معضلة الامام موسى الصدر
معضلة الامام موسى الصدر
قبل 30 عاماً دعی الامام موسى الصدر للمشارکة فی احتفالات الفاتح من ایلول /سبتمبر فی لیبیا ولم یعد. لیبیا قالت انه غادرها ولم یصدقها احد. لیبیا تعرف ماذا جرى للامام الصدر ولکنها لم تملک الجرأة السیاسیة على الاقرار بما جرى وظنت ان مرور الزمن سیطوی هذه الصفحة.
الامام موسى الصدر لیس مناهضاً سیاسیاً محلیاً تمکنت السلطات اللیبیة من القاء القبض علیه واعمال 'عدالتها' الخاصة به. انه مؤسس حرکة مقاومة فی لبنان اسماها افواج المقاومة اللبنانیة. وباختیار الامام الصدر لهذا الاسم بالذات دلالة عمیقة على ایمان الرجل بأن دورنا کعرب وکمسلمین ینبغی ان لا یقتصر على مساندة حرکة المقاومة الفلسطینیة، بل ینبغی الانضمام الى الجهد المقاوم. عندما تأسست حرکة امل لم یکن لبنان تحت الاحتلال.
انا ممن یعتقدون بأن جهات لبنانیة وعربیة قد ورطت القیادة اللیبیة فی تغییب الامام الصدر. وهذه الجهات یمکن تحدید هویتها فی تلک المرحلة عبر استقراء تأثیر قیام حرکة المحرومین ومن ثم افواج المقاومة اللبنانیة على حضورها الشعبی فی لبنان لا سیما جنوبه وبقاعه. کانت الحرکة الوطنیة اللبنانیة بشرائحها المختلفة تعیش حالة نهوض فی مرحلة السبعینات من القرن الماضی وکانت الفصائل الفلسطینیة ذات دور رئیسی فی تحدید مسار الاحداث فی لبنان. حرکة الامام الصدر قد سحبت البساط الشعبی من تحت اقدام عدة فصائل لبنانیة وفلسطینیة. القوى التی کانت على علاقة جیدة مع لیبیا فی تلک المرحلة مسؤولة فی نظری عن ریبة القیادة اللیبیة بالصدر ودوره فی لبنان.
حسناً دعنی افترض بأن القیادة اللیبیة قد اقتنعت بصحة التقاریر التی تلقتها من التنظیمات او المنظمات التی ترعاها لیبیا بوصفها الراعیة الجدیدة للصالح القومی الغربی بعد غیاب عبد الناصر.
وبناء علیه فقد طبقت مبدأ 'العدالة الثوریة' بحق الامام الصدر ورفیقیه.
انا لا أعتقد للحظة بأن القیادة اللیبیة قد سمحت او أوصت بالتخلص من هذا الرجل لأنه کان قائد مقاومة او نصیر محرومین. ینبغی ان تکون القیادة اللیبیة قد توصلت الى قناعة مؤداها ان الرجل ینفذ مخططات 'امبریالیة' فی لبنان.
ثلاثون عاماً قد مرت على هذه الهفوة الکبیرة. ألم یحن الوقت لکی تواجه القیادة اللیبیة هذه المعضلة بنفس الأقدام الذی مارسته فی تغییب الصدر. انی أدرک صعوبة الاقرار بالخطأ او بالخطیئة. لکن مثل هذا الاقرار سیکون فی صالح القیادة اللیبیة فی المدى المتوسط والبعید خصوصاً اذا ادرکنا مع العارفین بالخفایا ان بعض الذین ورطوا القیادة اللیبیة فی هذه الهفوة قد رحلوا الى العالم الآخر.
کشف حقیقة اختفاء الامام الصدر لا یصب فی صالح عائلته ومریدیه فی لبنان وحسب، بل یصب فی نظری فی صالح القیادة اللیبیة. کل ما هو مطلوب هو الجرأة السیاسیة والاستعداد للتعویض المادی والمعنوی لعائلته ومریدیه. اما الآلیات والصیغ فیمکن مناقشتها مع الأطراف المعنیة وما اکثر وسطاء الخیر بشرط ان یکون الخیر هو المبتغى مهما تأخر.
( بقلم احمد سرور)
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS