ایها القادة.. لا تتحدثوا باسمنا!
ایها القادة.. لا تتحدثوا باسمنا!
فی عمر وعیی وخلال حیاتی حصلت تغیرات لم تکن حتى ضمن خیال الإنسان الواسع المترامی الشطحات.
فبعد هزیمة حرب حزیران عام 1967 جاء مؤتمر القمة العربیة فی الخرطوم لیعلن لاءات ثلاث فیما یخص ما کان یسمى بالصراع العربی الإسرائیلی وعلى ما أذکر أن اللاءات الثلاث تعبر عن الموقف العربی ما لم تنسحب إسرائیل بدون قیدٍ أو شرط. وفی عمر وعیی سقطت الواحدة تلو الأخرى وما زالت الأرض والشعب فی تناقص مستمر نتیجة الحصاد الإسرائیلی للبشر والجغرافیا.
فعُقدت المفاوضات ووقع السلام وفتحت السفارات والمکاتب ولا زالت الأرض والشعب تحت الإحتلال.
لم تکن القمة العربیة آنذاک قد فکرت بأن علیها أن تضیف لا لمشارکة الدول العربیة فی أی حصارٍ تفرضه إسرائیل على الشعب الفلسطینی ویؤدی إلى منع إیصال... السلاح..عفواً لیس السلاح بل الغذاء والدواء والأضواء عن هذا الشعب الذی یفترض أنه عربی.
کنا نتحدث عن خروقاتٍ لحرمة البلاد العربیة من قبل إسرائیلیین یأتون بجوازات أوروبیه وأمریکیه، وکان الشخص یکاد یصیبه الغثیان ویتهم المتحدث بالمغالاة والمزایدة.
وعندما کانت تسرب أخبار عن اجتماعات سریة بین الحکام العرب ونظرائهم من الدولة التی کانت تسمى بالعدو الصهیونی،ویصبح من یردد الإشاعة عرضة للإعتقال بتهمة الاساءة والتشهیر بالحکام. وهم أنفسهم الذین فاوضوا ووقعوا وشارکوا فی الحصار المضروب.
والیوم یعتقل وینکل به من ینتقد مثل هذه العلاقة الصریحة دبلوماسیاً وتجاریاً وثقافیاً.
کل شیء قد تغیر، فیما عدا بقاء الإحتلال واستمرار الحصار الإسرائیلی للبشر والجغرافیا وبقاء الأرض والعرض فی یدٍ لا ترحم.
ومن ینتقد ذلک یعتبر زندیقاً مارقاً یستحق الصلب أو الإختفاء وترى من المثقفین من یسایر أو یدعم هذا التوجه.
فهل غُزی الوعی العربی الإسلامی إلى الدرجة التی أصبح فیها قابلاً للتطبیع والتعایش مع معادلةٍ تنکر علیه أبجدیات الحقوق وتلزمه بحرمتها عندما یتعلق الأمر بغیره من الأمم؟
لعلی فشلت فی معرفة الأسباب التی تجعل الإنسان یتنکر لدمه ودینه وأرضه! من أجل ماذا؟وکیف یمر کل ذلک دون مساءلة؟
لعلی أردت ونقاشاً یدرس الحلول الواقعیة والمنطقیة وبدون مغالاة ولا عاطفیة.
هل یمکن للأمة أن تفاوض الحکومات وأن تقترح علیها وتعینها على الإقتراب منها وأن تضع یدها فی یدها.فلا یطالب المحکوم بإزالة الحاکم؟ بل یطالبه بأن یتصالح مع أمته فیقرأ همومها وآلامها ویعید تسییر المرکب وفق بوصلتها؟ وتکون الأمة درعاً یحمیه ویطیعه ویعطیه البیعة فلا یکون الحاکم أسیراً لهاجس الشعب ولا یعیش الشعب فی هواجس الحاکم الغائب عن مصالحه والمستند إلى بطانةٍ لا تنصحه ولا تقرأ ما یدور فی خُلد رعیته.فیصبح المحکوم والحاکم أسیرین للعبة القط والفأر بینما عدوهما یستغل هذا لیخوف الطرفین کل من الآخر لیعیشا فی جهد حمایة الذات من الذات بینما هو یستبیح مقدراتهما ومصالحهما.
فأین المفکرین من النخبة الناصحة الصالحة؟ لیرفعوا صوت الإصلاح والتصحیح قبل فوات الأوان لأن الزمن المهدور والفرص الضائعة تدفع بالأمة بعیداً وراء رکب الأمم الأخرى وتزید الفجوة التی تفصل ما بین التابع والمتبوع.
هل تستطیع الطبقة المثقفة أن تطور خطاباً حضاریاً یمکنها من فتح صفحة جدیدة للعلاقة القائمة بین الحاکم والمحکوم فی بلادنا؟
هل یمکن للحاکم أن یثق بأن هنالک من یسعى صادقاً للإصلاح من دون أن یشعر أن له نوایا خفیة تطمع بحکمه وترید الإنقضاض علیه؟
هل یمکن أن نوضح للحاکم أن شخصه ونظامه کأفراد وجماعة لیسوا هم المقصودون بعینهم وإنما أداء الأمة الذی أثبت خلال العقود الماضیه أنه لم یرق إلى مستوى الأداء العام لبقیة شعوب الأرض
وأن هذا الضعف فی الأداء سببه الفوضى وغیاب الشفافیة وأن ثمة بطانة تسیء للحکام بقصدٍ أو بدون قصد وهی تتصرف بناءً على الصلاحیات التی لم تحسن استعمالها؟
هل یمکن للحاکم أن یحصل على تطمینات بأن الشعوب التی ترى حکامها یُسیِّرون الأمور وفق مصالحها وطموحاتها فإنها تحمیهم بأرواحها من أی خطر خارجی وأنها تلتف حولهم وهی قادرة على إعطائهم الحصانة المطلوبة للوقوف أمام صلف القوى الکبرى فلا تخشى تهدیداتها ولا تشعر بأن هناک من هو مستعد للتعامل مع تلک القوى من أجل إسقاطها لا لیصلح الأمة بل من أجل الوصول إلى الحکم فقط ؟
أنا على یقین بأن إبقاء الأمور على حالها وعدم حدوث المکاشفة والحوار البناء المبنی على النزاهة والصراحة، سوف یؤدی إلى تعمیق الفجوة وسیخسر الجمیع وبالذات تلک الأجیال التی ستحمل إرثاً مُخزیاً یجعلها تلعن من سبقها حاکماً ومحکوماً.
( بقلم زیاد علان العینبوسی )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS