الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

العرب إذ یوفرون لإسرائیل المخارج

بدون مواربة وبشکل صریح ومعلن باتت إدارة الرئیس الأمریکی باراک أوباما تتبنى رسمیاً الموقف الإسرائیلی الرسمی من العملیة التفاوضیة مع الفلسطینیین، وهناک مؤشرات عدیدة تؤکد أن هذه الإدارة تقدم على هذه الخطوة متسلحة بمبارکة عربیة رسمیة. فقد اعلنت وزیرة الخارجیة الأمریکیة هیلاری کلنتون أن الإدارة الأمریکیة تصر على إستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة، مما یعنی توجیه صفعة مدویة لرئیس السلطة محمود عباس، لأن هذا الموقف یعنی أنه یتوجب على عباس التراجع عن مطالبته بوقف الاستیطان فی الضفة الغربیة والقدس کشرط مسبق للعودة للمفاوضات. ومن نافلة القول أن عودة عباس للمفاوضات بمبارکة عربیة یعنی مبارکة فلسطینیة وعربیة لمواصلة الإستیطان وإضفاء شرعیة على قضم الأرض الفلسطینیة. وکعادتها تحاول الولایات المتحدة وحلفاؤها العرب ذر الرماد فی العیون وتضلیل الفلسطینیین والرأی العام العربی مجدداً عبر الزعم بأن إستئناف المفاوضات سیتم استناداً لظروف واضحة ومحددة، وهی:

1- الاعتراف بحدود العام 1967.

2- الإقرار بأن القدس الشرعیة هی عاصمة الدولة الفلسطینیة العتیدة.

3- الاستناد إلى فکرة تبادل الأراضی.

4- إلتزام واشنطن بتقدیم ضمانات لکل من السلطة الفلسطینیة وإسرائیل.

وللأسف الشدید فإن بعض وزراء الخارجیة العرب هم الذین أخذوا على عاتقهم القیام بمهمة ترویج هذه الأفکار المضللة دون توضیح ما یطرحونه من أفکار. فلأول وهلة یخیل للمرء أن الاعتراف بحدود العام 67 یعنی انسحاب إسرائیل بشکل کامل من کل مناطق الضفة الغربیة التی أحتلت فی حرب الأیام الستة، وإقامة الدولة الفلسطینیة فیها.

و واضح تماماً أنه لیس هذا المقصود بتاتاً، فعن أی حدود یتحدثون ماداموا یقرون لإسرائیل بالحق فی مواصلة الأنشطة الإستیطانیة على قدم وساق. وإن کانت إسرائیل تعلن أنها ستسأنف الاستیطان بوتیرة عالیة تماماً بعد انتهاء فترة التجمید المؤقت للاستیطان فی الضفة الغربیة " مع العلم إن الأنشطة الاستیطانیة تتواصل بدون توقف " فأین سیتم الإعلان عن الدولة الفلسطینیة، مع العلم أنه حتى فی ظل الأوضاع الحالیة لا یمکن الإعلان عن دولة فلسطینیة حقیقیة فی الضفة الغربیة، إذ أن الکتل الإستیطانیة وجدار الفصل العنصری عملا على تقطیع أوصال الضفة الغربیة. ویتجاهل المتحمسون لإستئناف المفاوضات فی کل من واشنطن وبعض العواصم العربیة من الحقائق التی تحاول إسرائیل تکریسها على الأرض، وکأن ما یحدث یتم على کوکب آخر.

 

فقد أعلن مجلس المستوطنات الیهودیة فی الضفة الغربیة مؤخراً عزمه عن إقامة أکبر مدینة استیطانیة فی محیط مدینة بیت لحم تؤوی عشرات الآلاف من المستوطنین وبدعم کامل من وزارة الإسکان فی حکومة نتنیاهو. للأسف الشدید إن صناع القرار فی العالم العربی یبدون غیر مهتمین بمعرفة التفاصیل ذات الدلالة فی کل ما یتعلق بنوایا إسرائیل والإطار الذی یرسم إستراتیجیتها الاستیطانیة. فلم یعد التحمس للاستیطان یأتی لاعتبارات أمنیة وسیاسیة ودیموغرافیة، بل بات ضرورة اقتصادیة لکثیر من الفئات السکانیة التی لم تکن تظهر حماساًً واضحاً للعیش فی مستوطنات الضفة الغربیة، وتحدیداً الطبقات الفقیرة وأتباع التیار الدینی الأرثوذکسی، الذین باتوا یکتشفون الاستیطان فی الضفة الغربیة بسبب مزایاه الاقتصادیة، حیث تنخفض أسعار الأراضی، إلى جانب أن هذه الفئات تحاول الاستفادة من المزایا التی یقدمها الکیان للذین یقبلون على الاستیطان فی الضفة الغربیة.

أما الحدیث عن الاعتراف بالقدس الشرقیة کعاصمة للدولة الفلسطینیة، فهذا لیس أکثر من ضحک على اللحى، فالقدس الشرقیة فی العرف الإسرائیلی هی البلدات الفلسطینیة التی تقع فی محیط القدس مثل أبو دیس والعیزریة وغیرها، ولیست البلدة القدیمة والمسجد الأقصى وحارة النصارى والشیخ جراح وغیرها من أحیاء، وتستثنی إسرائیل من القدس الأحیاء الیهودیة التی أقامتها منذ احتلالها للقدس وحتى الآن مثل مستوطنات: جیلو وبسغات زئیف وهار حوما، وغیرها، مع العلم أن حدود بلدیة الاحتلال فی القدس تضاعفت عشرین مرة منذ احتلالها عام 67 وذلک بسبب ضم مساحات واسعة من أراضی الضفة الغربیة.

ومن أسف فإن صناع القرار فی العالم العربی لا یبدون معنیین بالوقوف عند دلالات التحرک الصهیونی على الأرض. فعما قریب ستنجز إسرائیل مشروع "E1" الذی یعد أکبر مشروع استیطانی تهویدی یرمی إلى ربط القدس بمستوطنة " معالیه أدومیم "، کبرى مستوطنات الضفة الغربیة، وعند إنجاز هذا المشروع فإنه سیتم فصل جنوب الضفة الغربیة عن شمالها، وسیصبح الحدیث عن دولة فلسطینیة متصلة الإقلیم عندها أمراً غیر واقعیاً.

ومما لا شک فیه أن أخطر ما یحاول النظام العربی الرسمی الترویج له فی کل ما یتعلق بالتحرک الأمریکی الأخیر یتمثل فی منح شرعیة لفکرة " تبادل الأراضی "، التی تعنی مقایضة التجمعات الإستیطانیة الکبرى فی الضفة الغربیة بالتجمعات التی یقطن فیها فلسطینیو 48، وبذلک یلتقی المسؤولون العرب مع وزیر خارجیة إسرائیل الهاذی أفیغدور لیبرمان أکثر المتحمسین لهذه الفکرة لأنها تضمن تحقیق هدفین أساسیین من أهداف الحرکة الصهیونیة التاریخیة، وهی الظفر بالمستوطنات فی الضفة الغربیة، وفی نفس الوقت التخلص من "العبء" الدیموغرافی الذی یشکله هؤلاء الفلسطینیین، أصحاب الأرض الفلسطینیین. ویتوجب رفض فکرة تبادل الأراضی بشکل مطلق لیس فقط لأنها تضفی شرعیة على المشروع الاستیطانی فی الضفة الغربیة علاوة منح إسرائیل الوسائل لضمان تفوق الیهود دیموغرافیاً فی هذا الکیان المغتصب، بل أیضاً لأن هذا سلوک غیر أخلاقی، فکیف تتم المساواة بین اللص وصاحب الحق.

ن/25


| رمز الموضوع: 141316







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)