غزوة الشجاعیة، الغنائم والعار وأشیاء اخرى
غزوة الشجاعیة، الغنائم والعار وأشیاء اخرى
لماذا غزوة الشجاعیة؟ فی الحقیقة لان ذلک یذکرنا بتدمیر مرکز التجارة العالمی فیما صار یعرف باحداث ایلول عندما خرج علینا الشیخ اسامة بن لادن الحلیف الاسترتیجی لامیرکا لیسمیها "غزوة منهاتن"، ونعتقد بان لا احد یجهل حجم الدمار والاساءة الذی الحقته تلک "الغزوة" بالعرب والمسلمین فی العالم، وکیف انها کانت سببا لاحتلال افغانستان والعراق وتغول امیرکا على العالم وانسیاق القادة من العربان وراء السید الامیرکی، فهل تکون النتائج التی ستتمخض عن "غزوة الشجاعیة" شبیهة بتلک التی کانت على إثر منهاتن ولا تزال؟
برغم کل المحاولات التی بذلنا لکی نفهم المقاصد والاسباب الحقیقیة وراء عرض صور السلاح والعتاد التی تم بثها عبر فضائیة الاقصى التابعة لحرکة حماس إلا اننا لم نستطع الوصول الى سبب واحد مقنع بغض النظر عما قاله کل الناطقین بلسان حرکة حماس، وهنا لا بد من التأکید باننی شخصیا لست کثیر الاقتناع بان هذه الاسلحة بالضرورة تمت مصادرتها من حی الشجاعیة کما قیل، والسؤال هو لماذا لا تکون هذه الأسلحة مملوکة لحرکة حماس أو الحکومة المقالة؟، خاصة وان المسالة لیست فی غایة الصعوبة ویمکن عمل ذلک ببساطة وبسهولة وتلفیق الخبر وهذا یحدث فی کل الدنیا کما اننی لست ملزما تصدیق روایة حماس فی هذا السیاق.
نحن لا نرغب بتکذیب الروایة لاننا نرغب فی التجنی على حماس او ان نتهمها بالکذب، لکن لا یزال یحضرنا هنا التفجیر الذی وقع قبل فترة سنتین تقریبا فی قطاع غزة خلال احد العروض العسکریة التی قامت بها الحرکة والذی کان تفجیرا داخلیا او بالخطأ، وخرج علینا من خرج من السادة الناطقین باسم حماس بقصة مختلفة تماما، وقال مؤکدا وغیره من قادة حرکة حماس بان الانفجار کان نتیجة قصف طائرة اسرائیلیة وثبت فیما بعد بان هذه الروایة کانت غیر صحیحة وقیل بانه تم اعتماد من قتل فی ذلک الحادث ک "شهداء".
اعتقد بان هذا العرض الذی تم بثه على فضائیة الاقصى ونقلته شاشات التلفزة العالمیة لم یکن سوى محاولة لتبریر "المجزرة" التی قامت بها حرکة حماس – هل هو الاحساس بالذنب- وعندما نقول مجزرة فاننا نعنی ما نقول وهی مجزرة بکل المعاییر لم تقتل فقط تسعة او عشرة من ابناء القطاع بغض النظر لمن یتبعون وهی لم تجرح فقط ما یقارب المئة منهم ایضا بل لأنها شرعنت الکثیر من المسائل التی کانت ولغایة "الغزوة" غیر موجودة فی الساحة الفلسطینیة، فهذه المجرزة کانت وراء سابقة أو حدث جدید فی الساحة الفسطینیة ویحدث للمرة الاولى منذ احتلال بقیة الاراضی الفلسطینیة عام 1967 هذا ان لم تکن المرة الاولى منذ کانت هذه القضیة،- حدث العام الماضی فی الرابع من حزیران ربما بضجیج أقل وکانت حماس ایضا سببه- هذا الحدث الذی نتمنى الا یتحول الى ظاهرة وهو هروب الفلسطینی من اخیه الفلسطینی باتجاه الاعداء إلا إذا اصبح هؤلاء ضمن تصنیف آخر، ان یضطر الفلسطینی الى اللجوء الى الاعداء من اجل حمایته من رفاق سلاحه بتقدیرنا هو الدرک والحضیض الذی لم یخطر على بال أحد.
کیف لنا ان نفهم کل ما وجه من تهم وتهجم وإدانة للبنان والجیش اللبنانی بسبب ما جرى من هجوم وتدمیر وقتل فی مخیم نهر البارد فی شمال لبنان لان عصابة من الخارجین على القانون یتسترون بالاسلام کانوا قد احتموا به وهم یعلمون بان المخیم سوف یدمر على رؤوسهم ورؤوس اهل المخیم، وهل الهجوم على الشجاعیة یختلف عن الهجوم على نهر البارد وما الفرق سوى ان الفترة کانت اقل وعدد الضحایا ربما اقل برغم ان هذا العدد اذا ما قورن بقصر الفترة التی سقطوا خلالها فی الشجاعیة مقارنة مع طول فترة حصار نهر البارد فانه یعتبر کبیر جدا، لکن ماذا لو استطاع اهل الحی او عائلة حلس الصمود هل کنا سنشاهد حصارا طویلا مماثلا لحصار نهر البارد ومن ثم لا نجد الشجاعیة مثلما لم نجد نهر البارد، کان من الممکن لهذا الحی ان یختفی لو ان فترة المواجهة طالت. ثم کیف لحرکة حماس ان تبرر قتل وجرح کل هذا العدد من الناس فی بحثها عمن قام او قاموا بتفجیر الشاطیء کما تقول، وهل بالقتل والمزید من الدمار تعالج المسائل؟
ان تکون حرکة حماس سببا فی هجرة الناس او تشتیتهم ولجوءهم الى الضفة الغربیة فهذه سابقة لم تحدث ابدا، اما الحدیث الناعم الذی سمعناه من حماس عن ان هذا وطن الجمیع وانهم یرحبون بعودة کل من غادر القطاع ومن ثم اعتقالهم بعد العودة فهذا فخ وخداع غیر مقبول عدا عن انه لا ینسجم مع الاخلاق العربیة حتى لا نقول الاسلامیة التی تنطلق منها حماس.
هذا اولا واما ثانیا فان عملیة العرض للسلاح التی شاهدنا وکانها من غنائم "غزوة الشجاعیة" اساءت للقضیة الفسطینیة اکثر مما اعتقد من کان وراء ذلک العرض "الفرجة"، حیث انها اکدت ما یتم تردیده من قبل اسرائیل عادة من ان قطاع غزة غابة للسلاح وان الفلسطینی هو من یهدد الاسرائیلی وان کل ما تقوله عن تهریب للسلاح وان سبب الحصار المفروض على القطاع هو من اجل منع ذلک صار قولا مؤکدا وصحیحا، هذا العرض او "الفرجة" سوف یضر لیس بالفلسطینییین فقط لا بل وحتى بمصر المتهمة ایضا بتسهیل تهریب السلاح. ثم الم یکن هذا السلاح هو نفسه الذی استخدم فی التصدی لاجتیاحات الاحتلال المتکررة هذا على افتراض انه تمت مصادرته فعلا، وهل کان بالامس سلاحا مقاوما وتحول هکذا بقدرة قادر الى سلاح مشبوه؟. وما الذی یختلف فی مصادرة هذا السلاح عما تقوم به "سلطة عباس" کما تسمیها حرکة حماس، أو لیس هذه أحد القضایا التی تزاید بها حماس على "سلطة محمود عباس وسلام فیاض" وهل وجود السلاح فی منطقة محتلة شیء غریب؟ او لیس من المفروض ان یوجد سلاح فی أی منطقة محتلة ترغب فی الحریة والاستقلال؟ ولماذا یتم الافتراض الآن بان هذا السلاح غیر شرعی وانه موجه لسلطة حماس؟
إن من السهل توجیه الاتهامات وتخوین الآخر لکن لا نعتقد بان هذه هی الطریقة المثلى التی تتم من خلالها معالجة الامور، کما ان الهیبة وفرض سیادة القانون – وهنا لا بد من التذکیر مرة أخرى بان هذا الشعار الذی رفعه فیاض وکان مرفوضا من حماس- لا تتم من خلال اراقة الدماء، قد یحدث هدوء فی هذه المنطقة لکنه لن یکون الهدوء الذی تبغیه حماس بل هو الهدوء الناتج عن الخوف والرعب الذی تم بثه فی قلوب الناس وهم لن یترددوا فی الثورة فی اللحظة المناسبة وعندذاک ستکون الامور اکثر کارثیة وسیکون الوضع مفجعا إلى الحد الذی یصعب تصوره.
معالجة الاحداث بعد حادثة التفجیر على الشاطیء سواء فی الضفة الغربیة او فی القطاع لا یمکن ان تکون من خلال کل الاجراءات التی شهدناها ، وقد کان على السلطة الفلسطینیة ان لا تبادر الى اعتقال اعضاء حماس فی الضفة الغربیة وکان على العقلاء فی حرکة فتح ان لا ینجروا الى مثل هذه الخطوة لان هؤلاء لا ذنب لهم، واعتقالهم کان غیر مفید ولم یکن لیساعد على وضع حد لما هو جار فی القطاع، وکان على السلطة وفتح ان لا تنجرا الى ذلک خاصة وان هناک اجماعا فلسطینیا على ان کل ما جرى ویجری هو مرفوض ولا یمکن قبوله.
کنا نتمنى ان یقتصر الامر على منع سفر ومن ثم اعتقال أبرز القادة فی حرکة فتح عضو اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة الدکتور زکریا الاغا والمناضل إبراهیم أبو النجا بعد أن تم إغلاق ومصادرة محتویات عشرات الجمعیات والمؤسسات التابعة لفتح ومکاتب فدا واغلاق إذاعة الشعب التابعة للجبهة الشعبیة واعتقال المئات من عناصر حرکة فتح وکوادرها، لکن ان تصل الامور الى الحد الذی یستباح فیه الدم الفلسطینی بهذه الصورة فهذا ما لا یمکن القبول به برغم اننا ضد أی عتقال او منع للسفر لای کان على خلفیة سیاسیة فهذه حقوق لا یجب استلابها من ای مواطن بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معه من الناحیة السیاسیة.
ان تقول حماس تبریرا لما تقوم به بانه کان ردا على ما جرى فی الضفة من اعتقالات فهذا مرفوض ومسیء ذلک ان حماس هی التی ابتدأت باعتقال کل من له علاقة بفتح بعد التفجیر الاجرامی ومقتل واصابة العشرات، التبریر مسیء لیس فقط لحماس لکن لکل المسالة الفلسطینیة برمتها، ونعتقد بان ما جرى خلال الفترة الماضیة سواء فی أحداث الأسبوع الماضی او خلال العامین الماضیین انما یقع تحت بند الجریمة والاساءة للقضیة الفلسطینیة، ومن هنا فاننا ندعوا الى محاسبة کل من هو مسؤو ل عن الاساءة والضرر المعنوی والنفسی والاساءة للقضیة الفلسطینیة، وندعوا الهیئات الحقوقیة الى فتح ابوابها من اجل استقبال شکاوى تحت هذا العنوان او ای عنوان تجده مناسبا، حیث ان هنالک متضررین کثر سواء من ابناء او عائلة او اقارب او اصدقاء کل من تم اعتقاله او اصابته او قتله او تدمیر ممتلکاته، ونعتقد بانه لا بد من توثیق کل هذه الشکاوی وملاحقة کل من تسبب بضرر معنوی او مادی لحق بالافراد او بالمؤسسسات او بالقضیة الفلسطینیة بشکل عام، وبغض النظر عمن کان وراء هذا الضرر.
أخیرا فإننا نعتقد بأن ما تقوم به حرکتی حماس و فتح ممثلة بالسلطة یعصف بالقضیة الفلسطینیة ویضعها على کف عفریت، ومن هنا فان على العقلاء فی الحرکتین لوضع حد لحالة العداء التی اضرت بالقضیة الفلسطینیة بالغ الضرر خاصة وان هذه القضیة هی ملک للشعب الفلسطینی ولیست ملکا خاصا لهذا الفصیل او ذاک کما ندعو بقیة الفصائل والمؤسسات الاهلیة والحقوقیة والجماهیر الى رفع وتیرة احتجاجها من اجل اجبار الفصیلین على وضع حد لهذه المهزلة ولکل هذا الذی یحدث فی الساحة الفلسطینیة.
( بقلم الکاتب والصحفی الفلسطینی من بیت لحم رشید شاهین )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS