اقتتال الفلسطینیین المتکرر: هل انتهى الولاء للقضیة
اقتتال الفلسطینیین المتکرر: هل انتهى الولاء للقضیة؟
الکثیر من العرب یحاولون إیجاد مبرر لأى اقتتال بین الفلسطینیین ویبحثون له عن مسوغات سیاسیة وأخلاقیة وثوریة، رغم أن هؤلاء المقتتلین کثیرا ما اخترقوا خطا أحمر فى تاریخ القضیة، وهو ضابط الدم الفلسطینى بأید فلسطینیة..
فهذا یقول لک إن ما اقدمت علیه حماس منذ أکثر من عام هو عمل مشروع، بل وضروری، لتصفیة "العملاء" من خط دایتون، ولیس مهما کم عدد الذین سقطوا فى ساحة المعرکة، أو حجم الدم الذى سال ولا العار الذى کتب فى تاریخ القضیة..
البعض الآخر یشرّع اعتقالات "فتح" وأمن "السلطة" لعشرات المقاومین وممارسة التعذیب حتى ینتهى أحیانا إلى وفاة السجین "المقاوم" على أید "مقاومة"، بتعلة أن هذه الاعتقالات والاغتیالات مشروعة ما دامت "حماس" تقف ضد تحقیق المشروع "الوطنی" وتعیق إعلان "الدولة".
والفلسطینیون فى المخیمات الفلسطینیة یتقاتلون یوما بعد یوم وکل یبرر قتله "المناضل" المقابل له بزعم أنه یمتلک الشرعیة التاریخیة، او الدینیة التى تجیز له أن یفعل ذلک، بل ویستعد لیفعل غیرها بدم بارد..
لا شک أن استسهال القوى الفلسطینیة المختلفة عملیة القتل بدم بارد ترسل إشارات غریبة عن تاریخ النضال الفلسطینی.. ثمة شیء تغیر وغیّر معه مفهوم النضال، ودلالات الصف الوطنین وأربک المعاییر التى تفرّق بین العدو وبین الشریک فى مهمة النضال الوطنی..
لقد نجحت إسرائیل والإدارات الأمریکیة المتعاقبة بتواطؤ فاضح مع دول عربیة محسوبة على خط الاعتدال فى اختراق الوفاق الوطنى الفلسطینی، وأصبحت تحرک خیوط اللعبة بإتقان حتى صارت تجذب القوى الفلسطینیة المختلفة، الثوریة والمقاومة والمنتمیة إلى خط أوسلو، إلى أى معرکة ترید..
لیس هناک شک فى أن وهم امتلاک الحقیقة، ووهم الطهر الأیدیولوجى والدینی، ساهم فى إنجاح خطط التآمر الخارجیة التى أصبحت تحاک على المکشوف.. فالحرب الدامیة بین حماس وفتح فى غزة کانت منتظرة، بل إن المتآمرین الخارجیین کانوا یصرحون بخططهم ویحرضون إعلامیة على المواجهة..
والسؤال المهم هنا: لماذا وقعت حماس وفتح فى اللعبة مع أنهما تعرفان جیدا الخطة والهدف منها والأطراف التى تحرکها؟
لیس هناک تفسیر واحد یبرئ هذین الحرکتین سوى أنهما تتصارعان على السلطة وتحتکمان إلى خلفیة قبلیة تؤمن بالعنف والتصفیة وتزعم امتلاک الحقیقة، ولم تفکرا لحظتها فى مصلحة القضیة، خاصة وهما تعرفان أن الإدارة الأمریکیة وحکومة الجنرالات فى إسرائیل مستعدتان لدفع الملیارات للحصول على هکذا اقتتال.
هل انتهى الولاء للقضیة وحل محله الانتماء الحزبى والولاء للارتباطات الخارجیة؟
سؤال حارق، ولکن الإجابة علیه لا تحمل إلا إلى الحقیقة المرة، وهى أن الفلسطینیین صارت تتوزعهم التحالفات الإقلیمیة والدولیة ولیس الانتماء إلى الوطن والقسم على القضیة.
وهذه الحقیقة المرة تفسر بوضوح سر استسهال الفصائل والأطراف الفلسطینیة للقتل والتصفیة بالدم البارد.
( عن العرب اللندنیة )
ن/25