الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

فلیأخذ لمصر بقدر ما یعطى من فلسطین

 

بقلم / محمد سیف الدولة

 

"فلیأخذ لمصر بقدر ما یعطى من فلسطین".. هذا هو ما قاله مناحم بیجین لکارتر عن السادات  اثناء مفاوضات السلام المصریة الاسرائیلیة عام 1979 طبقا لما جاء فى کتاب هیکل "عواصف الحرب والسلام"

لقد اسس بیجین حینئذ القاعدة الاساسیة الحاکمة لدور مصر فى المنطقة لعدة عقود قادمة

فلقد قبل النظام المصرى وعلى امتداد 30 عاما هذه القاعدة واعتمدها مرجعا رئیسیا له فى کل سیاساته التالیة

ولم تدرک جموع الشعب المصرى وقواه الوطنیة ، وطأة هذه القاعدة وخطورتها بقدر ادراکها لها الان اثناء العدوان الصهیونى على غزة و دعونا نتذکر معا ماذا اعطت مصر لاسرائیل فى العقود الثلاثة الاخیرة  :

 *   اعطتها فلسطین 1948 ، وهى تساوى 78 % من مساحة فلسطین  ، بالاضافة الى حق مستقبلی مؤجل فى المطالبة بباقى فلسطین المسمى بالضفة الغربیة وغزة .

حدث ذلک عندما اعترفت مصر  باسرائیل بموجب اتفاقیات کامب دیفید .

فالاعتراف بمشروعیة الدولة الاسرائیلی، یعنى الاعتراف بمشروعیة الاغتصاب الصهیونى لفلسطین ، والاعتراف بصحة الاساطیر الصهیونیة حول الامة الیهودیة والشعب الیهودى وحقه التاریخى فى ارض المیعاد

وهو یعنى الاعتراف بان الحرکة الصهیونیة حرکة تحرر وطنى نجحت عام 1948 فى تحریر وطنها المغتصب من الاستعمار العربى الاسلامى والتى یحتفلون بذکراها کل عام فى عید یطلقون علیه "عید  الاستقلال ".

واذا کان هذا صحیحا ـ وهو لیس کذلک ـ فان الضفة الغربیة وغزة ، هى الاخرى ، وبذات المنطق ، اراض یهودیة مما یستوجب تحریرها عاجلا ام آجلا من الاحتلال العربى لها

او على اقل تقدیر یعنى حق اسرائیل فى تجرید الضفة وغزة من حقهما فى تاسیس دولة مستقلة ذات سیادة حقیقیة قادرة على تهدید امن اسرائیل ووجودها مستقبلا

لیس ذلک فقط بل ان الاعتراف بشرعیة اسرائیل یعطیها کل الحق فى کل ما تفعله دفاعا عن "وجودها وامنها القومى"

فکل من لا یعترف بها یمثل تهدیدا لهذا الامن ، علیها ان تطارده وتصفیه اغتیالا او اعتقالا او نفیا او حصارا وتکون المقاومة الفلسطینیة بالفعل ارهابا ویکون الارهاب الصهیونى هو دفاعا مشروعا عن النفس

*   کما اعطت مصر لاسرائیل بعد کامب دیفید میزة الانفراد بالساحة الفلسطینیة مما مکنها من دخول بیروت عام 1982 ونفى القوات الفلسطینیة الى تونس ومناطق اخرى ، وتسویة القیادة هناک على نار هادئة الى ان تمکنت من اخضاع ارادتها فى اوسلو 1993 وارغامها على الاعتراف بحق اسرائیل فى الوجود والتنازل عن فلسطین 1948

*   و ادى خروج مصر من الصراع ضد اسرائیل الى ضرب کل الخیارات الاخرى ماعدا خیار التسویة . فالحرب بدون مصر غیر ممکنة موضوعیا . والتسویة فى النهایة هى تفریط فى الارض العربیة .

*  وبالفعل نجحت مصر على امتداد الـ 25 عاما السابقة فى تعریب التسویة واستقطاب الاطراف العربیة واحدا تلو الآخر الى خیار الاعتراف یاسرائیل والتعایش معها فظهرت اوسلو ثم وادى عربة ثم مبادرة السلام العربیة 2002

*  واعطت مصر لاسرائیل ، بالاضافة الى عوامل اخرى ، واقعا عربیا متفرقا ومتصارعا بعد ان انسحبت من قضیة فلسطین التى کانت توحد العالم العربى بکل تناقضاته . فعرب الیوم یختلفون جذریا عن عرب مؤتمر الخرطوم 1967 وعرب الحظر البترولى فى حرب 1973

*   کما کسرت مصر المقاطعة الدولیة لاسرائیل ، فاعادت اکثر من 80 دولة علاقتها باسرائیل بعد کامب دیفید ، مما اعاد ضخ دماء جدیدة فى جسد الاقتصاد الاسرائیلى وخفف العبء عن کاهل الولایات المتحدة

 

 *   وشجع اعتراف مصر باسرائیل ، القوى الطائفیة فى المنطقة ، على تکرار وتقلید نموذج الدولة الیهودیة فبدأت محاولات انشاء دول اخرى "محررة من الاحتلال العربى"! دول کردیة وسنیة وشیعیة وقبطیة وزنجیة ..الخ

*   کما ضربت معاهدة السلام المصریة الاسرائیلیة اتفاقیة الدفاع العربى المشترک فى مقتل بما نصت علیه فى مادتها الرابعة من اولویة هذه المعاهدة على ما عداها من اتفاقیات وعلى حظر الدخول فى اى اتفاقیات جدیدة تتناقض مع احکامها

*   وحوصرت القوى الوطنیة المصریة المعادیة لاسرائیل والداعمة لفلسطین ، وأُضعفت وطُوردت امنیا وجنائیا وما زالت .

*  واخیرا ولیس آخرا تستمر مصر کامب دیفید الى الیوم فى العطاء لاسرائیل ، وها هى تشارک فى الحصار المفروض على غزة بغرض کسر واخضاع القلعة الاخیرة المسلحة فى الارض المحتلة التى ترفض الاعتراف باسرائیل . وتراقب بدم بارد حرب ابادة جدیدة فى حق اهالینا هناک .

*   والیوم فى ینایر 2010 ، تقوم ببناء جدار فولاذى تحت الارض للقضاء النهائى على الانفاق ، لاحکام الحصار ، تنفیذا للرغبات الامریکیة الاسرائیلیة .

*  والبقیة تأتى

وماذا اخذت مصر فى المقابل :

*  اخذت سیناء منزوعة السلاح الا من ثلثها المجاور لقناة السویس مما یهدد باعادة احتلالها مرة اخرى فى اى وقت .

*   اخذت حمایة  امریکیة وضمانات بعدم تکرار العدوان الاسرائیلى علیها مرة اخرى ان هى التزمت حسن السیر والسلوک

*  اخذت معونة عسکریة امریکیة  قیمتها 1.3 ملیار دولار سنویا هدفها الحقیقى هو ضمان التفوق العسکرى لاسرائیل

*   اخذت معونة اقتصادیة امریکیة ادت فى الحقیقة الى خلق طبقة راسمالیة موالیة لامریکا سلّموا لها مصر ، والى تبعیة اقتصادیة ، والى مزید من الاثراء للشرکات الامریکیة التى عادت لها اموال المعونة من الطرق الخلفیة .

*  أخذت مبارکة امریکیة لبقاء النظام السیاسى بحکامه الحالیین بدون تغییر ، بدون تداول فى السلطة ، بدون انتخابات حقیقیة .

و یا له من ثمن  !!

ن/25


| رمز الموضوع: 141329







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)