متى ینتهی هذا الفصل الدموی فی العلاقات الفلسطینیة الداخلیة

متى ینتهی هذا الفصل الدموی فی العلاقات الفلسطینیة الداخلیة؟

تسعة شهداء وأکثر من تسعین مصاباً بخلاف عشرات المنازل المدمرة کلیاً أو جزئیاً هی حصیلة اشتباکات أمس بین القوة التنفیذیة تساندها کتائب عز الدین القسام التابعة لحماس ومربع عائلة حلس المدعومة من " فتح " فی حی الشجاعیة المکتظ بالسکان، وأصل التوتر یعود لعملیة مطاردة تقوم بها حرکة حماس لمشبوهین یعتقد أنهم وراء تفجیر یوم الجمعة الذی أودى بحیاة خمسة من کوادر حماس وجرح بعض المواطنین، وتعتقد حماس أن هؤلاء یختبئون فی المربع الأمنی لعائلة حلس بحی الشجاعیة. وتأتی هذه الجولة الجدیدة لتصب الزیت على نار الفتنة المشتعلة وسط أبناء الوطن الواحد منذ عدة سنوات وتعقد سبل الحل والمصالحة.

وسبق أن جرت جولة اعتقالات متبادلة بین غزة والضفة على ذات الخلفیة فی الوقت الذی بدأت فیه مصر بإرسال دعوات الحوار للفصائل الفلسطینیة فی محاولة جدیدة للوصول إلى تهدئة فلسطینیة داخلیة تمهیداً لمصالحة وإصلاح یعید الأمور إلى نصابها المنطقی الذی یخدم القضیة الفلسطینیة والحقوق ویوحد الضفة والقطاع مرة أخرى باعتبار ذلک هو هدف الشعب الفلسطینی الراهن ومربط أمانیه فی الوحدة الوطنیة وتوحید الصف فی مواجهة عدو یبطش بالجمیع ولا یفرق بین فلسطینی وآخر.

ما یجری من معالجات متوترة لبعض الأحداث وفی أعقابها وما یولده ذلک من احتقان وسلوک غیر قانونی ومتسرع من طرفی الخصومة یجعل الحالة أکثر سوءاً وینذر بتراکم قد یوصلنا لطریق مسدود ولا إمکانیة للعودة عنه مهما بذلنا من جهد، الأمر الذی یضع الجمیع ولیس حماس وفتح فی مأزق تاریخی لا فکاک منه سوى بالاستسلام للعدو أو الانتحار.

دائماً توجد إمکانیة لمعالجات أکثر عقلانیة وأفضل نتائجاً لما یقوم به الطرفان وبالأمس ورغم مناشدة کل الفصائل والناس لقیادة القوة التنفیذیة التابعة لوزارة الداخلیة فی حکومة حماس المقالة ومناشدة قیادة هذه الفصائل لقیادة حماس تحدیداً بعدم اقتحام منطقة الشجاعیة لوجود فرصة حل أفضل یمکن من خلالها تسلیم المطلوبین دون إراقة دماء إلا أن الإخوة فی حماس قاموا بما رأیناه ولا یمکن وصفه سوى بالحمق والرعونة وبذلک تم وضع مزید من العقبات والاحتقانات أمام الحوار ومزید من التوتر فی الشارع ، لیس هذا فحسب بل قامت ذات الجهة التنفیذیة بإغلاق إذاعة صوت الشعب التابعة للجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین رغم مناشدات جمیع الفصائل الوطنیة ومؤسسات المجتمع المدنی بالعودة عن ذلک الأمر الذی یرفع عنها غطاء الشرعیة التی تزعمها لفرض القانون الذی تضرب به عرض الحائط.

لقد انتقدنا سلوکیات حرکة فتح والسلطة فی رام الله تجاه اعتقالات واغلاقات طالت مناضلین وطنیین ومؤسسات وطنیة، وانتقدنا أیضاً مفاوضات السلطة العبثیة مع العدو وطالبنا بوقفها، وحددنا موقفاً شدید الوضوح تجاه الفساد وکل ما یتعلق بالمرحلة السابقة وطالبنا بإصلاح الأمور على کل الأصعدة بما فی ذلک منح الفرصة لحماس للمشارکة فی القرار السیاسی واحترام نتائج الانتخابات التی جرت قبل عامین، لکننا لم نقدم لحرکة حماس تفویضاً بسلوک مشابه لما احتجت علیه واعتبرت حسمها العسکری الانقلابی للرد علیه أمراً شرعیاً وضروریاً، لأنه لا یمکن فهم أو قبول المبررات التی سیقت لمهاجمة حی الشجاعیة ولا لاعتقالات طالت قیادات وکوادر بریئة من حرکة " فتح " فی الوقت الذی تعترض فیه حماس على اعتقالات طالت مناصریها وأعضاءها وبعض قیادییها فی الضفة الغربیة وهم أبریاء.

التوازن مطلوب من حماس تماماً کما طلبناه من فتح والسلطة الوطنیة فی رام الله، وقلنا أنه " لا تزر وازرة وزر أخرى "، فکیف نعید وحدتنا ونحن محکومین بعقلیة رد الفعل وانعدام الثقة؟.

نحن ندفع من رصیدنا بغض النظر عن النوایا، والنتائج ستکون کارثیة إن لم یتوقف النزیف الیوم قبل الغد، ولیس من المنطق أو حسن التصرف أن نجد المبرر لعلاقات طیبة مع العدو أو تهدئة معه ونحن لا نفعل ذات الأمر مع الأخ والشقیق وشریک الدم والمصیر.

یجب أن تقر حماس بالخطأ وتتراجع عنه إن کانت صادقة فیما تدعیه من حرص على وحدة الصف. لقد أصدر الأخ محمود عباس رئیس السلطة الوطنیة الفلسطینیة قراراً بالإفراج عن المعتقلین من حماس وعدم المس بأی بریء تحت أی مبرر فلم لا تفعل قیادة حماس ذات الأمر ویصدر الأخ مشعل أو هنیة أو المعنی بالقرار فی حماس ذات الأمر لجماعته وننتهی من هذا الفصل الدموی؟.

( بقلم زیاد ابوشاویش )

ن/25