رسائل سریعة
رسائل سریعة
ما شهدته وتشهده فلسطین هذه الأیام یدمی القلوب، فقد بلغت الأمور حداً زاد من الفرقة والانقسام، ووصلت معها الممارسات درجات خطیرة من انتهاک حقوق المواطن، وباتت المناکفات وردات الفعل سیدة الموقف، وصار الاحتلال شاهداً على ما یجری، بل مساهماً فی زیادة الشقاق.
عشرة أیام مرت على غزة والضفة هی الأسوأ دون شک، وبعیداً عن العواطف التی باتت تحرک الأمور نتوجه بالرسائل العاجلة التالیة:
· الأسبوع الماضی استطاع الباطل أن یضرب وبقوة فکانت الجمعة السوداء التی أطلقت شرارة ما یجری، وهذا یدلل على أن الأیادی السوداء لا زالت تحاول وتجتهد فی زعزعة الأمن والاستقرار الذی نعم به قطاع غزة منذ فرض القانون العام الماضی، وعلیه فإن الیقظة والتأهب مطلوبة من الجمیع
· ردة الفعل فی قطاع غزة من قبل الحکومة والأجهزة الأمنیة کانت عنیفة وجماعیة ولم تفرق بین متهم وبریء، وأصبح الانتماء لحرکة فتح هو السبب الرئیس للاعتقال والمداهمة، وحتى وان کان هناک ما یبرر اتهام قیادات فتح الأوسلویة بسبب ما قامت وتقوم به، إلا أن الانزلاق نحو تلک الممارسات أمر خطیر وغیر مقبول، وهنا نتوجه ونقول:
- لا اعتقال دون مذکرة توقیف
- لا مصادرة لأملاک مهما کانت إلا بقرار محکمة
- لا اقتحام لحرمة المنازل دون اذن نیابة
- الجهة الوحیدة المخولة بحفظ الأمن هی الأجهزة الأمنیة الرسمیة
- لا یحق لأی جناح عسکری مهما کان أن یأخذ الأمور بیده
· ما حدث من اعتقالات فی الضفة دون مبرر وکرد فعل على الاجراءات فی غزة لیس غریباً على من ارتهن للمحتل وأصبح عمیلاً ووکیلاً حصریاً له، تلک الاعتقالات التی طالت نخبة الشعب الفلسطینی من أساتذة ومربین وأئمة وغیرهم، لیطبقوا مقولة عملاء یختطفون علماء، ونقول لو اعتقلتم أضعاف أضعاف هؤلاء لن یحمیکم ذلک من غضبة الشعب یوم یتخلى عنکم المحتل الذی یحمیکم الیوم
· الرسالة الأهم والأخطر هی للحکومة فی غزة، فالخلط بین المواقف الحزبیة والرسمیة أمر خطیر، وتصریح الناطق باسم حماس سامی أبو زهری قبل یومین بأن اعتقال قیادات فتح فی غزة هو أمر اضطراری رداً على اعتقال أبناء حماس فی الضفة، ونتساءل:
- من الذی اعتقل قیادات فتح؟ حماس أم الحکومة
- ما الفرق بین حماس وفتح ان تبادلوا خطف قیاداتهم کردات فعل على ممارسات الآخر
- ان التعامل یکون بأخلاق المتکلم لا بأخلاق خصمه، وإلا أصبحوا "فی الهوا سوا"
- ان هذ الاجراء هو انزلاق خطیر یساوی بین الطرفین، وهو ما تریده قیادات رام الله، فالمساواة بین الطرفین هو انتصار لهم.
- ماذا لو قامت عصابات أوسلو باعدام أحد المختطفین فی الضفة، هل ستقوم حماس بنفس الشیء وتحت مبرر "اجراء اضطراری"؟
· ما وصل من داخل القطاع لا یبشر بخیر، وهنا لا نتحدث عن اشاعات أو أکاذیب تبثها مواقع فئویة وأخرى تدعی الاستقلالیة، لکن من خلال شهادات أناس من قلب الحدث لا نشک فی صدقیتهم، یعیشون فی رعب حقیقی لأنهم ینتمون أو کانوا لحرکة فتح التی اتُهمت جماعیاً، أو یشکون من مصادرة ممتلکاتهم دون وجه حق، وهنا نقول وبوضوح الانتماء لفتح لیس جریمة، والعقاب الجماعی مرفوض، والمتهم بریء حتى تثبت ادانته، وان کان غیر ذلک نکرر ونقول مالفرق بین قیادات وأجهزة غزة والضفة؟
· بالأمس تم التخلص من أحد بؤر الفلتان فی قطاع غزة، وبسرعة کبیرة لم تتعد الساعات، وهو ما یدل على امکانیة حدوث ذلک قبل اسابیع أو أشهر، والسؤال لمن انتفخ وصرّح وأصدر البیانات، ألم تحسبوا میزان القوى حتى تورطوا أهلکم وعائلتکم فی معرکة خاسرة دفاعاً عن الاجرام والمجرمین؟
· عبّاس ومن حوله یتحملون وبشکل شخصی ومباشر نتیجة ما حدث بالأمس، فقد حرضوا وشجعوا ودعموا من تحصن بین المواطنین فی الشجاعیة، وسخّروا أبواقهم الاعلامیة لذلک، واتصل عبّاس شخصیاً بأحمد حلس لیعلن وقوفه معه ویطلب منه عدم الاستسلام، وأصدر الطیب عبد الرحیم بیاناً یطالب"الجماهیر" بالصمود والمواجهة، ناهیک عن أصوات الفتنة التی أقامت فی استودیوهات ما یسمى تلفزیون فلسطین، ورسالتنا لماذا تقوم تلک الزمرة بکل ذلک؟
· بعد أن حُسم الأمر وللأسف الشدید عادت صور التعریة المهینة المذلة وبالملابس الداخلیة الملونة بعد أن فر عدد من الأشخاص نحو المحتل، ورسالتنا هل الاذلال والمهانة للمحتل أمر مقبول ومحبب ومتکرر، أما الالتزام بالقانون واحترامه مرفوض ویستعدی المواجهة والقتال؟
· وأسفاه على من غُرر بهم، فقد تخلى عبّاس وباقی العصابة عن بعض مرتزقته وأحذیته التی أرادها للمناکفات ولأهداف قذرة، فأوعز للمحتل بإعادة من لجؤوا إلیه لأنه لا یریدهم فی الضفة، فهم بالنسبة لهم قاذورات غزة کما صرح أحد قیاداته، وکما حدث على المنصة فی أحدى المناسبات فی الضفة، ورسالتنا لهؤلاء هل ما زلتم تثقون بمن غرر بکم وباعکم وتاجر بدمائکم وعوائلکم؟
· دعوات العودة لغزة على ظهر الدبابات الاسرائیلیة ازدادت وتیرتها مع بیانات اللجنة المرکزیة لحرکة فتح المختطفة، وبیانات اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة التی یسیرها عبد ربه، والتی تحث على اعادة قطاع غزة بأی وسیلة وبأی ثمن، فهل سیقبل شعبنا بعملاء على ظهور الدبابات؟
· ومع تلک الدعوات ارتفعت أصوات نشاز أخرى منها من یطالب باعتبار غزة اقلیم متمرد، ومنها من یطالب بإقصاء حماس من الضفة - رسمیاً! ونتساءل هل هؤلاء یملکون عقولاً فی جماجمهم؟ هلى یمکن لطرف أن یقصی طرفاً آخر مهما استعمل من قوة وبطش؟ وهل نجح من قبروه بصمت فی اجتثاث حماس رغم کل الاجراءات التی اتخذها فی تسعینیات القرن الماضی من خلال قادة أجهزته القمعیة الدمویة؟
بعد اتمام فرض القانون فی غزة یوم أمس، فإن القیادة هناک بحاجة لوقفة مطولة لاعادة تقییم أدائها، وأسلوب ادارتها للأزمات، وتعاملها مع الاعلام، واعادة الحقوق والأمور لنصابها الطبیعی، و وضع النقاط على الحروف فیما یخص الصلاحیات، أما من یثبت تورطه فی أی جریمة، فالمحاکمة والعقوبة والقصاص وضمن القانون هو ما یجب أن ینتظره.
عبّاس ومن معه سقطوا تماماً وباعوا شعبهم وأبناء تنظیمهم بأزهد الأثمان، وهذا لاخلاف فیه أو علیه، لکن حماس ان لم تقف الیوم لتراجع ما تقوم به من اجراءات فی قطاع فزة ستنزلق إلى مربع عبّاس، وتقع فی فخ القمع والبطش، وتتحول إلى أوسلو أمنیة ثانیة بعد مأساة أوسلو الأولى، ولینتصر الباطل على الحق لا قدر الله.
لا خیر فینا إن لم نقلها، ولا خیر فیهم إن لم تسمعوها!
( المقال للدکتور إبراهیم حمّامی )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS