الى أین ولماذا الاقتتال الداخلی الفلسطینی
الى أین ولماذا الاقتتال الداخلی الفلسطینی ؟
قسم التحلیل والتعلیق فی القسم العربی فی وکالة قدسنا
کان متوقعاً أن یستکمل الفلسطینیون أنفسهم التهدئة بینهم ویقومون بإصلاح الامور حسب القول " الاصلاح بین الاخوة اولى " . فالکل یعلم او بالاحرى یقر الجمیع ان ما یتعانیه بلدان الشرق الاوسط ن مشاکل داخلیة هی بسبب تحریضات الکیان الصهیونی الذی یحاول بث الفرقة بین أبناء الشعب الواحد وبین الشعوب.
ولقد کثر المبادرات ولم تنقص، و ازدادت المشاریع ولم تقل ، وتعددت الأطراف الجاهزة للوساطة ولم تتراجع ، ومع ذلک کله اشتد الصراع الفلسطینى – الفلسطینی.
حماس فى غزة تحاول إلغاء فتح. وفتح الضفة تحاول إلغاء حماس. ومع ذلک یتمسک الطرفان باستعدادهما للدخول فى حوار وطنى یعید اللحمة.. ولکن تناسى الجانبان المؤامرات التی یحیکها العدو المحتل الذی أصبح المتفرج الوحید على الصراع الفلسطینی ــ الفلسطینی منذ زمن ..
کانت میزة الحرکة الوطنیة الفلسطینیة حتى أول انتخابات دیمقراطیة هى وجود ضوابط دائمة للعلاقة بین طرفین سائد ومعارض.
هذه العلاقة المعقدة، لکن المفیدة، انتهت عندما بدأ الفلسطینیون یحتکمون لصنادیق الاقتراع. وکأن الفوزفی الانتخابات یسمح للمنتصر بشطب المهزوم الذى ینتظر بدوره - إذا انتظر- شطب المنتصر فى دورة لاحقة.
انسحبت إسرائیل من غزة کى تتخلص من عبئها الدیموغرافى فإذا باستلام حماس الحکم فیها یکاد یخلصها من عبئها السیاسى والوطنی.
نظام فتح فى الضفة هو حصیلة کل نضالات الفلسطینیین فى دول الطوق، وحصیلة الانتفاضة الأولى، التى لا یتذکرها کثیرون.
نظام فتح فى الضفة هو الأمل الذى کان بأن السلطة الوطنیة کبقعة الزیت التى ستتوسع لتستعید أراضى 1967 کلها.
ولأن الإسرائیلى کانت لدیه حسابات أخرى لبقعة الزیت نفسها تحوّلت أرض السلطة الوطنیة الفلسطینیة إلى موقع مواجهة مع الزعیم الفلسطینى الراحل أبو عمار.
وعندما وجد أبو عمار أن مسیرة التحول إلى سلطة سحبت الکثیر من حیویة فتح المقاومة لم یتردد فى استعمال المقاومة المعارضة الإسلامیة، فى مقاومته السلمیة.
الیوم تستکمل فتح فى الضفة إنهاء کل هذا التراث مثلما تستکمل حماس فى غزة إنهاء تراثها.
أطراف المُحاور العربى التى استنزفت الفلسطینیین یقولون لهم الیوم إن وحدتهم هى السبیل إلى استعادة قوتهم. لکن لا یبدو أن هؤلاء یستمعون الیهم مثلما استمعوا عندما کان المطلوب.. الانفصال.
الصورة الفلسطینیة تنذر الیوم بما هو أسوأ من انقسام داخلى بین خیارین سیاسیین وبین مجالین جغرافیین یعطیهما ویفصل بینهما احتلال متعدد الأشکال والمشاریع.
أخبار الداخل الفلسطینى والاقتتال تفید بأن المجتمع الفلسطینى یسیر نحو تطرفین انتجهما سوء سلوک حرکتى فتح وحماس اللتین تحولتا إلى ظاهرة مثیرة للقلق، فیما یجرى فى الضفة وغزة یمثل نهایة جدیدة لفکرة التعایش بین تیارین فلسطینیین متعارضین، استهلکا على مدى السنوات القلیلة الماضیة جمیع أشکال الوساطات العربیة والإسلامیة والدولیة، ووصلا إلى حدّ القطیعة التى تعنى عملیاً فکّ الارتباط التام بین جناحى الدولة المفترضة، وفقدان الصلة العضویة مع الجمهور الفلسطینى الموزّع فى مختلف المنافى والذى حمل لواء القضیة طوال نصف قرن، قبل أن یعیدهما إلى الداخل لتستکمل مسیرة مضنیة من النضال.
فى ظلّ الصراع الدامى بین فتح وحماس، تزول القضیة الفلسطینیة، وتظهر معضلة فلسطینیة تختلف عن کل ما عرفه الفلسطینیون والعرب من قبل..
و الادمى والاقسى من کل هذا هو أن الشعب الفلسطینی أصبح یواجه أخیه العدو قبل عدوه اللدود و شعوب المنطقة أصبحت تواجه هم الاقتتال الفلسطینی الداخلی قبیل التفکیر بالعدو المشترک وللأسف .
ن/25