مصر والنفخ فی قضیة حزب الله
رشید شاهین
بشکل ربما لم یحمل الکثیر من المفاجئات، أعلنت مصر بطریقة استعراضیة عن قضیة ما أصبح یعرف بخلیة حزب الله، وما أن تم الإعلان عن ذلک حتى "هرعت" الفضائیات والکتاب والأقلام المأجورة والتی أصبحت معروفة للمواطن العربی بتبنی الروایة الرسمیة المصریة والتنظیر لمؤامرة حزب الله على نظام حسنی مبارک والأمن المصری الوطنی بشکل فیه الکثیر من التزویر والدجل والمبالغة.
القضیة التی کان من الواضح أنها من تلفیق وصنع أجهزة الأمن والمخابرات المصریة جوبهت بکثیر من الاستهجان وعدم التصدیق حیث ان الموقف المصری الرسمی من موضوع المقاومة بشکل عام ومن حزب الله وأمینه العام حسن نصر الله لیس خافیا على احد منذ اللحظة الأولى للحرب التی شنتها دولة العدوان على لبنان الشقیق فی تموز 2006 والصمود والتصدی الأسطوریین للمقاومة اللبنانیة وعلى رأسها حزب الله.
من الواضح ان الدولة المصریة بقیادتها الحالیة ومنذ فترة لیست بسیطة بدأت هی نفسها تسهم إلى حد کبیر فی تقزیم الدور التاریخی "للشقیقة الکبرى" مصر والتی لعبت تاریخیا دورا مفصلیا فی قضایا الأمة العربیة وکذلک فی القضایا الإقلیمیة والدولیة، وبدلا من استرجاع هذا الدور فی ظل بروز قوى إقلیمیة عدیدة فان القیادات المصریة تبحث عن القضایا الفرعیة والجانبیة وعن اصطفافات فی مسائل لیست جوهریة.
الدور المصری اکبر من التخاصم مع فضائیة الجزیرة على سبیل المثال، وهو کذلک اکبر من توجیه اتهامات باطلة لحزب الله لمجرد إلقاء القبض على عنصر "أو عنصرین أو حتى عشرة" ساعد على تهریب الأسلحة إلى قطاع غزة، أو القول أن هذا الشخص کان یحاول نشر المذهب الشیعی وتهدید الأمن القومی المصری.
محاولات أجهزة الدعایة المصریة ومن ارتبط بها من أقلام وقنوات فضائیة وکتاب وصحفیین تضخیم الدور الذی کان یقوم به الشاب اللبنانی سامی شهاب الذی اقر السید حسن نصر الله بأنه احد عناصر حزب الله تندرج ضمن هذا الانقلاب فی المفاهیم السائد فی المنطقة العربیة بحیث أصبح دعم المقاومة قضیة مدانة ولا یمکن السکوت علیها، والمثیر للسخریة والاشمئزاز فی آن هو هذا التبنی للموقف المصری من قبل البعض الفلسطینی فی محاولة للتزلف للنظام المصری، واعتبار ما قام به سامی شهاب جریمة لا بد من ان یدفع شهاب ثمنها باهظا.
إن محاولات التنظیر لفکرة أن ما قام به شهاب فی الأراضی المصریة من تقدیم الدعم وتهریب الأسلحة إلى قطاع غزة جریمة کبرى، یعنی بشکل واضح إدانة أی عمل مقاوم وکذلک إدانة أی عمل من أعمال الدعم الأخرى لیس للمقاومة فقط لا بل لفکرة المقاومة، وهذا قد یکون مقدمة لحظر لیس فقط المقاومة لا بل للتفکیر فی موضوع المقاومة أو إسنادها بأی شکل من الأشکال وهذا یذکرنا بالقوانین التی صدرت فی بعض الدول الغربیة والتی تحظر على أی کان الکتابة ضد إسرائیل تحت ذریعة معاداة السامیة.
هذا الحماس الظاهر من قبل البعض فی الهجوم على حزب الله وما یشکله من تهدید للأمن المصری وما یقال عن محاولة انقلاب ضد النظام المصری لم نشاهده ولم نسمعه من ذات الأشخاص عندما کشف النقاب عن المجازر التی ارتکبتها القوات الصهیونیة ضد أسرى مصر، والمطالبات بإصدار قرار إلقاء قبض على السید حسن نصر الله لم نسمع بمثلها من اجل ملاحقة قادة الکیان الذین تورطوا فی الدم المصری وفی قتل أطفال مدرسة بحر البقر لا بل تم استقبالهم ولا زال فی عاصمة المعز وعبد الناصر بکل احترام وتقدیر وتم ولا زال الاحتفاء بهم بشکل کبیر.
النظام المصری الذی یدرک انه فقد دوره فی المنطقة بحیث أصبح عاجزا عن التأثیر فی الکثیر من القضایا التی من المفترض أن یکون دور مصر فیها مفصلیا صار یبحث عن قضایا لا شک أنها غیر أساسیة وبعیدة کل البعد عن الدور التاریخی المصری للتغطیة على حالة العجز والتراجع التی وصلت إلیها الإدارة المصریة، الأمر الذی نعتقد بأنه یسیء إلى مصر أکثر من أی طرف آخر عدا عن أن إثارة مثل هذه القضایا "الصغیرة" ومحاولة تضخیمها بهذا الشکل الفج لیست هی من سیعید الهیبة أو الدور اللائق بالدولة المصریة.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS