عزاء آل مبارک
د.إبراهیم حمّامی
بدایة وقبل کل شیء وبعیداً عن أی تأثیرات سیاسیة أو غیرها نتوجه لأهل الطفل الفقید محمد علاء حسنی مبارک بتعازینا الحارة لمصابهم الجلل سائلین المولى عز وجل أن یتقبله ویتغمده برحمته، ویسکنه فسیح جناته، آمین.
ما من شک أن للموت رهبة لا توازیها رهبة، وموعظة ما بعدها موعظة، خاصة عندما یتعلق الأمر بطفل بریء، بغض النظر ابن من یکون أو من هو جده، للطفولة معنى وآلام عندما ترحل عن هذه الدنیا، ربما یعرفها أکثر من أکرمه المولى عز وجل ورزقه الأبناء، وما من شک أیضاً أن دموع الأطفال تقطع القلوب، وأنّاتهم تمزقها، ورحیلهم لا یمکن وصفه، صبّر الله سبحانه وتعالى کل مکلوم بابن أو حفید.
لم أتمالک نفسی ورغماً عنی تابعت الخبر الذی تناقلته کل وسائل الاعلام، وغطته کل وسائلها، وتبوء الموقع الأول لدى بعضها، وطغت مظاهر الحزن الرسمیة على کل شیء فی مصر، واحتشدت الجامعة العربیة والأزهر ومؤسسات وشخصیات الدولة الرسمیة وأعضاء السلک الدبلوماسی لوداع الفقید محمد، وعرف القاصی والدانی قصته، وترحم علیه ودعا له، قلت لم أتمالک نفسی وأنا أتابع إلا أن أعقد مقارنة وأطرح أسئلة، عادة تفرضها مثل تلک المواقف، ألا نتذکر مآسینا عند وفاة أحد أقاربنا، ألست أتذکر والدی رحمه الله کلما رحل والد أحدهم؟ مقارنات وتساؤلات لیست من باب المناکفة فی مثل هذه المواقف، لکنها وکما قلت تفرض نفسها.
الفقید الطفل وبحسب التقاریر تعرض لوعکة صحیة بعد تناوله لوجبة طعام فاسد فی مکان ما، نقل بعدها إلى مستشفى فی القاهرة ومنها بطائرة خاصة إلى باریس لیعود ویتوفاه الله فی القاهرة، هذا حفید رئیس الدولة یتناول وجبة طعام فاسدة فما بالکم بعامة الشعب وأولادهم؟ وماذا عن أطفال غزة الذین یتناولون الفاسد والأکثر فساداً؟ هذا ان وجدوا ما یسد رمقهم، من لهؤلاء؟
التقاریر ذکرت وذکّرت بتعلق الرئیس مبارک بحفیده الأکبر وعرضت صور له مع حفیده الراحل، وهنا أتوجه للرئیس المصری حسنی مبارک بطلب بسیط، بل أستحلفه بالله أن یشاهد قصة الطفل الفلسطینی فراس أسعد ابن العامین الذی فارق الحیاة بسبب حصار جائر یفرض على غزة، استحلفک بالله ولن تندم، بل ربما خففت مصیبة أهله من مصابکم، أهله الذین کان فراس وحیدهم، مصابهم الذی ربما خفف من مصابکم، أو ربما زاده، فالمشترک أن الحالتین قضاء الله وقدره، لکن فراس أسعد رحل قضاء وقدر وکذلک من صنع وحصار البشر.
سیادة الرئیس حسنی مبارک
فقیدکم کان له بواکی وحداد وجنازة وصلوات، لکن الآلاف من أطفال الشعب الفلسطینی لا بواکی لهم، منهم الجرحى والمعاقین والأیتام، ومنهم من لم یعرف للطفولة معنى.
أعذرنی لهذه المقارنات والتساؤلات، لکنها فرضت نفسها کما ذکرت وأنا أرى وأتابع الخبر الحزین بمصابکم، أؤکد لکم أنها لسان حال الملایین من المکلومین والمحاصرین من الأخ والشقیق والقریب قبل العدو والغریب، لا علاقة بالشأن السیاسی بما قلت وأقول ، لکنها عظة الموت، ولکم أن تسألوا شیخ الأزهر الذی عینتموه وتقدم الصفوف فی جنازة الراحل محمد فی مسج آل رشدان بالقاهرة، أسألوه کم مرة فی حیاته کرر "کفى بالموت واعظاً" وکم مرة فی حیاته کرر "من لم یتعظ بالموت فما له من واعظ"، نعم هو الواعظ الذی نأمل أن یخفف عن أطفالنا وأهلنا فی غزة، وهو ما حفظناه ونردده دائماً من حدیث الرسول صلى الله علیه وسلم: عن أبی هریرة رضی الله عنه قال : قبل رسول الله صلى الله علیه وسلم الحسن بن علی وعنده الأقرع بن حابس التمیمی جالس فقال الأقرع : إن لی عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر رسول الله صلى الله علیه وسلم إلیه ثم قال : ( من لا یرحم لا یرحم ) رواه البخاری.
أخیراً وحتى لا نطیل علیکم فی هذه المناسبة الألیمة نذکرکم بقوله تعالى:
"إِنَّکَ مَیِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَیِّتُونَ" الزمر(30)
لآل مبارک وخاصة والد ووالدة محمد خالص العزاء، رحم الله محمد علاء حسنی مبارک، ورحم أمواتنا أجمعین، ورحمنا معهم یوم نلحق بهم.
"الَّذِینَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ" البقرة (156)
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS