الخروج من المأزق الفلسطینی

بروفیسور عبد الستار قاسم

یتواصل الحوار الفلسطینی الفلسطینی بین الفصائل الفلسطینیة، وبالتحدید بین حماس وفتح، ولا یبدو أنه حوار سیؤتی ثمارا بالسرعة التی یتمناها الشعب الفلسطینی. هناک تثاقل کبیر على الساحة الفلسطینیة، ولا یحمل وطأة الأحمال والآلام إلا الذین حملوا الوطن على ظهورهم وقدموا من أجله التضحیات. نحن نعیش المعاناة والأحزان على مدى عشرات السنین، لکن المرحلة التی نعیشها الآن هی الأشد قسوة والأکثر مرارة. وللخروج من هذه المحنة أرى:

من الناحیة العملیة نحن إما تحت الاحتلال أو تحت حصار یفرضه الاحتلال، ولذلک نحن لسنا بحاجة إلى رئاسة وزراء أو رئاسة سلطة، ولسنا بحاجة إلى کل تلک المسمیات الکبیرة الخداعة، ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه. ونحن بحاجة إلى حل للمحنة الداخلیة التی نعیشها یجنبنا شر أمرین وهما: صراع الفصائل والاتفاقیات مع إسرائیل. الشعب الآن یدفع ثمن صراع الفصائل کما دفعه فی السابق، وهو یدفع ثمن اتفاقیات لم تأت إلیه إلا بالمزید من الهموم. النقاط التالیة قد تشکل مخرجا:

أولا: تشکیل مجلس إداری من الخبراء والمختصین والأکادیمیین الفلسطینیین المستقلین لإدارة الحیاة المدنیة والیومیة للشعب الفلسطینی. هذا مختلف عن طروحات صهیونیة حول إقامة مجلس إداری لأنه فلسطینی المنشأ والهدف، وهو مؤقت، ولا مفر من إقامته لأننا تورطنا فی الکثیر من الأعمال المدنیة والیومیة التی لا بد من تغطیتها مدنیا.

أعرّف المستقل بأنه المعروف بانتمائه الوطنی لکنه غیر مرتبط بأی فصیل فلسطینی وأی دولة عربیة أو غیر عربیة.

ثانیا: مهمة المجلس إداریة فقط، ولیست سیاسیة، وله صلاحیة فرض الأمن المدنی. أی أنه یشرف على قوة شرطة لها صلاحیة الإشراف على الأمن الداخلی.

ثالثا: لا علاقة لهذا المجلس بالأمن الوطنی، وتبقى مهمة الأمن الوطنی بید فصائل المقاومة التی تعمل سرا وبدون التدخل إطلاقا فی مجریات الحیاة المدنیة والیومیة الفلسطینیة.

رابعا: على کل الفصائل الفلسطینیة أن تدعم إدارة هذا المجلس إذا طلب الدعم، دون أن یکون لها حق الاعتراض. من شاء منها أن یقاتل فالعدو أمامنا، ومن لم یشأ فله النشاط الاجتماعی.

خامسا: یحضّر المجلس بعد استتباب الأوضاع المدنیة الفلسطینیة لعمل انتخابات إداریة.

سادسا: الجهاز الأمنی الوحید المسموح بوجوده هو جهاز الشرطة التابع مباشرة للمجلس الإداری. نحن لسنا بحاجة إلى أجهزة أمن أو قوة تنفیذیة، ومن الممکن استیعاب أفرادها فی مرافق أخرى.

سابعا: ینشط المجلس مع مختلف قوى الشعب الفلسطینی داخل فلسطین وخارج فلسطین لإعادة ترتیب منظمة التحریر الفلسطینیة بطریقة یتمثل فیها الجمیع وفق میثاق تجمع علیه مختلف القوى، والتی تتولى بعد ذلک الإشراف على شؤون الشعب الفلسطینی فی الداخل والخارج بما فی ذلک الشأن السیاسی.

کیف یتشکل المجلس

یتم تخویل فصائل غیر مشارکة بالقتال الداخلی تشکیل هذا المجلس، واختصارا للجهد وتقلیلا للصخب، أقترح أن یتولى فصیل إسلامی وآخر وطنی غیر فتح وحماس هذه المهمة بموافقة صریحة وعلنیة من قبل مختلف الفصائل وعلى رأسها حماس وفتح.

الوضع الاقتصادی

السؤال الأول الذی یتم طرحه: من أین الأموال إذا سرنا فی طریق لا یعجب الدول المانحة؟ إذا کنا سنبقى معتمدین على الدول المانحة فی لقمة الخبز، فبالتأکید نحن لا نبحث عن دولة حقیقیة أو حل مشرّف للقضیة الفلسطینیة. من الممکن تخطی عقبة الأموال إذا اتبعنا الخطوات التالیة:

أولا: لا مفر من تطویر عقلیة الاعتماد على الذات، وترجمة ذلک سلوکیا.

ثانیا: الطلب من الاقتصادیین الفلسطینیین التفکیر فی بناء اقتصاد فلسطینی ما أمکن بطریقة تتناسب مع تطلعاتنا نحو التحریر.

ثالثا: التخلی عن الکثیر من البضائع الإسرائیلیة، والتوقف عن استیراد بضائع یمکن إنتاجها محلیا وذلک لتأکید فکرة الاعتماد على الذات ولتوفیر فرص عمل حقیقیة للناس.

رابعا: الطلب من الدول العربیة التی تعطی أموالها للدول المانحة تحویلها إلى فلسطین مباشرة.

خامسا: من المهم أن نعود إلى أسالیب إدخال الأموال القدیمة، ولیس عبر مؤسسات مالیة تخضع بطریقة أو بأخرى للرقابة الإسرائیلیة.

سادسا: یجب الترکیز على الزراعة.

سابعا: لا مفر أمامنا إلا أن نقبل بمستوى استهلاکی أقل من المستوى القائم حالیا.

ثامنا: الترکیز على التحول الثقافی وبطریقة تتناسب مع متطلبات التحریر.