خطى التغییر الکونی انطلقت من لبنان

خطى التغییر الکونی انطلقت من لبنان

یظهر لنا المشهد الکونی الشامل أن العالم مقبل فی السنوات العشرة القادمة على  تغییرات جذریة على الصعد کافة , السیاسیة والإقتصادیة تحدیدا , والعالم لا یتغیر إن لم تتبدل أحوال القوى العظمى التی تهیمن علیه وبالعودة الى نتائج الحربین العالمیتین الاولى والثانیة نستذکر کیف تشکل نظام عالمی جدید بعد انتهاء کل منها ومع انهیار الإتحاد السوفییتی فی نهایة العقد قبل الأخیر من القرن الماضی انهارت معه الثنائیة القطبیة فسارع الرئیس الأمیرکی آنذاک جورج بوش الأب وهیمن على مجلس الأمن الدولی مستغلا الإنهیار السریع للإتحاد السوفییتی الأمر الذی مکنه حشد قوات تتبع لثلاثین دولة فی حفر الباطن من أجل إخراج القوات العراقیة من الکویت وفی شهر شباط 1991 تم له ذلک وفی الشهر نفسه أعلن بوش الأب مولد نظام عالمی جدید یقوده قطب واحد وأوحد وهو الولایات المتحدة الأمیرکیة .

یبدو أن فکرة القطب الکونی الواحد جعلت من أمیرکا دولة مستعلیة وزاهیة بنفسها مما جعلها تبدی أکبر قدر من الإستکبار ومن إحتقار الآخر وراحت تتصرف مع الدول الکبیرة والصغیرة کالسید مع عبیده وبعد حادثة البرجین فی الحادی عشر من ایلول 2001 خرج الرئیس الأمیرکی جورج بوش الصغیر بفکرة الحروب الإستباقیة وبمقولات استعلائیة وعنصریة قسم بموجبها دول العالم الى دول شریرة وأخرى خیّرة وأکد على هذا المفهوم بقوله " من لیس معنا فهو ضدنا " باعتبار ان بلاده هی الدوله الأخْیَر فی العالم.

نعیش الیوم فی نهایة العقد الثانی من عمْر عالم نظام القطب الواحد أی أن عمْر هذا النظام ثمانیة عشر سنة فقط وقبل ان ینتهی العقد الثانی من عمره رأى العالم الدب الروسی یصحو والتنین الصینی یهم بقذف النیران من فمه والمهراجا الهندی یتالق والمارد الأیرانی یخرج من القمقم, کل هذا بعد أن بدء العملاق الأمیرکی الأوحد یترنح ویتهاوى لأن الحروب الإستباقیة التی اشعلها فی العالم أعیته وخاصة إقدامه على إحتلال کل من أفغانستان والعراق ولأن مشاریع الهیمنة على الشرق الأوسط  فشلت , فتارة ینادی بالشرق الأوسط الکبیر وتارة أخرى بالجدید ولم ینجح بای منهما رغم المساعی الدؤوبه التی بذلتها الولایات المتحدة فی منطقتنا ورغم مساندتها من قبل من أسمتهم المعتدلون العرب ورغم دعمها غیر المحدود لربیبتها إسرائیل وقد تجلّى هذا الدعم فی الحرب العدوانیة التی شنتها إسرائیل على لبنان صیف العام 2006 من أجل رسم الشرق الأوسط الجدید بالقضاء على المقاومة الإسلامیة ابتداء, هذا ما  أعلنته بوقاحة آنذاک الوزیرة الأمیرکیة کوندولیزا رایس. لکن اسرائیل هُزمت وحزب الله انتصر وانهت المقاومة الإسلامیة اللبنانیة اسطورة اسرائیل التی لا تقهر والیوم وبعد مرور أکثر من عامین على هزیمة اسرائیل المدویة رأینا کیف یتساقط قادة اسرائیل العسکریون والسیاسیون الواحد تلو الآخر وکان آخر من سقط کبیرهم ورئیس وزراء کیانهم المصطنع ایهود اولمرت , سقط  معلنا أیضا سقوط  فکرة اسرائیل الکبرى من البحر الى النهر وبحزن وبالم شدیدین نعى الحلم الصهیونی قبل ان یغادر کرسیه  لیعتکف فی بیته او یستقر فی السجن نتیجة لتهم الفساد التی تلاحقه, ونحن بدورنا نصرخ بأعلى صوتنا معلنین بدایة انتصار الحلم العربی الإسلامی ومعلنین بدایة التغییر الکونی لصالح المستضعفین ونظهر الإبتهاج والفرح لأن عصر القطب الواحد قد غادرنا ولأن الکون یتجه نحو عالم متعدد الأقطاب. إن خطى التغییر الکونی انطلقت من البلد العربی الصغیر لبنان ویسعدنا أن روّاد هذا التغییر هم المقاومون ومن تحالف معهم فی لبنان وفی فلسطین وهم الممانعون فی کل من ایران وسوریا ومن تحالف معهم وللحدیث بقیة ...           

(بقلم الکاتب والباحث عمر عبد الهادی )

  ن/25