لماذا الاصرار على حکومة غیر شرعیة؟
جادالله صفا
تکلیف سلام فیاض لتشکیل حکومة جدیدة بعد فشل کل جولات الحوار بین القوى والفصائل الفلسطینیة، جاء بالواقع لیکرس الانقسام الفلسطینی، ولم یاتی لاستحقاقات المرحلة کما یرید ان یملیه البعض، او استباقا لزیارة عباس الى امریکا لیقول ان لدیه حکومة تمارس اعمالها، ولمحاولة ملأ الفراغ الذی تمر به الساحة الفلسطینیة، فحالة الانقسام التی تعیشها الضفة وغزة، وعزل القدس عن محیطها الفلسطینی والعربی، وانعدام ای سلطة فلسطینیة على مدینة القدس، کذلک حالة العزل والفصل التی یعیشها شعبنا الفلسطینی بمناطق ال 48 اضافة الى الغاء الحالة التمثیلیة لجماهیر شعبنا الفلسطینی بالشتات، هذه الانقسامات التی تعود الى اسباب ذاتیة واخرى موضوعیة، لیست بخافیة على احد.
فخطورة هذه الخطوة تاتی بوجهة نظری بمرحلة نحن احوج بها الى اعادة ترتیب البیت الفلسطینی، والتاکید على اللحمة والوحدة الوطنیة التی نحن بامس الحاجة الیها، لان عدونا لا یرحم ای طرف بنا مهما کان صاحب حق، فکلنا مستهدف، فالسلطة الفلسطینیة لیست بیت القصید، ولیست الهدف الاسمى، فالسلطة الفلسطینیة بوجهة نظر الاعداء وقادة الکیان الصهیونی ممنوعة من کلمة الوطنیة، فلا وطن لها ولا سیادة على ارض لها، وانما منظمة التحریر الفلسطینیة ککیانیة بنیت وعمدت بالتضحیات والدم، لها معانی اکثر وطنیة عندما عبرت عن نفسها ککیانیة فلسطینیة جامعة تمسک بها شعبنا الفلسطینی واعترفت بها ما یزید على مائة دولة بالعالم.
یعتقد ابو مازن انه بزیارته لواشنطن یحمل بجعبته اوراقا قویة بتشکیله لحکومة جدیدة من اثنین وعشرین وزیرا، دون مشارکة فصائل فلسطینیة وبظل معارضة قویة لها، فالحکومة جاءت بعد فشل الحوار الفلسطینی، وبعد خلافات حادة عصفت داخل حرکة فتح على مؤتمرها وخلافاتها مع الرئیس على تکلیف سلام، یعتقد ابو مازن بزیارته لواشنطن انه بامکانه ان یجد بالبیت الابیض ولدى باراک اوباما اذانا تصغی له، فالادارة الامریکیة لم تنحاز اطلاقا للحق الفلسطینی عندما کانوا الفلسطینین فی اوج وحدتهم ونضالاتهم، فکیف ستصغی الادارة الامریکیة لحالة فلسطینیة کهذه الحالة؟ فهل سیحاول ابو مازن اقناع اوباما بان حل الدولتین هو مطلب فلسطینی؟ وهل اوباما سیقتنع بان ابو مازن قادر على اقناع الشعب الفلسطینی بهذا الحل؟ وهل اوباما سیقتنع ان ابو مازن رئیسا لمنظمة التحریر الفلسطینیة؟
الکل یدرک وعلى راسهم الرئیس الامریکی، ان ابو مازن لا اوراق لدیه الا خیبة الامل، ویدرک قادة البیت الابیض ان ابو مازن لا یمثل موقف فلسطینی موحد، وان رایه لا اجماع ولا اغلبیة فلسطینیة علیه، فالساحة الفلسطینیة تعیش وضع لا بوادر ولا افق حتى اللحظة لتجاوزه للافضل، وحرکة فتح التی ینتمی الیها ابو مازن، دخلت الى مرحلة تشکل اکثر احراجا والما بالجسم الفلسطینی، فماذا سیقول ابو مازن للرئیس الامریکی؟ جئتک بموقف فلسطینی موحد؟ ام سیطلب من الرئیس الامریکی مساعدته لتوحید البیت الفلسطینی ؟
الحکومة الفلسطینیة الاخیرة التی شکلها سلام فیاض لا تمثل اکثر من2% من شعبنا الفلسطینی، ففتح ترفضها وحماس ترفضها والشعبیة وحزب الشعب وقطاعات واسعة من شعبنا الفلسطینی یرفضها ایضا، والجمیع یعتبرها حکومة انشقاق ومزیدا من الشرخ والانقسام، الاصرار على تشکیلها بالاساس بهکذا وضع لا یخدم المصلحة الوطنیة، وانما لاهداف اخرى منها ذاتیة واخرى خارجیة، فالذاتیة هی نابعة نتیجة السیاسة التفریطیة التی تتبعها هذه القیادة الفلسطینیة، والخارجیة النابعة بالاساس من مصلحة الکیان الصهیونی لاضعاف النضال الفلسطینی وتعمیق المأزق الفلسطینی وایصاله الى الیأس.
کان من الاجدر على ابو مازن ان یدافع عن الفصائل الفلسطینیة بدلا من یکون مساهما بتفکیکها، کان من الاجدر على ابو مازن ان یکون مناضلا من اجل الدفاع عن وحدة فتح وقراراتها والدفاع عن وحدة الحرکة مهما کان الثمن، ولیس اخذ الحرکة الى مفترق طرق غیر معروفه اتجاهاته، کان من الافضل لابو مازن ان یبحث عن مخارج للازمة الفلسطینیة ومراجعة سیاسته التفریطیة التی اوصلتنا الى ما وصلنا الیه، کل هذا کان افضل من تشکیل حکومة لیس لها علاقة بالوطن، وانما علاقتها باوسلو، فهذه حکومة لن تعید اعمار غزة، هذه حکومة لن تفک الحصار عن فلسطین، هذه حکومة لن تعید فلسطینیا الى فلسطین، ولن تخرج اسیرا من سجون الاحتلال، هذه حکومة لن تکون قادرة على وقف الاستیطان، هذه حکومة لن تکون قادرة بالدفاع عن عروبة واسلامیة وفلسطینیة القدس، هذه حکومة لن توقف بناء الجدار، هذه حکومة لن توقف مصادرة الاراضی، هذه حکومة لن توقف الاجتیاحات والاعتقالات، هذه حکومة لن تمنع مصادرة المیاه، هذه حکومة لن توقف اعتداءات المستوطنین، لن تکون الا حکومة روابط قرى، ولن تکون الا حکومة ادارة ذاتیة ومدنیة، لن تکون الا حکومة موظفین یتلقون رواتبهم من دولا غربیة تامرت وما زالت تتامر على قضیة فلسطین وکل القضایا العربیة، هذه حکومة لن تکون اکثر من اداة لفساد وطن.
حکومة سلام فیاض لن تاتی للشعب الفلسطینی بالراحة والامان والاستقرار، لن تاتی بالمصطلحات الوطنیة ولن تقودنا الا اهدافنا الوطنیة، لن تکون هذه الحکومة الا خنجرا بالجسم الفلسطینی، وجرحا ینزف بدون توقف الى ان نصبح جثه هامدة، لن تکون هذه الحکومة حرکة تحرر، ولن تکون اداة نضالیة فلسطینیة.
تشکیل هذه الحکومة وبهذه المواصفات ومن هذه الاطراف التی تشکلت منها، بالتاکید ستأخذ شرعیتها من الکیان الصهیونی، ومن الادارة الامریکیة، فماذا سنقول لحکومة تاخذ شرعیتها من عدو احتل ارضنا وشرد شعبنا ویعتقل خیرة شباب فلسطین؟ ما هی الاوصاف التی یمکن ان نطلقها على الوزراء؟ هل نصفهم مناضلین؟ ونقول انهم حریصین على الوحدة الوطنیة والحقوق والثوابت الفلسطینیة؟ الاجابة نترکها للقراء.
الحکومة الجدیدة التی شکلت قبل ایام، لن تقوم باداء غیر اداء الحکم الذاتی، وضمن المهمات التی تحددها حکومة الکیان الصهیونی، فرئیس الوزراء بنیامین نتنیاهو لم یخفی اطلاقا رؤیته لتحسین الوضع الاقتصادی لشعبنا الفلسطینی بالداخل مقابل السلام، ورفض حل الدولتین، وهو یؤکد الیوم من خلال مواقفه ان شعبنا الفلسطینی بلا قیادة وبلا مؤسسات وطنیة.
نحن الان ندخل بمرحلة خطیرة جدا، لم تمر بها اطلاقا قضیتنا الفلسطینیة، نهج سیاسی تفریطی یمسک بکل زمام الامور، بعد ان فشلت حوارات القاهرة، وبعد ان طغت على حرکة فتح ازمة تهدد وجودها واستمرارها ومستقبلها.
کان من الاجدر على رئیس اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة ان یطالب رئاسة المجلس الوطنی الى الاسراع لعقد المجلس الوطنی ضمن الشروط الوطنیة والثوریة التی تضمن الوحدة والمسیرة الثوریة التحریریة، منظمة التحریر الفلسطینیة التی تضم کافة الاطراف الفلسطینیة وعلى راسها حماس والجهاد الاسلامی کمنظمة تحریر وبرنامج وطنی وجامعة للشعب الفلسطینی ومؤکده على وحدته ووحدة اراضیه، ولیس اللهاث وراء اوهام.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS