لماذا لقاء عباس و نتنیاهو و عبدالله الثانی کان سریا

لماذا سرّی، وفی عمّان؟!
لماذا کان سریاً؟ إنه لقاء ضم "نتنیاهو" وکل من ملک الأردن عبد الله الثانی، وعباس، فما دواعی السریة؟ وإن کان سریاً، فما مبررات الإعلان عنه فیما بعد؟ وهل کان التخوف من ردة فعل الشارع العربی الأردنی، أو الفلسطینی وراء السریة؟ أم کانت السریة من باب الخشیة على شعبیة "نتنیاهو"، ومکانته بین بنی قومه، والحرص على عدم اتهامه بالتنازل، والتفریط بالحقوق التاریخیة للیهود بأرض فلسطین؟!
کان بإمکان القادة الثلاثة عقد اللقاء العلنی، والدفاع عن فکرتهم. ولاسیما أن عباس قد التقى قبل ذلک مع أکثر من رئیس وزراء إسرائیلی، ومنهم "أرئیل شارون" وهو أخطر، وأقسى صهیونیة، وأقصى یهودیة من "نتنیاهو" فلماذا التردد؟ والشعب العربی الفلسطینی یعرف أن هدف إسرائیل من استئناف المفاوضات المباشرة، تنفیس موجه الکراهیة للیهود التی تنتشر على مستوى العالم، والتی وصلت إلى حد تشبیه دولة إسرائیل بالنازیة؟ والشعب العربی الفلسطینی یعرف أن الدعوة الأمریکیة ومن ثم الفرنسیة، ومن ثم الإیطالیة للطرفین الفلسطینی والإسرائیلی لاستئناف المفاوضات المباشرة لا رادّ لها، ولا طاقة للفلسطینی الذی یتسلم راتبه آخر الشهر من الدول المانحة، لا طاقة له برفض المفاوضات المباشرة، ولماذا السریة طالما کانت المفاوضات هی خیار السلطة الوحید؟
أما عن الشق الآخر فی سریة اللقاء؛ فإن الأردن قد وقع اتفاقیة وادی عربة مع إسرائیل، ویرتبط بعلاقة دافئة معها لم تتأثر حتى فی عز حرب الرصاص المصبوب على غزة، ولم تتأثر من قبل فی عز الهجوم الإسرائیلی على مدینة جنین سنة 2002، وترتبط الدولة العبریة مع الأردن بعلاقة قویة وراسخة، عززتها الوقائع والأحداث على مدار السنین.
فلماذا السریة، والشعب العربی یثق أن السلطة الفلسطینیة، وبدعم من لجنة المتابعة المنبثقة عن جامعة الدول العربیة، ستنزلق إلى المفاوضات المباشرة، مثلما انزلقت إلى غیر المباشرة دون أن تحقق إنجازاً، والشعب العربی أمسى متأکداً أن المفاوضات لعبة سیاسیة تمارسها إسرائیل بدعم أمریکی أوروبی یهدف إلى إشغال المنطقة بعملیة سلام للتفرغ إلى ما هو أبعد من ذلک، ولا سیما مع تصاعد اللهجة العدائیة ضد إیران، وأن الأنظمة العربیة ترعى عملیة الحمل الکاذب للسلام لتغطی على عجزها، وقصورها عن القیام بواجبها تجاه الأرض العربیة المغتصبة؟!
وأزعم أن الشعب العربی بات یدرک أن أنظمة الحکم العربیة تتعامل مع الأمن القومی للدولة العبریة متمماً، ومؤسساً للأمن القومی العربی، وأن أی انفجار للمقاومة سیخلط الأوراق، ویخربش الرؤیة الأمنیة المشترکة لأمریکا وأوروبا وحلفائهم من الأنظمة العربیة، حتى صار تحقیق الهدوء فی الضفة الغربیة حاجة للأنظمة العربیة قبل أن یکون مصلحة للمستوطن الإسرائیلی.
من المنطق أن یعقد لقاءً سریاً بین عباس وخالد مشعل، أو مع الرئیس الإیرانی، أو مع رئیس الوزراء الترکی، أو حتى مع رئیس الوزراء الفلسطینی إسماعیل هنیة، وأن یکون الخوف من افتضاح الأمر سیؤثر على مستوى الدعم المالی المقدم من الدول المانحة، ولکن من غیر المنطق أن یعقد لقاءً سریاً مع رئیس وزراء إسرائیلی فی عمان!!.
فایز صلاح أبو شمالة
ن/25