الفلسطینیون والأزمات الإسرائیلیة
الفلسطینیون والأزمات الإسرائیلیة
یبدو أن الأوضاع فى فلسطین دخلت فى أزمة جدیدة خاصة بین الفصائل والکبریات منها تحدیدا.. أى بین فتح وحماس وهما الفصیلتان الأکثر تأثیرا فى الساحة السیاسیة الفلسطینیة.. ویبدو أیضا أن الأزمة السیاسیة فى إسرائیل لم تؤد هى الأخرى إلى تجمیع الصفوف الفلسطینیة من حیث الالتفاف لاستغلال ما یمکن استغلاله فى هذا المجال من زاویة توظیف بعض الثغرات لصالح خدمة القضیة ولیکون الموقف الفلسطینى أکثر صلابة وقوة وتماسکا فى المفاوضات التى تجرى مع الإسرائیلیین والتى لا بد منها مهما کانت الظروف، على الأقل فى المرحلة الحالیة.. إن الفلسطینیین لم یدرکوا بعد هذه المسائل ظاهریا، رغم أنهم یصرحون بعکس ذلک أى أنهم یحاولون التعاطى السیاسى الذکى مع مثل هذه التطورات فى صفوف الطرف المقابل ولکن الواقع المیدانى یقول عکس ذلک.. إذ نرى کل یوم، ومن حین إلى آخر کیف تتحول الخلافات السیاسیة الفلسطینیة إلى صراعات مسلحة، وإلى اقتتال داخلى یدمر کل المکاسب وکل الانجازات وکل الخطوات التى حققها الشعب الفلسطینى بدمائه وبتضحیاته.. آخر ما جد فى هذا الصدد هو تلک الصراعات الدامیة التى کانت الضفة الغربیة وقطاع غزة مسرحا لها بین الفلسطینیین أنفسهم أى بین حماس وفتح.. فکل طرف یدعى سیطرته على الوضع وفى الحقیقة هما الطرفان غیر القادرین حتى على السیطرة على أنفسهما والتحکم فى مناضلیهما وقواعدهما، وإلا کیف نفسر تلک الصراعات المسلحة، وذلک الاقتتال المتبادل وتلک الحملات العشوائیة للاعتقال وتلک المحاصرات لبیوت المناضلین، وتلک التصریحات والتصریحات المضادة التى تقود القضیة والشعب إلى الدخول فى متاهات لا یمکن معرفة مخارجها وما تؤدى إلیه..
إن مثل هذه الأوضاع لا یستفید منها إلا الإسرائیلیون الذین هناک من یعتبرهم المستفیدین الوحیدین من الأخطاء التى یرتکبها مناضلو الحرکات الفلسطینیة وفصائلها السیاسیة.. وهنا یمکن الإشارة إلى أن اندلاع مثل هذه الانقسامات الداخلیة الفلسطینیة وبهذه الحدة یتزامن مع الأزمات السیاسیة فى الإدارة الإسرائیلیة.. وهناک من یتساءل عن أسباب هذا التزامن، وکیف یمکن تفسیر تکرر مثل هذه الحالات.. فکلما اندلعت أزمة سیاسیة فى إسرائیل مثل الأزمة الحالیة التى سوف تذهب برئیس الوزراء الإسرائیلى أولمرت اندلعت فى نفس الوقت أزمة اقتتال داخلى فى الصف الفلسطینی..
ومن یسأل مثل هذه التساؤلات یخشى أن تکون هناک روابط وصلات ولو غیر مباشرة بین الظاهرتین لأنه وفى مثل هذه الحالة یمکن اعتبار أن الإسرائیلیین لهم القدرة حتى على التأثیر فى الأوضاع الداخلیة الفلسطینیة، والخطر فى هذه المسألة هو ما یتعلق بمدى قدرة الفلسطینیین على التقدم خطوات فى الدفاع عن المشروع الذاتى الخاص بهم بعیدا عن الأجواء المحیطة بهم، ومدى قدرتهم على الحفاظ على استقلالیة عملهم وقرارهم حتى فى الداخل.
لقد أثبتت الوقائع المیدانیة أن الفصائل الفلسطینیة یمکنها وبفضل الحوار والجلوس على نفس الطاولة تسویة خلافاتها التى یجب أن تذوب أمام المصلحة الوطنیة العلیا، مصلحة الاستقلال وبناء الدولة والتقدم خطوات نحو تحسین وضعیة الشعب الفلسطینى بإیجاد حلول لکل قضایاه بما فیها قضیة العودة إلى الأرض واسترجاع الدیار..
مثل هذه المسائل لا یمکنها أن تحل بالسلاح ولا یمکنها أن تجد طریقا نحو الانفراج إلا بتقدیم التنازلات وبالمعالجة السیاسیة الضروریة التى تتطلب تحمل المسؤولیة بالکامل بعیدا عن الأنانیة والاعتبارات الحزبیة الضیقة.
( المقال لسلیم الکرای )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS