أردوغان والقول الفصل فی الزمن المناسب!
یقف أردوغان لیعلن بصراحة وحسم غیر قابلین للتأویل وبعد کل مشاحنات تتجلى أو تظهر فی میادین الشرق الأوسط بشکل خاص، أن لمن یعارض خطوط السیاسة الأمریکیة فی الشرق الأوسط الحق فی التعبیر عن آرائه ومعتقداته السیاسیة بأریحیة تامة وبما یملیه علیه ضمیره من أفکار وآراء، دون الحصول على إذن مسبق من البیت الأبیض فی واشنطن أو الموساد الإسرائیلی قبل الإدلاء بدلوه أمام کامیرات الإعلام وعیون الرأی العام.
کان من الأجدى أن یقف الأمین العام لجامعة الدول العربیة ویقول بصوت عال أن دول الشرق الأوسط والأدنى لیست حقول تجارب لترسانة أمریکا أو میدانا لعرض عضلاتها وقوتها العسکریة الضخمة وأن تجربة العراق المریرة غیر قابلة للتجدید فی إیران، لأن دول العالم قاطبة قد أجمعت على أن حماقة کبیرة قد ارتکبت عند غزو العراق البلد العضو فی الأمم المتحدة والذی له سیادته وکیانه وحدوده الدولیة وله رئیس منتخب وشرعی ولا یمتلک شیئا من أسلحة الدمار الشامل أو شیئا خطیرا سیلحق بالبشریة خرابا ودمارا لا یمکن إیقافه أو إزالة آثاره المحتملة على العالم! وألا یتوقف فی تصریحه عند هذا الحد بل کان على الأمین العام أن یواصل تعریة ما یحاول الغرب إخفاءه بشأن امتلاک إسرائیل للقنبلة النوویة وأنها استعملت الفسفور الأبیض الذی یعد سلاحا محرما وفتاکا وسلاح دمار شامل ضد السکان المدنیین فی غزة دون سابق إنذار ودون حیاء أو خجل من رأی عام أو من منظمات الأمم المتحدة أو جمعیات حقوق الإنسان!
الدول الإسلامیة غطت هی الأخرى فی سبات عمیق واتسعت ثغرة الاختلاف ما بین شیوخ الإفتاء حول مشروعیة امتلاک إیران للقنبلة النوویة وعدم مشروعیتها ونسوا إسرائیل أو تناسوها أو أنهم غضوا الطرف عنها لأنها لأنها الابن المدلل للغرب ولأمریکا على حد سواء .
لماذا أردوغان إذن یغامر وحیدا فی میدان السیاسة دون أن ینتظر أحدا لمساندة خطابه الفصل فی الزمن المناسب ویعلن دون خوف أو وجل أن من حق إیران کغیرها من الدول الأخرى امتلاک ما تشاء من أسلحة فهی على الأقل لم تقتل النساء والشیوخ والأطفال ولم تتوعد أو تهدد أحدا حتى اللحظة؟
لم ینظر أردوغان إلى الماضی القریب فی محاولة ترکیا تحسین علاقتها بالغرب من أجل الانضمام لدول الاتحاد الأوروبی ولم یجزع أبدا عندما اعترض على کلام شمعون بیریس وخرج محتجا بسبب الحرب على غزة بینما بقی السید عمرو موسى ممثل العرب مترددا لا یملک الجرأة والشجاعة الحقیقیة فی ترک القاعة لیثبت أنه صاحب قضیة وموقف وأن من حقه التعبیر عن غضبه وألمه الکبیرین بسبب مآسی وجرائم إسرائیل ضد السکان العرب فی قطاع غزة! أصبح أردوغان بعد مواقفه الرائعة والثابتة المساندة للأمة العربیة وللشعب الفلسطینی بشکل خاص حدیث الساعة، فهو إنسان شجاع بکل ما تحمله الکلمة من معنى، وصاحب بصیرة وقادة وفکر نیّر، یختار الوقت المناسب بدقة متناهیة فیصرح بما یملیه علیه ضمیره وفکره فی هذا الزمن الصعب!
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS