مخجل ومعیب ما یجری فی الساحة الفلسطینیة

مخجل ومعیب ما یجری فی الساحة الفلسطینیة

 مخجل هذا الذی نشاهده على الفضائیات، معیب ومقزز ویبعث على الغثیان، ومخز هذا الذی یحدث على الأرض وکل هذا القتل والتدمیر والتجاوز الفج لکل المحرمات، ولا یمکن فهمه إلا على أساس أن الأطراف الفلسطینیة فقدت البوصلة وأصابها نوع من فقدان البصر والبصیرة بحیث صارت تمارس ما لا یمکن قبوله، ولا یمکن أن نفهمه سوى على انه نوع من الضربات القاتلة التی تروم القضاء على المشروع الوطنی الفلسطینی، وهو قفز على کل الثوابت التی طالما تم الحدیث عنها بدون توقف، وثبت أن کل ما کان یجری من حدیث فی هذا السیاق لم یکن سوى جعجعة فارغة یقصد من وراءها التعمیة على شهوة غیر مبررة لسلطة فارغة ولا وجود لها على ارض الواقع،.

هذا الذی یجری على الأرض تحطیم لکل الخطوط الحمراء التی طالما تم تحدیدها والتنظیر لها والحدیث عنها والمزایدة علیها، وهو کذلک استسهال واسترخاص للدم الفلسطینی وهدر لکرامة الوطن والمواطن، وهو أیضا إساءة لا یمکن أن نفهمها على أنها عفویة للقضیة الفلسطینیة بکل تاریخها المشرق والعزیز والملیء بالمحطات المضیئة التی تدعو على الفخر والاعتزاز، ما یجری على الأرض فیه الکثیر من الإساءة لدم الشهداء ومعاناة الجرحى وعذابات الأسرى الذین یرزحون فی سجون الاحتلال.

کیف یمکن أن نصدق أحادیثکم عن المقاومة والثورة والتحریر بعد کل هذا الذی یحدث، وکیف نصدق الشعارات التی ترفع من أی کان عن الوطنیة والشفافیة والحریة وعن الإصلاح ونشر الفضیلة والقضاء على الفساد والرذیلة، وکیف لنا أن نصدق ما یقال عن شرف  ونظافة سلاح المقاومة، وان هذا السلاح وجد فقط من اجل محاربة المحتل ومقاومة الاحتلال، وماذا أبقیتم لقوات الاحتلال التی تتمترس على بعد عشرات أو مئات الأمتار منکم  تتفرج منتشیة سعیدة لکل هذا الذی تقومون به من تجاوز لکل ما کنتم تقولون بأنه مقدس، نعم ما کنتم تقولون، لان ما تفعله أیدیکم لا علاقة له بما کنتم تقولون، ولا علاقة له بما کنا نسمع من دجل وتزویر وکذب،کیف نصدق بعد کل هذا الذی یجری أنکم تؤمنون بمقدسات، وأنکم تدافعون عن قضیة تقولون بأنها مقدسة، ما تقومون به لا علاقة له بأی قدسیة ولا علاقة له بفلسطین ولا بشرف السلاح ولا بمقاومة الاحتلال ولا بکل القیم والمبادئ والأخلاقیات التی أتخمتمونا حدیثا عنها.

غریب امر هؤلاء السادة الذین یدعون انهم قادة لهذا الشعب فی شطری الوطن، کیف یمکن ان یتم اعتقال الناس بهذا الشکل المخجل لمجرد انهم عناصر فی هذا التنظیم او ذاک التنظیم، هؤلاء الذین تقومون باعتقالهم مقاومون ومناضلون ولیس اعضاء فی عصابات اجرامیة، الا یکفی آلاف الاسرى  فی سجون الاحتلال، ام انکم سوف تلعبون لعبة التفاوض وتبادل الاسرى فیما بینکم وکأن من تعتقلونهم هم من الوحدات الخاصة الاسرائیلیة او من قوات المستعربین، من الواضح انکم فقدتم البوصلة بعد ان فقدتم التوازن والحکمة والمنطق.

من یلاحظکم على شاشات الفضائیات التی استطابت هذا الذی تقومون به، لا یمکن بحال من الاحوال ان یعتقد انکم ابناء قضیة واحدة وابناء شعب واحد، یبدو ان العداء الذی یکنه الفلسطینی لاخیه الفلسطینی اصبح اکثر عمقا من ذاک العداء الموجود فی الصدور ضد العدو الاساسی، نستغرب هذا الذی یجری ویغلی الدم فی عروقنا ونحن "نتفرج" على ما تقومون به، ونتمنى الا تاتی اللحظة التی تصبح فیها دولة الکیان هی الوسیط من اجل اصلاح ذات بینکم.

فی الاشتباکات التی وقعت فی الاردن خلال تواجد المنظمات الفلسطینیة هناک فی بدایة السبعینات من القرن الماضی اضطر عدد من المقاتلین ان یفروا الى اسرائیل، وکانت الهجمة على الاردن فی حینه من اسوا ما سمعنا وقرانا، ترى ماذا یمکن القول الآن، ام ان ما کان فی الاعوام الغابرة حراما ومرفوضا وما تم قوله عن الاردن فی حینه کان صحیحا ومبررا، وما یحدث الآن اصبح حلالا على ایدی رفاق السلاح بعد ان کان ممنوعا على الغیر، ماذا یمکن القول عن هذه اللحظة التی اضطر  فیها اعضاء من عائلة حلس للاتجاه نحو اسرائیل، هل هنالک اسوا مما حصل، أو لم یکن ابو ماهر حلس مثالا للوطنیة والطهارة فی الماضی القریب، کیف اذا یتحول الى مطلوب وطرید، وهل یتحول الانسان من النقیض الى النقیض هکذا لاننا نرغب فی ذلک، الموضوع لیس کما سمعنا البارحة من احدهم وهو یقول فیما یتعلق بلجوء بعض افراد عائلة حلس الى اسرائیل " هذا شانهم"، لا یا سیدی هذا لیس شانهم، هم اضطروا الى الفرار من نیران الحقد التی تم توجیهها بدون رحمة تجاه الحی الذی هوجم، هذا الذی یجری معیب بکل المقاییس ولا یمکن قبوله.

هذا الذی یجری فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة أمام العالم لا یمکن أن نفهمه سوى على انه تدمیر لکل انجازات الشعب الفلسطینی وتضحیاته على مدى قرن من الزمان. ولا یمکن أن نفهمه سوى على انه جزء من مؤامرة على القضیة الفلسطینیة تهدف فیما تهدف إلى عزوف العالم عن التضامن مع القضیة وأبنائها واستسهال رؤیة قوات الاحتلال وهی تفتک بکل شیء فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة.

نتساءل هنا ونسأل الذین یقومون بهذا الذی یقومون به، ماذا یمکن أن یقوله هؤلاء الذین ذهبوا بعیدا فی غیهم فی تبریراتهم لهذا الذی یجری؟ وما الذی یمکن أن یقوله هؤلاء الذین استسهلوا توجیه سلاحهم نحو صدور بعضهم البعض لأطفالهم؟ وکیف یجرؤون على النظر فی عیون أطفالهم أو عیون أطفال من کانوا سببا فی فقدانهم لآبائهم أو أمهاتهم أو إعاقتهم أو تشوهات أجسادهم الغضة؟ وهل ستنامون لیلکم الطویل هکذا وکأن شیئا لم یکن، أم ترى ستحدثون أطفالکم عن بطولاتکم فی صولات وجولات قتال رفاقکم بالسلاح؟

أیها المتقاتلون على سراب سلطة باهتة مخصیة، نحن براء منکم ونحن نکفر بکم ولا نثق بکم ولا بسلاحکم ولا بکل شعاراتکم الزائفة عن طهارة السلاح، نحن لسنا بحاجة إلى سلاحکم بعد أن لوثتموه بدم أطفالنا وحرائرنا وشیوخنا، أیها المتقاتلون على وهم سلطة بلا وجود لسنا بحاجة إلیکم، اترکوا أطفالنا یعیشون بعیدا عن وساخات سلاحکم، إن ما تقومون به لا علاقة له بفلسطین ولا بالمقاومة،   انتم لیس منا ونحن لیس منکم، ما تقومون به عار على القضیة، ولا بد من تذکیرکم بان هناک تاریخ یسجل فهلا استفقتم؟

( بقلم الکاتب والصحفی من بیت لحم رشید شاهین )

ن/25