الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

الحصار البحری و تعویض العجز الإسرائیلی...

بقلم :غالب قندیل

 

تقوم خطة التعویض عن العجز الإسرائیلی منذ هزیمة تموز 2006 على  اعتماد مبدأ تحریم التسلح برا و بحرا على المقاومة اللبنانیة و هو ما شکل محور القرار 1701 و محتوى المحاولات الدولیة المتمادیة و الیائسة للإمساک بالحدود اللبنانیة السوریة و وضعها تحت الرقابة بمعونة قوى لبنانیة تواطأت فی تسریب التدابیر و الإجراءات تحت وطأة التهدید بالفتنة الداخلیة .

بعد الفشل الإسرائیلی فی مجابهة المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة ، ینقل الأمیرکیون و الحلف الأطلسی خبرات النموذج اللبنانی إلى ساحل غزة و الحدود المصریة مع القطاع التی تحولها السیاسة المصریة إلى مجال قابل للتطویع وفقا للشروط الأمیرکیة الإسرائیلیة خلافا لحالة الحدود السوریة مع لبنان ، و إن کان المحتوى الفعلی لنشر قوات مصریة بموافقة إسرائیل هو تجاوز لاتفاقیة کمب دیفید لکنه رضوخ للطلبات الأمیرکیة و الإسرائیلیة فی مراقبة الحدود لمنع تسلح المقاومة أو تمویلها .

أولا : إن القبول بتکریس مبدأ تحریم التسلح على المقاومة فی لبنان و فلسطین هو أمر مشین سیاسیا و أخلاقیا و لا یعفی من ضرورة إدانته و رفضه مبدئیا ، حتى لو کانت التوازنات الحاضرة لا تسمح سوى بتلمس سبل التفلت من أحکامه التطبیقیة لمراکمة قوة المقاومة العسکریة و هذا شأن المقاومة و قیادتها بجمیع تفاصیله ، و هی أثبتت قدرة فعلیة على ابتداع السبل و الوسائل فی وجه الحصار البری أو البحری ، و لکن بعد مذابح غزة التی جاءت أشد فظاعة فی حصادها من المجازر التی نفذها العدو فی لبنان و بینما لا یجد الفقراء المستهدفون بوجودهم و مصیرهم حمایة أو قوة للدفاع عنهم سوى المقاومة ، لا یعنی تحریم التسلح سوى قرار أمیرکی أطلسی بإطلاق ید القوة الإسرائیلیة المجرمة ، و هذا ما ینبغی العمل لتوضیحه أمام العالم فصواریخ المقاومین هی أسلوب الرد الموجع الذی یخشاه الإسرائیلیون و هی وسیلة ردع العسکریة الصهیونیة عن التمادی فی ارتکاب المذابح ضد السکان المدنیین .

ثانیا : ما یسمى بالمجتمع الدولی یحرم على المقاومة أن تتسلح ، بموازاة التذخیر المتواصل لترسانة إسرائیل الحربیة و هو یقدم بذلک تعبیرا دقیقا عن فظاعة التدخل الاستعماری الأمیرکی فی المنطقة لفرض الهیمنة الصهیونیة علیها ، و حیث یمثل حشد أسطول الحلف الأطلسی قبالة سواحل لبنان و غزة خطوة عدائیة یجب التصدی لها سیاسیا و حقوقیا بوصفها محاولة للتأثیر على معادلات الصراع العربی الإسرائیلی و فرض التسلیم بالتسویة التی ترید إسرائیل فرضها على العرب ، فعنوان التواجد الأطلسی المعلن على شواطئنا هو حمایة التفوق العسکری الإسرائیلی و حرمان المقاومة من موارد القوة و بغض النظر عن مدى احتیاج المقاومة إلى سلوک الطرق التی یسعى الأمیرکیون لوضعها تحت رقابتهم الأمنیة و العسکریة .

ثالثا :  من الواضح أن إدارة أوباما لا تملک القدرة على رعایة حرب جدیدة کبرى فی المنطقة و على الأقل فی المدى المنظور فهی منشغلة بأولویات داخلیة عدیدة و بحربی أفغانستان و العراق و لکن یتبین أن تحرکها السیاسی بمضمونه التفاوضی ینطلق من أولویة حاسمة و مشترکة بین جمیع الإدارات الأمیرکیة و هی تبنی الرؤیة الصهیونیة للتسویة فی المنطقة و هذا سیجعل مسارات التفاوض بین الولایات المتحدة و کل من سوریا و إیران صعبة و متعرجة کما أنه سوف یعنی مزیدا من التدخل الأمیرکی لمصلحة إسرائیل فی الواقع السیاسی الفلسطینی الداخلی و بالتالی یتطلب عملا مدروسا و جدیا لاستنهاض أوسع تحالف وطنی فلسطینی حول المقاومة لمحاصرة المجموعات المرتبطة بالحلف الأمیرکی الإسرائیلی بصورة مباشرة أم بواسطة بعض الحکومات العربیة التابعة .

رابعا : إن احتمال ذهاب إسرائیل إلى حرب کبرى فی السنوات المقبلة هو احتمال قائم و جدی بالنظر لطبیعة الکیان الصهیونی الذی سیذهب نحو المزید من التشدد و العدوانیة و هو المحکوم بالاصطفاء الیمینی فالمستوطنون الصهاینة یقودهم الکفر بجدوى الکیان إلى الهجرة المعاکسة أما الباقون فی فلسطین السلیبة فهم صفوة تیارات العنصریة و عقائد الإبادة الجماعیة و ینبغی الإقلاع عن المبالغة فی نفی احتمال شن حرب إسرائیلیة جدیدة ضد لبنان أو ضد سوریا و لبنان معا أم ضد الشعب الفلسطینی فی غزة و الضفة الغربیة ، خصوصا لأن ما یجب التحضر له فی الفترة المقبلة هو احتمال تنظیم  الصهاینة لمذابح فی الأراضی المحتلة عام 1948 بعد التطویب النهائی الذی أعلنه أوباما لفکرة الدولة الیهودیة التی لا یعنی نقاؤها العنصری سوى تعزیز التوجه إلى التخلص من الفلسطینیین و هو اتجاه یتصاعد داخل الکیان الصهیونی و یقتضی المتابعة عن کثب .

الإصرار على حق العودة و التمسک بالمقاومة وحقها بالتسلح و العمل لأنها قوة الدفاع المشروع عن الوجود و الانتقال من فکرة الدولتین إلى فکرة فلسطین التی یعود إلیها أهلها لیمارسوا حقهم فی تقریر المصیر على أرضهم و لیختاروا النظام السیاسی المناسب لهم باقتراع حر هی الرد الذی یستحق الدراسة على فکرة الدولة الیهودیة العنصریة .

م/24

 


| رمز الموضوع: 141215







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)