الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

هل أصبح الإفتاء بالقتل والتکفیر "موضة"

 

 

 

هل أصبح الإفتاء بالقتل والتکفیر "موضة"؟

 

من الملاحظ ان هناک حرکة إفتاء متسارعة من قبل بعض ممن یتم وصفهم "بالعلماء" فی وسائل الإعلام، فما أن تنتهی الضجة حول موضوع أو قضیة یفتی فیها "عالم" معین أو مجموعة من "العلماء" حتى یخرج علینا "عالم" آخر أو مجموعة من العلماء تقوم بالإفتاء فی موضوع أو قضیة أو ظاهرة أخرى.

قبل یومین، قام رئیس مجلس القضاء الأعلى فی المملکة العربیة السعودیة الشیخ صالح بن محمد اللحیدان بإصدار فتوى جدیدة أجاز من خلالها قتل أصحاب القنوات الفضائیة العربیة ووصف هؤلاء القوم بالمفسدین. وقد نقلت وسائل الأعلام بان الشیخ اللحیدان قال فی تصریحات لإذاعة القرآن الکریم فی السعودیة " إن من یدعو إلى الفتنة، إذا قُدر على منعه ولم یمتنع قد یحل قتله، لأن دعاة الفساد فی الاعتقاد أو فی العمل، إذا لم یندفع شرهم بعقوبات دون القتل، جاز قتلهم قضاءً'.

الحقیقة إن هذه الدعوة للقتل التی توصف على أنها فتوى لیست الأولى التی تصدر من "علماء" فی المملکة العربیة السعودیة، فقد کان قد سبقها ما قیل بأنها فتاوى من علماء هناک بتکفیر الإخوة من الشیعة کما تم وصف هؤلاء بأنهم أشبه بالمستوطنین الصهاینة فی فلسطین وتمت محاولة التشکیک فی أغراض وأهداف المقاومة اللبنانیة ومحاولات التعرض والتشهیر بحزب الله ومواقفه التی نعتقد بأنها مواقف لا یجب التشکیک بها بل یجب أن تکون نبراسا ومنهاج عمل لمن یرید أن یدافع عن قیم هذه الأمة وعن الإسلام والمسلمین.

یبدو بان الشیخ نسی أو ربما تناسى بان معظم القنوات التی لم یسمها والتی تقوم بعرض أو بث ما لم یعجبه أو ما قال بأنه إفساد هی فی الواقع مملوکة لرجال أعمال هم فی الأغلب من السعودیة ولا داع هنا لتذکیره بأسماء تلک القنوات ولا بأسماء أصحابها، إلا أن ما نرید قوله  وبرغم أننا قد نتفق مع الشیخ بان هذه القنوات تقوم فعلا ببث ما لا ینسجم مع أخلاق العرب والمسلمین- الشیخ کان یهمه هذا الجانب فقط- وان بعضها یقوم ببث ما یشبه السموم لا بل السموم ذاتها فیما یتعلق بالقضایا المصیریة التی تهم امة العرب والمسلمین – هو لم یقصد هذا فعساها أن تقول ما تشاء فی هذا الإطار-، إلا إننا لا یمکن أن نتفق معه ولا مع غیره من "العلماء" على إهدار دم الناس بهذا الشکل ولأننا لا نجد فی الإسلام دینا للدم والقتل والموت والدمار وان لا مخرج أمامنا سوى بقتل الآخرین.

ربما غاب عن الشیخ بان هنالک آلاف القنوات الفضائیة التی تبث ما هو أسوا مما أغاظه فی بث تلک الفضائیات فهل هذا یعنی أن علینا قتل جمیع أصحاب تلک الفضائیات الذین یعدون بالآلاف، هذا أولا، وأما ثانیا هل هناک من یقوم بفرض فضائیته  بأی طریقة على المشاهد؟ أم أن المشاهد مخیر فیما یختار؟، أو لیس کل منا یجلس قی بیته ویقوم بتغییر المحطة التی یرغب فی المشاهدة دون ضغط أو إکراه؟، أو لم یکن من الأفضل للشیخ أن یدعوا أصحاب هذه الفضائیات – بالموعظة الحسنة- إلى تغییر سیاساتها وبالتالی الابتعاد عما اعتبره فسادا أو إفسادا فی الأرض؟، أم ترى وجد بان القتل هو الحل الأمثل؟، وحتى لو قمنا بقتل هؤلاء فهل ستتوقف تلک الفضائیات عن بثها لهذا "الفساد"؟

نحن لا نتبنى ولا ندافع أو نشجع ولا بحال من الأحوال ما تقوم ببثه هذه الفضائیات التی اصبحت معروفة للجمیع، کما إننا لا یمکن أن ندافع عن أصحابها الذین هم بالضرورة لدیهم القدرة على الدفاع عن مواقفهم وما تقوم به او ما تقدمه فضائیاتهم، إلا إننا وبرغم اختلافنا معهم لا یمکننا أن نتبنى هذه "الرخصة" بالقتل التی أصدرها الشیخ اللحیدان خاصة وان الدین الإسلامی فیه الکثیر الکثیر من الوسائل غیر القتل والدم والتکفیر.

من الواضح أن هنالک توجها لدى الکثیر من العلماء سواء فی السعودیة أو فی غیر السعودیة یحاولون من خلاله الابتعاد عما هو أکثر أهمیة مما یروجون له، وقد کنا قد أثرنا ذلک فی مقال آخر عندما تم تکفیر الإخوة الشیعة والإساءة إلى المقاومة ومن یتعاطف معها، وربما لا بد من التکرار هنا حیث کنا قد تساءلنا عن قضایا مثل القدس والجهاد من اجل القدس والفساد الذی یمارس من قبل الأنظمة العربیة وسرقة أموال الشعوب وکل تلک الأسئلة التی تتعلق باستنهاض الأمة والثورة على الحکام الفاسدین والمفسدین.

وکنا کذلک قد تساءلنا لماذا تعجز دار الإفتاء فی الأزهر عن إصدار فتوى تتعلق ببیع الغاز المصری لدولة الکیان العبری وتطلب بتأجیل البت فی هذا الموضوع ریثما یتم التوافق علیه من قبل القوى السیاسیة المختلفة فیما تستطیع تلک الدار ومن یقوم علیها أن تصدر فتاوى بکل الأشیاء وبکل المواضیع والظواهر والقضایا، عجیب أمر هؤلاء العلماء الذین یجدون فتاوى لکل الأشیاء التی قد تعجب أولیاء نعمتهم ویمتنعون عن الإفتاء فی قضایا قد تکون سببا فی تخلف أو نهضة هذه الأمة، أیها الشیوخ انتم مدعوون إلى الإفتاء فی قضایا الأمة الجوهریة وان تترفعوا عن "التفاهات" وبث الفرقة والتکفیر والقتل فالإسلام أعظم من ذلک وهو دین للتسامح والمحبة والعدل والترابط والجهاد والوحدة، الإسلام لیس فقط القتل والدم والتکفیر فهلا رکزتم على المحبة فی الإسلام بدلا من الکراهیة والعنف والدم.

( بقلم الباحث والصحفی الفلسطینی رشید شاهین )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141189







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)