مایفعله الشقیق ما یریده العدو

یبدو ان العالم، بشقیه المتحضر والمتخلف، قد نسی قطاع غزة، ومعاناة ملیون ونصف الملیون من ابنائه من حصار ظالم یحرمهم من ابسط مقومات الحیاة البشریة. فما زال هناک حوالی مئة الف شخص على الأقل یعیشون على انقاض منازلهم المهدمة بفعل عدوان الکیان الصهیونی فی مطلع العام الماضی، والمعابر مغلقة معظم الوقت، ولا یدخل الى القطاع الا ربع إحتیاجات سکانه من امدادات الطعام والدواء والاحتیاجات الأساسیة.
لا یلوح فی الأفق ای مؤشر بحدوث تغییر یضع حدا لهذا الوضع المأساوی، بل ما یحدث هو العکس تماماً، فقد باشرت السلطات المصریة منذ یومین باستبدال ابراج المراقبة المقامة على الحدود مع القطاع، باخرى اکثر تحصیناً ضد الرصاص ومن النوع الفولاذی تحت ذریعة حمایة الجنود المصریین لمنع تکرار حادثة مقتل الجندی احمد شعبان.
بعد الجدار الفولاذی الممتد على طول الحدود یتم الآن بناء ابراج فولاذیة، وکذلک تطویق رفح المصریة بالأسلاک الشائکة لمنع ای عملیات مستقبلیة للتهریب، ووصول السیارات باتجاه المنطقة الحدودیة.
لا یجادل احد فی حق مصر فی حمایة حدودها، وبناء ما شاءت من الابراج، فهذا امر یتعلق بالسیادة، ولکن ما یمکن، بل ویجب الجدل فیه، هو الاثار الکارثیة لهذا القرار السیادی على مواطنین عرب ومسلمین یکنون لمصر ولشعبها کل مشاعر المحبة والتقدیر والاحترام والعرفان بالجمیل ، خاصة وانه خلال الصراع مع الصهاینة المحتلین منذ البدایة کانت مصر الى جانب الشعب الفلسطینی ضد الغزاة .
بناء السور الفولاذی، ودعمه بأبراج مراقبة فولاذیة، واسلاک شائکة تفصل رفح المصریة عن شقیقتها الفلسطینیة، کلها مؤشرات على احتمال مجیء ایام سوداء لأبناء القطاع یتم التحضیر لها بشکل محکم من قبل الولایات المتحدة واسرائیل والحکومة المصریة.
من الواضح ان کل هذه الاجراءات تهدف الى اغلاق الأنفاق الارضیة التی تمتد تحت الحدود، وتوفر الحد الادنى من الاحتیاجات الاساسیة لأبناء القطاع، مما یعنی خنق سکان غزة بشکل اکثر قسوة، وهذا حکم صریح بالاعدام الفعلی ، بعد ان تم اعدام هؤلاء نفسیاً وانسانیاً من قبل العدو المحتل و الان جاء دور الشقیق ...
اللافت ان اجراءات الخنق هذه تتزامن مع قرع الحکومة الاسرائیلیة لطبول الحرب ضد لبنان وقطاع غزة، وتهدیدات المسؤولین الاسرائیلیین باقتحام القطاع مجددا، رغم ان الصواریخ توقفت واصبحت المستوطنات الجنوبیة المحاذیة للقطاع تتمتع بالأمان.
إحکام الحصار فی ظل هذه التهدیدات لم یکن من قبیل الصدفة، لان الهدف هو قتل روح المقاومة، واعادة القطاع مجددا الى بیت طاعة المفاوضات العبثیة، فی حال العودة الیها وفقا للشروط الامریکیة والاسرائیلیة.
فمن الواضح ان منع عملیة اعادة اعمار ما دمره العدوان خطة متفق علیها، وتأکید جدید على ان العدوان الثانی بات وشیکا، وعلى امل ان ینجح فی ما فشل فیه العدوان الاول، ای الإطاحة بحکومة 'حماس' الحالیة واستبدالها بحکومة اخرى تتبنى اطروحة 'السلام الاقتصادی' المطبقة حالیا بنجاح فی الضفة الغربیة المحتلة.
ن/25