درس فی فن الإرهاب
درس فی فن الإرهاب!!
أصبح عرفا سائدا أن کل ما تقوم به الولایات المتحدة الامریکیة فی هذا الکون یعتمد على شعار أوحد هو "مکافحة الإرهاب".
للوهلة الأولى، یبدو هذا الشعار بغایة الجمال وإنسانی وبالتالی یقود، وبشکل تلقائی، لشعار اجمل عنوانه العریض "التسامح والعدل فی العلاقات الدولیة والإنسانیة".
إلا أن الحقیقة، وکما یعرفها الجمیع باستثناء من استبدلوا قبلتهم بالبیت الأبیض، أن ما تقصده الولایات المتحدة الأمریکیة من رفع هذا الشعار مختلف تماما، وبعید کل البعد عن معانیه الإنسانیة. فالولایات المتحدة الأمریکیة هی البلد الأول الذی مارس، ولا یزال یمارس، الإلاهاب بکافة أشکاله وأنواعه.
فلنبدأ من تصفیة السکان الأصلیین فی أمریکا الشمالیة الهنود الحمر، تجارة العبید، التمییز العنصری ضد المواطنین السود، قمع وإرهاب أمریکا اللاتینیة بکل دولها، الحرب التی شنتها على فیتنام وحروب الهند الصینیة، إغتیال سلفادور اللیندی رئیس تشیلی المنتخب دیمقراطیا، حصار کوبا، تدمیر العراق وارتکاب أبشع المجازر بحق العراقیین، الدعم المطلق للنظام الفاشی النازی فی فلسطین المحتلة متمثلا بما یسمى بإسرائیل، اغتیال لبنان، کل لبنان، بشرا وحجرا، وأخیرا ولیس آخرا الهولوکوست الیومیة التی تجری فی فلسطین والتی فاقت فی بشاعتها وعنصریتها ونازیتها هولوکوست هتلر الشهیرة.
إن معنى الإرهاب فی القاموس الفاشی الأمریکی واضح ولا تشوبه شائبه، ولا یحتاج إلى خبراء لترجمته وشرحه، ویمکن تلخیصه بالتالی:
- إنه أی کلمة أو أغنیة أو قصیدة تکتب ضد هذه السیاسة القبیحة.
- إنه أی عمل یرفض الرضوخ والرکوع لهذه السیاسات اللا إنسانیة، وهذا یعنی أن الدفاع أو التأیید لأی قضیة عادلة هو نوع من أنواع الإرهاب.
- أی محاولة للدفاع عن الورد فی بلادنا هی عمل إرهابی.
- أی محاولة للدفاع والذود عن تاریخنا وحضارتنا وثقافتنا هی عمل إرهابی.
- أی محاولة لرفض ثقافة الماکدونالدز والکوکا کولا، وثقافة تشریع الإغتصاب هی عمل إرهابی.
- أی محاولة للدفاع عن خبزنا الیومی هی إرهاب ما بعده إرهاب.
- وأخیرا، ولیس آخرا. أی نداء للسلام والتضامن والإخاء الإنسانی، وأی نداء للحریة من أجل حیاة أفضل بلا جوع أو مرض أو خوف هو الإرهاب بعینه.
وما یجعل الصورة أبشع وأکثر سوادا، أن التعریف الأمریکی للإرهاب أصبح متبنى عالمیا. لقد أصبح مفهوم الإرهابی على الصعید العالمی یطلق على أی مجموعة سیاسیة أو اجتماعیة، أو حتى نشطاء أفراد یعارضون هذا الشعار الأمریکی القبیح.
بعد کل ما تقدم، فإن النضال لإسقاط وإفشال السیاسات الأمریکیة لا یجب أن یکون عملا تضامنیا فقط. إنه واجب أخلاقی یقع على عاتق کل إنسان محب للسلام والعدل والحیاة الکریمة. یجب أن یکون النضال ضد سیاسات الولایات المتحدة الأمریکیة ومحاولة سیطرتها على مقدرات الکون واجبا إنسانیا عالمیا.
من أجل کل هذا، یتوجب على القوى السیاسیة والشعبیةالتوحد ومقاومة هذا الإرهاب الأمریکی، والذی إن نجح سیقود حتما لیس إلى قمع دول وشعوب أخرى، بل وسیمتد لیقمع کل صوت حر أینما کان مکان تواجده.
ومن هذا المنطلق، فإن النضال لإسقاط المشروع الأمریکی والسیاسات الفاشیة للولایات المتحدة الأمریکیة أمر لا یجب أن یکون فیه التباس، من أجل مستقبل أفضل لأطفالنا القادمین، ومن أجل کرة أرضیة تتسع لکل البشر.
( بقلم الدکتور ولیم نصار )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS