الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

لا جدوى من مناشدة العرب بالوقوف الى جانب سوریة ، لان معظم هؤلاء متواطئون

لا جدوى من مناشدة العرب بالوقوف الى جانب سوریة ، لان معظم هؤلاء متواطئون 

  ( مهمة حرب.. لا سلام )

عبد الباری عطوان

 

المعادلات الاستراتیجیة تتغیر بطریقة استفزازیة فی منطقتنا العربیة، ففی الماضی کانت اسرائیل تهدد بالحروب اذا تعرضت لقصف صاروخی، من هذه الجهة او تلک، الآن باتت التهدیدات لسوریة باعادتها الى العصر الحجری لمجرد نقلها صواریخ الى 'حزب الله' اللبنانی.

والأغرب من ذلک کله ان الولایات المتحدة الامریکیة، الدولة الاعظم فی العالم، باتت تؤید اسرائیل فی هذا الموقف 'الترهیبی'، وتستعد لاعطاء الضوء الاخضر لها لشن عدوان جدید یستهدف سوریة ولبنان معا.

دعم سوریة لحزب الله لیس ولید الساعة، کما انه لیس اکتشافاً یستحق کل هذه الضجة وکأنه 'اکتشاف أرخمیدس'، فالغالبــــیة الساحقــــة من اسلـــحة 'حزب الله' وصواریخه القادمة من ایران خصوصا کانت تمر عبر البوابة السوریة، والتحالف الثلاثی السوری ـ الایرانی وحزب الله لم یعد سرا، وجرى تتویجه باللقاء الذی انعقد فی دمشق قبل شهر بحضور زعمائه الثلاثة.

الجدید هو التحرش الامریکی ـ الاسرائیلی بسوریة، والبحث عن ذرائع للهجوم على الاخیرة، او الضغط علیها، وبشکل ذی طابع ارهابی تخویفی، للتخلی عن حلفائها فی ایران ولبنان، والدخول فی عملیة تفاوضیة وفق الشروط الاسرائیلیة.

بالامس واشنطن قالت فی بیان رسمی ان سوریة تزّود حزب الله بمجموعة واسعة من الصواریخ، وان احتمال تزویدها للحزب بصواریخ من نوع 'سکود' ما زال موضع دراسة.

هذه هی المرة الاولى التی نسمع فیها ان امتلاک صواریخ 'سکود' بات خرقا لکل الخطوط الحمراء، ویبعث على القلق فی واشنطن وتل ابیب، وکأن هذه الصواریخ ستغیر موازین القوى العسکریة فی المنطقة، وتنهی التفوق الاستراتیجی الاسرائیلی فی هذا المضمار.

نفهم مثل هذا القلق المفتعل لو ان سوریة زوّدت حزب الله برؤوس نوویة، او 'قنابل قذرة'، ولکن ما یصعب علینا فهمه هو ان هذه الضجة المفتعلة هی بسبب صواریخ لم یثبت عملیا ان سوریة زوّدت حزب الله بها حتى الآن، وان هذه الصواریخ قدیمة ولا تشکل ای خطر وجودی على الدولة الاسرائیلیة.

سوریة لیست محاطة بدول اسکندنافیة، او تحدها سویسرا فی الجنوب والنمسا فی الشمال، وانما ابتلاها الاستعمار الغربی بجار عدوانی صلف، والحال نفسه یقال ایضا عن لبنان والدول العربیة الاخرى. فاسرائیل هی مصدر العدوان الازلی على سوریة ولبنان، وهی التی اغارت على الاراضی السوریة اکثر من مرة تحت اعذار وحجج واهیة مثل ضرب المفاعل النووی المزعوم، وهی ایضا التی غزت لبنان اکثر من مرة آخرها فی تموز (یولیو) عام 2006.

من الواضح ان الولایات المتحدة فی عهد ادارة الرئیس اوباما ترید 'من اسرائیل ان تعید سوریة الى العصر الحجری' مثلما هدد رئیس وزرائها، دون ان تکون لدیها ای وسیلة، ولو کانت بدائیة، للدفاع عن نفسها.

نشعر بالمرارة ونحن نرى سوریة تواجه هذه الحملة الارهابیة الامریکیة ـ الاسرائیلیة وحدها، ودون ای تعاطف ولو شفهی من اشقائها العرب. لم نقرأ او نسمع عن برقیة تضامن واحدة من مصر او المملکة العربیة السعودیة او السودان او حتى لیبیا، والأکثر من ذلک ان السید عمرو موسى أمین عام الجامعة العربیة فضّل الذهاب الى الصومال للبحث عن مخرج لحربها الاهلیة، وکیف نتوقع منه ذلک وهو الحریص على عدم إغضاب حلفاء امریکا فی المنطقة، واحجم حتى عن زیارة المحاصرین المجوّعین فی قطاع غزة بسبب ذلک.

وصول السناتور جورج میتشل مبعوث السلام الامریکی الى الاراضی الفلسطینیة المحتلة، وتصاعد الحدیث عن صفقة امریکیة بإحیاء المفاوضات الفلسطینیة الاسرائیلیة، مقابل التشدد مع سوریة وحزب الله، یجعلنا نضع أیدینا على قلوبنا، لأن هذه الزیارة التی تأتی فی ظل استمرار عملیات الاستیطان فی القدس، وعدم اجابة نتنیاهو على الاسئلة الامریکیة الاحد عشر هی نذیر شؤم، وقد تکون احدى مقدمات الحرب على سوریة، ولبنان وغزة، وربما ایران ایضاً.

' ' '

تونی بلیر رئیس وزراء بریطانیا السابق قال فی شهادته امام لجنة التحقیق بشأن الحرب على العراق انه کان یصعب على امریکا وحلفائها شن حرب على العراق عام 2003 قبل وقف الانتفاضة الفلسطینیة واعادة الحیاة الى عملیة السلام. السناتور میتشل جاء الى المنطقة للهدف نفسه، وحاملاً اقتراحاً بقیام دولة فلسطینیة بحدود مؤقتة وتأجیل التفاوض على مستقبل القدس المحتلة واللاجئین.

لا نرى ای جدوى من مناشدة العرب بالوقوف الى جانب سوریة، لان معظم هؤلاء متواطئون مع العدوان الامریکی الاسرائیلی القادم، نقولها بکل ألم وحسرة. فمثلما ترکوا العراق یواجه الغزو والاحتلال وحده، وبتواطؤ عربی مع الغزاة، سیفعلون الشیء نفسه مع سوریة العربیة المسلمة وحلفائها.

اسرائیل لن تفلح باعادة سوریة الى العصر الحجری، ولن ترکّع المقاومة فی لبنان وقطاع غزة، مع تسلیمنا الکامل بتفوقها العسکری الکبیر، فإذا کانت امریکا الدولة الاعظم فی التاریخ لم تستطع الاحتفاظ بنصریها فی العراق وافغانستان، فهل ستستطیع اسرائیل التعایش مع منطقة ملتهبة فی الیوم الثانی لانتصارها؟

الذین رقصوا على ایقاعات نشوة النصر فی العراق وافغانستان یکتوون حالیاً بنار هذا الانتصار التی احرقت اصابعهم وجیوب دولهم فی الوقت نفسه، ویبحثون عن مخارج مشرفة تنقذ ماء الوجه دون جدوى.

سوریة وقوى المقاومة فی لبنان وقطاع غزة لم تختر الحرب، ولم تقدم على ای استفزاز لاسرائیل او امریکا، واذا ارادت الاخیرتان هذه الحرب، فان الدفاع عن النفس حق مشروع کفلته کل المواثیق والادیان والقوانین الالهیة والوضعیة.

مرة اخرى نکررها، بان الیابان لم تُزل من الخریطة، ولم تعد الى العصر الحجری رغم القاء قنبلتین نوویتیــــن على اکــــبر مدنها، والمانیا عادت موحدة بعد الهزیمة والتقسیم، والعراق مازال العراق رغــــم الاحتـــلال والغـــزو، ولکن هل ستظل اسرائیل هی اسرائیل بعد الحرب المقبلة اذا ما أشعلت إوارها؟.

هذا هو السؤال الذی قد تجیب علیه الأشهر المقبلة.

ن/25

 

 

 


| رمز الموضوع: 141360







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)