القوة النوویة الایرانیة خطر، فماذا عن النووى الاسرائیلی
القوة النوویة الایرانیة خطر، فماذا عن النووى الاسرائیلی؟
مهما کانت حقیقة الأمر، فإن التنقیب النووى الإیرانى لیس بالقصیر على الساحة. فلقد قامت کلً من إسرائیل وإیران مؤخراً بعرض عضلاتهما العسکریة بإختبارات وممارسات ذات صیت واسع.
ولقد لوحت الولایات المتحدة وفرنسا وروسیا والصین بالإضافة إلى ألمانیا، الأعضاء الدئمین بمجلس الأمن، مهددین بصب غضبهم على إیران.
وفى الکونجرس الأمریکی، تشارک حوالى نصف البیت وثلث المشارکین فى المجلس فى وضع بعض القرارات لوضع حاجز بحرى ضد إیران، من بین المعاییر الأخرى التى یتم إتباعها، فى تجاهل کامل لتقدیر الاستخبارات الأمریکیة العامة التى تقول إن إیران لم تعد تمتلک برنامجا حیا للأسلحة النوویة.
وبالفعل، لقد حجب المؤدون المسرحیون الفیل فى الغرفة، ولقد أبُعدت جمیع قطعان الوحوش المخباًة بعیداً عن الأعین، کلاً منهم حاملاً أثقالاً من النفاق على أعتاقه. وفلنتحدث فقط عن ثلاثة من الأفیال: الترسانة النوویة الإسرائیلیة الضخمة والمخازن الأکثر اعتدالاً لدى الهند وباکستان.
ویقال إن المخزون النووى الإسرائیلى یتراوح بین 100 إلى 200 رأس نوویة، طبقاً لما قاله إتحاد العلماء الأمریکیین؛ ولقد وضحت بعض المصادر الأخرى أن هذا العدد یصل إلى 400 رأس. ویقال أن کلاً من الهند وباکستان تمتلکان 35 رأسا نوویة. ولم یوقع أى منهما على إتفاقیة حظر الإنتشار النووی.
ولم تتخذ الولایات المتحدة وأوروبا إلا القلیل من الخطوات تجاه هذا الأمر. وعلى سبیل المثال، لم تُذکر إسرائیل بشکل واضح للغایة من التقاریر النصف سنویة التى یطلبها الکونجرس الأمریکى من وکالات الاستخبارات والتى تتحدث عن الدول الأجنبیة الممتلکة لتکنولوجیا أسلحة الدمار الشامل.
وحتى إن کانت الولایات المتحدة تقوم بسن حدود سیفها على إیران بدایة من عام 2006، فإن إدارتها کانت تضغت على الکونجرس بکل قوة من أجل توقیع إتفاقیة للتعاون النووى مع الهند على الرغم من التشریع الأمریکى الذى یمنع مثل هذا التعاون مع دولة لم توقع إتفاقیة حظر الإنتشار النووی.
ومن الممکن ألا یسرى هذا الإتفاق، الذى قابل موافقة مبدئیة من الکونجرس، نتیجة للإفتقار إلى الوقت من أجل تأمین الوصول إلى موافقة نهائیة قبل نهایة عام 2008. وإذا حدث هذا الأمر، فإن الولایات المتحدة ستسمح للهند بفتح المنشآت النوویة أمام لجان التفتیش فى نفس الوقت الذى ستبقى به المنشآت العسکریة مغلقة. ولقد تم رفض طلب باکستان، والتى أرادت توقیع نفس الإتفاقیة، ولکنها لم تلق أى معاملة مثل تلک التى وجدتها إیران.
وتسیطر تلک القوى النوویة على المنطقة الحدودیة مع إیران. وکما ذکر معهد سى أیه تى أوه بشکل واضح فى مقدمة العام 2006، "إن إیران تقع فى منطقة متقلبة، فإنها محاطة بالعدید من الجیران العدوانین مثل روسیا وإسرائیل وباکستان والهند والذین یمتلکوا جمیعهم أسلحة نوویة بالفعل، وبالتالى فإنه من الممکن أن تبدو قضایا الردع کبیرة للغایة بالنسبة لإیران".
وبالنظر إلى تلک الحقیقة، فإنه ربما یعتقد المرء أن أفضل طریقة لوقف طموحات إیران النوویة تکمن فى العمل مع إسرائیل والهند وباکستان من أجل وقف طموحاتهم النوویة الخاصة بالإضافة إلى تحویل الشرق الأوسط إلى منطقة خالیة من الأسلحة النوویة.
وفى الواقع فإن الدول الخمس الأعضاء الدائمین فى مجلس الأمن قد صوتوا لمثل هذا التوجه فى عام 1991. وتوضح الفقرة رقم 14 من قرار مجلس الأمن رقم 687، والذى یعتبر جزء من ترتیبات وقف إطلاق النار التى تنهى عملیة عاصفة الصحراء التى أخرجت العراق من الکویت، هدف "إنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة وأسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط".
ولم یتم الإلتزام أو العمل بالفقرة رقم 14 أبداً، وعلى الرغم من الدعاوى العدیدة من قبل الدول العربیة لإنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة. ولماذا لا؟ وتبدو هنا إتفاقیة حظر الإنتشار النووى کواحدة من الأفیال الکبیرة المخبأة فى الغرفة.
وبموجب تلک الإتفاقیة، والتى قد اصبحت ساریة منذ عام 1970، فإنه کان من المفترض أن تقوم القوى النوویة الکبرى- ألا وهم نفس الدول الخمس الأعضاء فى مجلس الأمن- بتقلیل والقضاء على ترساناتهم النوویة. وفى المقابل، تعهدت الدول الأخرى بعد الحصول علیهم.
ونتیجة لأن الدول الخمس الأعضاء لم تقم بهذا الأمر، فقد واجهوا ال 183 دولة الأخرى الموقعة بالعیش تحت ظلهم النووى أو محاولة الحصول على الأسلحة النوویة الخاصة. وإن الدول التى ترغب فى أن تجعل إیران تجثو على رکبتیها هى تلک المسئولة عن تآکل المعاهدة التى قد منعت الحصول على مثل تلک الأسلحة. وفى الواقع، فإن فرنسا وروسیا تقفان وراء الولایات المتحدة من أجل بیع التکنولوجیا النوویة الإیرانیة.
ویقول البعض أن إیران مدفوعة من قبل الإیدلوجیة أکثر منها من قبل مصالح الدولة، ولا یمکن التعامل معها "بعقلانیة". وعلى الرغم من ذلک، فإنه بعیداً عن خطب رئیسها البلاغیة، فإن إیران لم تبرز أى توجه عدوانى فى خلال الأعوام الثلاثین الأخیرة.
فعلى سبیل المثال، لم تقم إیران بإحتلال الدول الأخرى من أجل السیطرة على أراضیها أو میاهها أو مصادرها النفطیة. وبالأحرى، فإنها هى نفسها قد أُجتِحت، فى عام 1980 من قبل عراق صدام، بمساعدة الدعم الحى المقدم من قبل الإدارة الأمریکیة.
وتبدو ازدواجیة المعاییر واضحة, فاسرائیل بالاضافة لخروجها عن القانون الدولى تتصرف وکانها مسؤولة عن امن العالم, فقد ابرزت صحیفة التایمز البریطانیة فى عدد یوم الاربعاء الماضى تصریحات الوزیر الاسرائیلى رافى ایتان والعضو البارز السابق فى جهاز الموساد لمجلة دیر شبیجیل الألمانیة الشهیرة والتى اعلن فیها قدرة الموساد على اختطاف الرئیس الایرانى احمدى نجاد وتقدیمه لمحکمة العدل الدولیة فى لاهاى بتهمة التحریض على الابادة الجماعیة.
یذکر ان نجاد قد هدد اکثر من مرة بازالة اسرائیل من على خریطة العالم.
وقال ایتان انه الموساد الذى استطاع ان یخطف الضابط الالمانى فى النظام النازى ادولف ایخمن من الارجنتین عام 1960 وجلبه الى اسرائیل للمحاکمة یستطیع ان یقوم بنفس العمل مع نجاد.
وبسؤاله عمّ اذا کان الاختطاف عملا مقبولا قال ایتان " نعم اى طریقة لجلبه للمحاکمة فى لاهاى یمکنة؟ هؤلاء الذین یبثون السم ویرغبون فى محو شعب اخر یجب ان یتوقعوا مثل هذه العواقب".
إن أفضل طریقة لوقف إیران من التحول إلى دولة نوویة هو التوجه إلى تقلیل وإنهاء جمیع الأسلحة النوویة. ولکن حتى یحدث هذا الأمر، فإننا فى حاجة إلى إلقاء دائرة أکبر من الضوء على الأفیال الموجودة فى الغرفة. فاذا کان امتلاک ایران للقوة النوویة خطر, فماذا عن 200 رأس نوویة اسرائیلیة؟
(بقلم الکاتبة و الباحثة نادیة حجاب )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS