qodsna.ir qodsna.ir

خضوع عربی منقطع النظیر

محمد صالح المسفر

 

(1) کل یوم تکشف الأحداث لنا ضحالة فکر وانعدام المهارة السیاسیة عند بعض القادة العرب، وعدم الالتزام بکلمتهم فی الشأن الوطنی، وانعدام الشخصیة القیادیة وضعف الهیبة وانعدام الإرادة الوطنیة، وقبول التبعیة لقوى خارجیة خوفا من کشف الأسرار وفضح المستور من القول والوثائق والعمل.

یقودنی هذا للتذکیر بان دبابات وجرافات الجیش الإسرائیلی وجحافل المستوطنین أخرجت سکان القرى العربیة فی جنوب فلسطین من منازلهم ومن حقولهم وقامت بتدمیر تلک القرى عن بکرة أبیها على کل ما فیها من مقتنیات الأسر الفلسطینیة، وفی ذات الیوم رئیس وزراء العدو الإسرائیلی فی ضیافة احد القادة العرب یأمره بممارسة الضغوط على الفلسطینیین للتسلیم بالمطالب الإسرائیلیة والعودة إلى غرفة المفاوضات المباشرة، ذلک السلطان العربی لم یحرک ساکنا أمام هذا الصهیونی المتعنت الذی وضع مخططا لتوطین 300 ألف یهودی محل من دمرت قراهم وجرفت مزارعهم.

زعیم عربی آخر یستقبل نتنیاهو احد الإرهابیین العتاة فی منطقة الشرق الأوسط، فی ذات الوقت المستوطنون الیهود تحت حمایة الجیش الإسرائیلی یحتلون منازل مواطنین فلسطینیین مقدسیین ویخرجون أهلها منها بالقوة المسلحة، والسلطة الإسرائیلیة تعمل على تهوید مدینة القدس دون أن تهتز شعرة واحدة فی رأس ذلک الحاکم العربی.

زعیم عربی ثالث أبلغ القیادات الفلسطینیة فی رام الله أن علیهم الاستجابة لمطالب الإدارة الأمریکیة الحالیة لأنها لا تستطیع مواجهة أمریکا ولا تستطیع أن ترفض لها مطلبا.

تروی الدکتورة عشراوی أن الإدارة الأمریکیة هددت بعزل الفلسطینیین إقلیمیا ودولیا وعربیا إذا رفضوا الانتقال للمفاوضات المباشرة، الأمر الذی جعل لجنة المتابعة العربیة للسلام توافق على عودة محمود عباس إلى طاولة المفاوضات المباشرة بعد أن شرح لهم ما یتعرض له من تهدید ووعید من قبل الأمریکان والاوروبیین على حد سواء. تقول عشراوی فی ثنایا حدیثها 'للقدس العربی' العرب لم یقوموا بأی دور فعال تجاه محنة الفلسطینیین بل إن بعضهم انضم للفریق الأمریکی ـ الإسرائیلی لممارسة الضغوط المعنویة والنفسیة والاقتصادیة علینا، فماذا نفعل غیر الاستجابة للضغوط علینا ؟!!.

(2)

ماذا نفعل؟ أقول نستطیع أن نفعل الکثیر والموجع إذا توفرت لنا الإرادة وحب الوطن. إن السیاسة التی اتبعتها منظمة التحریر (فتح) منذ أوسلو 1993م قادت العمل الوطنی الفلسطینی إلى ما آل إلیه الیوم، أی الانتقال بهذا العمل من فشل إلى فشل، کانت (فتح) تقول إنها ترید أن یکون لها حق الاستقلال فی صناعة قرارات مستقبل الفلسطینیین ومنذ فک الارتباط مع الأردن وحتى هذه الساعة لم تستطع (فتح) التمتع بالاستقلال فی قراراتها، بمعنى آخر ان القرار الفلسطینی أصبح الیوم یتخذ فی کل من واشنطن وتل أبیب وما على السلطة فی رام الله إلا أن تنفذ ما یملى علیها وتحولت بفعل سیاستها إلى حارس لحمایة المستوطنات فی الضفة الغربیة والمحافظة على امن اسرئیل بشکل عام.

فی تقدیر الکاتب، لو أن القادة العرب فی عمان وشرم الشیخ رفضوا استقبال نتنیاهو لارتکابه جرائم حرب ضد الإنسان الفلسطینی وأن جیشه وقطعان المستوطنات یمارسون الارهاب العملی ضد الشعب الفلسطینی وهدد هؤلاء الحکام بتجمید الاتفاقات الموقعة مع العدو الإسرائیلی، واستدعوا سفراءهم من تل أبیب، وأمروا بمغادرة البعثة الدبلوماسیة الإسرائیلیة فی تلک العواصم، لو فعلوا ذلک لتغیرت الصورة على الاقل فی واشنطن، ولو أعلن عباس الإفراج عن المعتقلین فی الضفة الغربیة من أنصار حماس والجهاد الإسلامی وغیرهم، وأعلن العودة إلى غزة وتفعیل دور الحکومة المنتخبة هناک لکان ذلک اکبر رد فعل على التهدیدات الأمریکیة والإسرائیلیة بالعودة إلى المفاوضات المباشرة، ولو أن الملک عبد الله آل سعود والرئیس بشار الأسد فی زیارتیهما لبیروت فی مطلع هذا الأسبوع أعلنا رفضهما للضغوط التی تمارس على العرب وجمدا المبادرة العربیة و زارا مخیمات اللاجئین فی لبنان وأعلنا إصرارهما على عودة هؤلاء اللاجئین إلى وطنهم فلسطین فان ذلک سیکون بمثابة الرد على التهدیدات الأمریکیة والاوروبیة.

سؤالی لماذا القادة العرب یستسلمون للمطالب الأمریکیة باستمرار؟

ولماذا دائما الضغوط علیهم بینما إسرائیل تنعم بحمایة أمریکیة مطلقة؟ لماذا لا یستخدم العرب نفوذهم السیاسی والمالی والاقتصادی لفرض إرادتهم فی المجتمع الدولی؟

آخر القول: الإسرائیلیون قالوا للقیادة الأمریکیة: لا تخشوا رد فعل عربیا ضد مصالحکم، انظروا ماذا نفعل بهم نحاصرهم فی غزة، ونقتل وندمر ونهجر ونعتقل ونصادر ومع هذا نستقبل فی عواصمهم على أعلى المستویات، ونتسامر مع قیادات فلسطینیة عالیة المستوى، ولنا معهم مصالح مشترکة.

قالوا لهم أیضا: لن نوقف توسیع المستوطنات، ولن نتوقف عن تهوید القدس کعاصمة أبدیة لإسرائیل وسیقبل العرب بذلک دون إعلان.

ن/25

 

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 141408