلینا أن نخرج قوانا من أغمادها لنصحح هذا التاریخ الذی اعوج والتوى وانقلب علینا. نحن أیها الناس سیف قد طال عمره فی الجراب، فلیخرج الآن. أیها الناس: لا أحد یقوّم أوضاعنا إلا نحن، ولا احد یعید الوضع الفلسطینی إلى حالة صحیة إلا الشعب. فلا تخافوا، ولا تحزنوا وأنتم الأعلون. اتقوا الله أیها الناس، ولیرفع کل واحد منا صوته فی مواجهة هذا العهر الدائر على الساحة الفلسطینیة، ولیرفع کل واحد منا یده فی سبیل الله والوطن. انهضوا أیها الناس، وستجدون أمما کثیرة ترفدکم.
أیها الناس
نحن بحاجة إلى حل، ولا أرى أن الحل ممکن فی ظل الاتفاقیات مع الجانب الصهیونی . علینا أن ندرک أن اتفاقنا فیما بیننا له أولویة على کل اتفاق مع أی جهة کانت. بدأت المأساة عام 1988 عندما اعترف المجلس الوطنی الفلسطینی بالکیان الصهیونی، ثم تعمقت بعد مدرید، وأذنت بالاقتتال الداخلی بعد أوسلو. وحتى نتحرر ونصبح أصحاب کلمة حرة لا بد لنا أن نحرر رغیف خبزنا من أیدی أمریکا وإسرائیل. أمریکا وإسرائیل یدفعون الرواتب من أجل السیطرة على قرارنا السیاسی، فهل نذل وننحنی للرواتب أم نبحث عن حلول مالیة واقتصادیة بدیلة لرواتب الموظفین؟ لا تصدقوا الذین یقولون لکم أن لا خیار أمامنا إلا التسول على أبواب البیت الأبیض. الخیارات عدیدة وموجودة. صحیح أن علینا أن نکد ونتعب، لکن لقمة الخبز المغمسة بالعز أسمى وأعظم من کل الأطعمة المغمسة بالذل. وقد سبق أن طرحت العدید من الأفکار، لکن المتقاتلین على الساحة الفلسطینیة لم یعیروا أهمیة.
أمام الوضع القائم، لدی الحل التالی والذی سبق أن طرحته علیکم جمیعا:
أولا: تشکیل مجلس إداری من الخبراء والمختصین والأکادیمیین الفلسطینیین المستقلین الوطنیین لإدارة الحیاة المدنیة والیومیة للشعب الفلسطینی. الشعب الفلسطینی لیس بحاجة إلى حکومة ولا رئاسة، ونحن نخدع أنفسنا عندما نحمّل أنفسنا ألقابا لا تتناسب مع الواقع المؤلم.
أعرّف المستقل بأنه المعروف بانتمائه الوطنی لکنه غیر مرتبط بأی فصیل فلسطینی وأی دولة عربیة أو غیر عربیة.
ثانیا: مهمة المجلس إداریة فقط، ولیست سیاسیة، وله صلاحیة فرض الأمن المدنی. أی أنه یشرف على قوة شرطة لها صلاحیة الإشراف على الأمن الداخلی.
ثالثا: لا علاقة لهذا المجلس بالأمن الوطنی، وتبقى مهمة الأمن الوطنی بید فصائل المقاومة التی تعمل سرا وبدون التدخل إطلاقا فی مجریات الحیاة المدنیة والیومیة الفلسطینیة.
رابعا: على کل الفصائل الفلسطینیة أن تدعم إدارة هذا المجلس إذا طلب الدعم، دون أن یکون لها حق الاعتراض. من شاء منها أن یقاتل فالعدو أمامنا، ومن لم یشأ فله النشاط الاجتماعی.
خامسا: یحضّر المجلس بعد استتباب الأوضاع المدنیة الفلسطینیة لعمل انتخابات إداریة.
سادسا: الجهاز الأمنی الوحید المسموح بوجوده هو جهاز الشرطة التابع مباشرة للمجلس الإداری. نحن لسنا بحاجة إلى أجهزة أمن أو قوة تنفیذیة.
سابعا: ینشط المجلس مع مختلف قوى الشعب الفلسطینی داخل فلسطین وخارج فلسطین لإعادة ترتیب منظمة التحریر الفلسطینیة بطریقة یتمثل فیها الجمیع وفق میثاق تجمع علیه مختلف القوى، والتی تتولى بعد ذلک الإشراف على شؤون الشعب الفلسطینی فی الداخل والخارج بما فی ذلک الشأن السیاسی.
کیف یتشکل المجلس
یتم تخویل فصائل غیر مشارکة بالقتال الداخلی تشکیل هذا المجلس، واختصارا للجهد وتقلیلا للصخب، أقترح أن یتولى فصیل إسلامی وآخر وطنی هذه المهمة بموافقة صریحة وعلنیة من قبل مختلف الفصائل وعلى رأسها حماس وفتح.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS