الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

انتحار الالوسی

انتحار الالوسی

 

الزیارة التی قام بها النائب العراقی ورئیس حزب الامة العراقیة السید مثال الالوسی مثار الجدل منذ ان عرفته الساحة السیاسیة العراقیة الى اسرائیل لحضوره المؤتمر الثامن لمکافحة مایسمى 'الارهاب' الاسبوع الفائت کانت مثار جدل وشد وجذب حتى وصل الامر الى التراشق بالایدی بینه وبین بعض رؤساء الکتل النیابیة وتحدیدا السید کریم العنزی رئیس حزب الدعوة-تنظیم العراق بینما اکتفى بالتلاسن وتبادل التهم مع السید هادی العامری رئیس منظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى الاسلامی العراقی.

الجمیع یعلم ان الزیارة الثانیة التی قام بها الالوسی لن تقدّم ولن تؤخّر لو کانت قد جرت کما سابقتها التی دفع لاجلها ولدیه أیمن وجمال. لکن التصریح الذی ادلى به من اسرائیل وهو یدعو الحکومة العراقیة وبعض حکومات الجوار وتحدیدا الکویت لاقامة ما أسماه 'نظام استخباراتی عالمی' لمحاربة ایران وذلک بالتعاون مع الولایات المتحدة الامریکیة واسرائیل یمکن اعتباره جوهر الموضوع واساس الخلاف الذی نشب وسرعان ماتطور. ترى هل یحق للالوسی ان یقوم بزیارة اسرائیل التی تعتبر وفقا لکل المعاهدات العراقیة التی کان العراق کدولة طرفا فیها انها کیان غاصب ولازال العراق یعیش معها حالة حرب ولم یوقّع الطرفان ای معاهدة سلام او وقف اطلاق نار او حتى تهدئة؟! من الناحیة النظریة والدستوریة ووفقا لدستور العراق الجدید لیس من نص یمنع الالوسی او غیره من زیارة اسرائیل حتما وقطعا ولکن ماذا عن المسؤولیة الاخلاقیة وهل کل ما لایمنعه الدستور مباح لمسؤولی الدولة وممثلی الشعب؟! وهل یحق للالوسی ان یحشر دولة عربیة اخرى کالکویت مثلا فی مقترح اتفاق امنی طویل الامد مع اسرائیل وامریکا والعراق لیعید الى الاذهان 'الاتحاد الهاشمی'؟! واذا کان الالوسی قد ذهب بصفته الشخصیة ولیس مبعوثا من الحکومة العراقیة او ممثلا لها فلماذا جاءت تصریحاته الناریة من هناک لتوحی ان الحکومة العراقیة راضیة ومستعدة للمضی فی طریق تحقیق مقترحه؟! ألم یقل الالوسی بالحرف الواحد 'ینبغی التعاون مع اسرائیل من اجل انتاج سلاح استخباراتی مع ترکیا والولایات المتحدة والکویت لضمان انتقال معلومات جیدة'؟ ترى هل کان الالوسی فی موضع یسمح له ان یحدد ماینبغی وما لاینبغی للحکومة العراقیة فعله؟ وأضاف 'ایران الیوم مرکز المصائب فی المنطقة وغالبیة الشعب العراقی لاتؤید النظام فی طهران'؟ ترى من الذی استطلع اراء الشعب العراقی فی تلک الموضوعة لیؤکد ان غالبیة الشعب العراقی تؤید او لاتؤید وکأن اختیار النظام الایرانی من حق الشعب العراقی؟ ترى ما الفائدة من تصریحات کبیرة لاتتناسب مع حجم الالوسی فی البرلمان والجمیع یعلم انه لایملک الا مقعدا یتیما واحدا جاء عن طریق دعم الکیانات الصغیرة فضلا عن حجم الاختلافات بینه وبین باقی الکتل الکبیرة فی موضوعات کثیرة وشائکة؟ أیضا لماذا لایتعض ساسة العراق من اخطاء من سبقهم فماذا جنى العراق من محاربة ایران غیر الدمار والخراب وتضییع الثروة واستقدام الاحتلال؟ ثم الم یحن الوقت للتعامل مع ایران کجارة جغرافیة لم یکن للطرفین رأی فی اختیار مواقعهما وماذا یکلّف الساسة العراقیین لکی یرسلوا رسائل تطمین لطهران بدلا من رسائل التهدید والوعید التی اثبتت لیس فقط فشلها وعدم مشروعیتها بل ومردودها السلبی على استقرار العراق ورفاهیة شعبه؟

السید مثال الالوسی یعلم قبل غیره انه غیر مرحّب به تحت قبة البرلمان من کتلة التوافق السنّیة قطعا ولبعض تشکیلات القائمة الشیعیة مؤاخذات علیه وان ای غلطة من جانبه تعد انتحارا له ونهایة لمستقبله السیاسی والبرلمانی کما حصل لغیره ممن وقفوا وهاجموا ایران اللاعب الاکبر فی العراق الیوم وباعتراف الجمیع. یبدو ان الرجل قد راهن بشکل کبیر على الدور الأمریکی من جهة ودعم رئیس الجمهوریة السید جلال الطالبانی خصوصا وان القائمة الکردستانیة لاتمانع فی اقامة علاقات او اتصالات من هذا النوع. لکن یمکن القول ان الرجل قد اخطأ الحسابات هذه المرة قطعا، فرئیس الجمهوریة لیس بوسعه مخالفة ای مطالبة لکتلة الائتلاف العراقی خصوصا وان التوافق السنّیة هذه المرة قد دخلت على الخط وبقوة محاولة الاستفادة من هذا الحدث لتصفیة حساباتها مع الالوسی. کما ان التحالف الستراتیجی بین الاطراف الحاکمة لایسمح بهکذا هامش کبیر الا من خلال شروط وتعهدات لابد للالوسی القیام بها وهو امر مشکوک فیه فمن خلال معرفتی بشخصیة الالوسی لا اعتقد انه سیکون فی موقع یسمح له ان یتنازل فیه عن فعل قام به لیقف امام الجمیع وعلى مرأى ومسمع من العالم اجمع لیعتذر عن زیارته لاسرائیل او عن تصریحاته التی ادلى بها او ان یکتب تعهدا على نفسه بالا یقدم على فعل مماثل مستقبلا وهی مطالب اقل مایمکن ان تطرحه باقی الکتل على الرئیس الطالبانی لحل الاشکال. اما التوکّل على السفارة الأمریکیة فلا اعتقد ان من الحکمة تصور ان بامکان تلک السفارة او حکومتها ان تفرض الالوسی صاحب المقعد الواحد على کتل بحجم الشیعیة والسنّیة والکردیة مما یعنی تقدیم الالوسی کبش فداء وصید سهل تتجمل فیه السفارة على جمیع الاطراف خصوصا وان الحکومة الامریکیة بحاجة الى حلحلة عقدة الاتفاق الامنی الطویل الامد الذی یبدو انه قد وصل الى طریق مسدودة وذلک على اثر سحب رئیس الوزراء نوری المالکی ملف المفاوضات من وزارة الخارجیة الى مکتبه الخاص. أما اللجوء الى المحکمة الدستوریة فهی خطوة لن تجدی نفعا قطعا لان سحب الثقة من الاغلبیة البرلمانیة بحق احد افرادها لیس من اختصاصات تلک المحکمة التی ستنظر الى الامر على انه شأن داخلی یتم الرجوع فیه الى النظام الداخلی للبرلمان والى توافق الکتل السیاسیة.

جمیع المؤشرات تؤکد ان الالوسی سیدفع ثمنا لتصریحاته التی لاتتناسب قطعا مع حجم تمثیله البرلمانی ولکن من یدری فی موضوعات شائکة من هذا القبیل دائما هناک مفاجئات وحسابات خلف الکوالیس واطواق نجاة لاتاتی على بال احد. حتى ذلک الوقت فان الالوسی مرفوع عنه الحصانة ولایحق له حضور قبة البرلمان والمشارکة فی فعالیاته وهو فی موضع ینتظر فیه تحدید مصیره من قبل الاخرون الذین وان سمحوا له بالرجوع الى البرلمان فستکون عودته غیر محمودة العواقب وبشروط مذلّة لکن قطعا لن یسمحوا له ولالحزبه من اقتطاع ولو جزء بسیط من کعکة انتخابات المحافظات التی خسرها الالوسی حتى من قبل ان یعلن دخوله فیها.

( بقلم  ریاض الحسینی )

ن/25


| رمز الموضوع: 141198







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)