الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

القمم العربیة لا تسمن ولا تغنی من جوع

القمم العربیة لا تسمن ولا تغنی من جوع
 
رشید شاهین 
 
کثر الحدیث خلال الأیام القلیلة الماضیة عن اجتماع قادة امة – العربان- المزمع فی الدوحة فی الفترة من 30-31 من هذا الشهر، ولم یتوقف الساسة والکتاب ورجال الفکر والإعلام عن الحدیث عن هذا اللقاء فی محاولات للتحلیل وقراءة ما الذی سیخرج عن القمة، وقد یکون مکان انعقادها – العاصمة القطریة- احد الأسباب التی کانت وراء کل هذه الجلبة والتشویق والتسویق بالإضافة إلى ما تقوم به فضائیة الجزیرة - وهی المعروفة بسعة انتشارها- فی هذا الإطار بسبب مکان الانعقاد.
 
لا نعتقد بان کل هذا التطبیل والتزمیر للقمة سوف یقدم کثیرا أو  یؤخر قلیلا ما سوف ینتج عن هذا الاجتماع الذی وکما نعتقد لن یکون أکثر من اجتماع روتینی آخر لقادة هذه الأمة الذین ما انفکوا یجتمعوا منذ تأسیس الجامعة العربیة قبل ما یزید على ستة عقود – اجتمعت القمة 31 مرة فی اجتماعات عادیة وغیر عادیة-.
 
إذا ما ابتعدنا عن التمنیات التی یحملها کل مواطن عربی فی هذا الوطن الممتد من الماء إلى الماء والتی هی فی تقدیرنا آمال وطموحات ورغبات متشابهة حتى لا نقول متطابقة بین أبناء هذه الشعوب وهی کذلک مشروعة ویجب تعمیقها وتطویرها إلا أن شیئا منها لم یتحقق على مدار عمر الجامعة العربیة، ونعتقد بان أی حدیث عن أهداف قد تحققت وانجازات قد تم الوصول إلیها وأمور قد تبدلت ضمن تلک الفترة یظل ضمن محاولات الابتعاد عن الواقع وتجمیل لدور الجامعة العربیة لیس إلا وهذا فی اعتقادنا لن یقدم ولن یؤخر وهو لیس سوى – فستق أو جوز فارغ-.
 
الجامعة العربیة التی کنا نتمنى أن یکون دورها أفضل وأکثر نشاطا وحیویة لم تقم بالکثیر مما هو منوط بها، ولا نرغب هنا بمقارنة دورها مع دور الاتحاد الأوروبی برغم کل ما تم تلقیننا إیاه عن العروبة والوطن فی الصغر ومن أن هذه امة واحدة ولها آمال وآلام وطموحات واحدة، وبرغم ما نعرفه عن دول الاتحاد الأوروبی الذی یتشکل من أمم وعرقیات ودول مختلفة متناحرة ذات ثقافات متعددة ومختلفة ودارت بینها حروب طویلة دامیة هذا بالإضافة إلى اللغة والدین وکل العوامل الأخرى التی تمیز هذه الأمة عن غیرها من الأمم.
 
القمم العربیة لم تستطع أن تتخذ من القرارات العملیة الکثیر وربما کانت قرارات القمة العربیة التی عقدت فی القاهرة بعد دخول القوات العراقیة إلى الکویت هی القرارات الوحیدة الأکثر عملیة والتی تم تطبیقها بشکل غیر مسبوق لا بل إن موضوع تلک القمة والسرعة فی الدعوة إلیها وتلبیة الدعوات وإصدار القرارات بالکیفیة التی یعرفها الجمیع أثارت الکثیر من التساؤلات عدا عن کثیر الدهشة واللغط التی أحدثتها تلک القمة وما کان لها من تداعیات منذ ذلک الوقت تلک التداعیات قد تستمر إلى فترة قد تطول إلى أعوام کثیرة قادمة.
 
من الواضح ان الکثیر من الأحداث التی وقعت فی المنطقة العربیة خلال الأعوام التی تلت تلک القمة کانت تستدعی قادة الأمة إلى ضرورة الاجتماع فی قمم أخرى وبرغم أن قمما عدة عقدت منذ قمة القاهرة عام 1990 إلا اننا رأینا بان کل تلک القمم لم یصدر عنها الکثیر حیث عجزت مؤسسة القمة عن القیام بأی دور فاعل أو اتخاذ خطوات عملیة أو قرارات حاسمة فیما یتعلق باحتلال العراق وما بعد الاحتلال، کما انها لم تفعل شیئا فیما یتعلق بالصراع العربی أو الفلسطینی الإسرائیلی والانتفاضة الفلسطینیة وحصار الرئیس الراحل یاسر عرفات، وهی لم تفعل شیئا خلال الحرب على لبنان کما انها لم تفعل شیئا خلال الحرب على غزة وهی لم ولن تفعل شیئا فیما یتعلق بقضیة الرئیس البشیر برغم ما قد یقال فی هذا الشأن.
 
المراهنة على قمة الدوحة وموضوعة المصالحات العربیة والفلسطینیة باعتقادنا مراهنات قد لا تکون مربحة خاصة وان من الواضح ان هنالک انقساما أو شرخا واضحا بین الدول العربیة، ومن غیر المفید تصویر – تبویس اللحى والمصافحات- التی سوف تجری أمام الکامیرات على أنها أنهت الخلافات العربیة العربیة وان الأمور عادت إلى مجاریها، الوضع العربی اعقد من ذلک بکثیر ولیس من السهل أن تتم معالجته هکذا بمجرد اجتماع بین القادة، قد تتم معالجة قضیة هنا أو قضیة هناک لکن هذا لن یعنی بحال من الأحوال أن الأمة صارت بخیر، المطلوب لیس مصافحات بقدر ما هو اتخاذ قرارات جریئة وعملیة وقابلة للتطبیق ولو بشکل تدریجی، ومطلوب أیضا إنهاء الارتباطات بأجندات غیر عربیة إقلیمیة ودولیة، کما ان المطلوب هو أن یشب قادة الأمة عن طوق التبعیة والتعامل مع مصالح الأمة بروح من الغیرة والمسؤولیة وعلى أن هذه المصالح هی الأولویة التی یجب عدم التنازل عنها وإلا فان القمم العربیة ستبقى بدون فائدة ولن تسمن أو تغنی من جوع  وستظل الأمة تراوح مکانها وستبقى محط أطماع للآخر بغض النظر عمن یکون هذا الآخر.


| رمز الموضوع: 141232







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)