روسیا تغیر المعادلة فی القوقاز
روسیا تغیر المعادلة فی القوقاز
الاعتراف بأوسیتیا وأبخازیا خطوة شجاعة
بعد قرار البرلمان الروسی الاعتراف بالمنطقتین کدول مستقلة وافقت الحکومة الروسیة على ذات الشیء وقررت إقامة علاقات دبلوماسیة معهما.
لقد جاء القرار سریعاً وواضحاً بعد الانتصار الذی حققته روسیا بتحریر المنطقتین من العدوان والاحتلال الجورجی المدعوم أمریکیاً وإسرائیلیاً، وأتی لیرد على الزحف الأمریکی غیر السلمی تجاه الحدود الروسیة وإعلان الرئیس الجورجی سکاشفیلی رغبته الانضمام لحلف شمال الأطلسی وتقدیمه لبلده قاعدة متقدمة لأمریکا وإسرائیل فی تطویق روسیا الاتحادیة وضرب إیران. إن جملة التطورات الأخیرة فی القوقاز والتهدیدات الأمریکیة المهینة للروس قد دفعت الأمور للتأزم بشکل خطیر وغیر مسبوق منذ انتهاء الحرب الباردة.
لقد توقع أغلبیة المراقبین السیاسیین أن لا تقدم روسیا على هذا الاعتراف ظناً منهم أن روسیا الیوم هی ذاتها مع نهایة الحرب الباردة وأن الحرص الروسی على السلام الدولی والعلاقة مع الولایات المتحدة وأوروبا من خلال مصالحها الاقتصادیة سیجبرها على تقدیم التنازلات فی أمنها القومی أو تجاه حلفائها الأقربین غیر أن الخطوة الحالیة بالاعتراف الصریح بمنطقتی اوسیتیا وأبخازیا قوضت کل الحسابات السابقة فی هذا المجال.
إن ردات الفعل غیر المنضبطة من الأمریکیین والأوروبیین تجاه الخطوة الدراماتیکیة للروس تشیر إلى حجم المراهنات التی کان یعول علیها الغرب من علاقته الوثیقة وخصوصاً العسکریة مع جورجیا وتظهر إلى أی مدى صوابیة الشجاعة الروسیة وصحة تقدیراتها.
تفاعلات المسألة لن تقتصر على منطقة القوقاز بل ستطول کل العلاقات الروسیة مع الغرب وستکون هناک ارتدادات هامة على غیر صعید، وربما نشاهد قریباً بعض ردات الفعل العصبیة على القرار الروسی الذی فاجأ الجمیع لکن الأمر المؤکد أن العالم لم یعد کما کان فی فترة السیطرة المطلقة للقطبیة الأمریکیة وأن قضایا کثیرة سیجری معالجتها بشکل مختلف عن السابق قد تمس منطقتنا بهذا القدر أو ذاک. المهم أن حلیفاً موثوقاً لسوریا وفلسطین وینسق سیاسته الخارجیة مع دولة کبرى کالصین یتقدم على طریق فرض منطق مختلف عن المنطق الأمریکی الظالم والمجحف بحقنا فی أرضنا المغتصبة، وأن حلیفاً موثوقاً للصهاینة یتلقى ضربة موجعة.
( بقلم زیاد ابوشاویش )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS