المفاوضات المباشرة.. تضلیل إسرائیلی وحاجة أمیرکیة
حسن حسن
ما یدور حالیاً من حراک سیاسی أمیرکی-"إسرائیلی" فی المنطقة لیس الأول من نوعه، فعلى مدى السنوات العشر الماضیة شهدت المنطقة حراکاً أوسع وأعرض من الحالی، ولم یسفر هذا الحراک عن أی تسویة فی المنطقة.
من جانب ثان، فإن المهل الزمنیة السابقة، بدءاً من وعود الرئیس کلینتون بإنشاء الدولة الفلسطینیة، مروراً بالوعود الکثیرة للرئیس بوش الابن، وصولاً إلى الرئیس أوباما، الذی رضخ للشروط" الإسرائیلیة" بالنسبة للاستیطان و تراجعه عن مواقفه التی وعد بتنفیذها فیما یتعلق باستئناف المفاوضات، کل ذلک یشیر إلى أن المهل الزمنیة القادمة لن تتجاوز الحدود السابقة، فالمدد الزمنیة ( لیست مقدسة بالنسبة للکیان) ، کما أعلن عن ذلک اسحق رابین فی حینه، ما یعنی أن المدد الزمنیة تستعمل فی المفهومین الأمیرکی و"الاسرائیلی" لجر الجانبین الفلسطینی والعربی للإقدام على خطوات سیاسیة، وفی الراهن تتمثل هذه الخطوات فی إعادة المفاوضات الفلسطینیة-" الاسرائیلیة".
على صعید آخر ،تفترض الخطة الأمیرکیة، أن هناک وقفاً" إسرائیلیاً" للاستیطان، بعد القرار الذی أصدرته حکومة نتنیاهو، وهذا یجافی حقیقة الوقائع الثابتة على الأرض، والقائلة إن الاستیطان"الاسرائیلی" لم یتوقف للحظة واحدة ، لافی الضفة الغربیة، ولافی القدس التی استثنتها"اسرائیل" وفقاً للقرار .
الولایات المتحدة ترید مفاوضات"اسرائیلیة" -فلسطینیة ،کنوع من رد الاعتبار للرئیس أوباما وإدارته، بحیث لایبدو تراجعه عن وعوده کظاهرة أبرز فی الشرق الأوسط، فوجود المفاوضات مؤشر على وجود حرکة سیاسیة فی المنطقة کبدیل عن الرکود الحالی، وهی أیضاً طریقة التفافیة على المطلب الفلسطینی بوقف الاستیطان کلیاً فی الضفةالغربیة ومدینة القدس.
ففی ظل وجود المفاوضات، ستظل عملیة الاستیطان قائمة، لأن حکومة نتنیاهو الیمینیة الفاشلة قامت فی أحد اشتراطات تألیفها والمشارکة فیها، على وجود الاستیطان، ووقفه سیعنی انهیار هذه الحکومة والذهاب إلى حل الانتخابات المبکرة، وهذا ما لایریده نتنیاهو بالطبع.
الولایات المتحدة ترید مفاوضات بین الجانبین الفلسطینی و" الاسرائیلی" کمدخل لإیجاد مفاوضات فلسطینیة عربیة فی القریب العاجل، فالمبادرة العربیة التی مضى على إطلاقها ثمانی سنوات، والتی دعت واشنطن إلى تطبیقها فی ظل اعتراف حکومة أولمرت السابقة" بأن تبقى على الطاولة إلى الأبد"، بحاجة إلى تفعیل حرکة سیاسیة من حولها، وبذلک تضرب واشنطن عصفورین بحجر واحد، تحریک عملیة التسویة على الصعید العربی-" الاسرائیلی" من جهة، ومن جهة ثانیة إمکان ممارسة الدول العربیة لضغوطاتها على الفلسطینیین، فی استمرار المفاوضات أولاً، وفی القبول بصفقات تسویة حول موضوع اللاجئین بشکل أساسی ثانیاً، والذی تتخذ منه الولایات المتحدة و "اسرائیل" موقفاً مشترکاً عنوانه، رفض عودتهم إلى الدیار.
أما"اسرائیل" التی تمتلک موقفاً واضحاً لالبس فیه من جمیع قضایا التسویة، فتتمثل فی لاءات خمس للحقوق الوطنیة الفلسطینیة، تشکل قاسماً مشترکاً بین کافة ألوان الطیف السیاسی"الاسرائیلی" ترید المفاوضات لاعتبارات داخلیة وأخرى على صعید المنطقة، ولاعتبارات دولیة أیضاً، داخلیة لاستعمال المفاوضات کغطاء لممارسة سیاسة الاستیطان القائمة ولسیاسة الأمر الواقع التی تنتهجها منذ عام1967 فی الأراضی المحتلة حتى اللحظة، والکنیست أقر قانوناً یفرض على أی حکومة وقبل القیام بخطوات تسویة ،اللجوء إلى استفتاء الشارع" الاسرائیلی" بما یعنی إیجاد صعوبات حقیقیة أمام الحکومات فی ظل التحول المستمر فی هذا الشارع نحو الیمین.
وعلى صعید المنطقة، ترید"اسرائیل" استئناف المفاوضات مع الفلسطینیین لإیجاد مدخل للتفاوض مع الدول العربیة، ولتنفیذ سیاساتها ، فیما یتعلق بکل رؤیتها لقضایا المنطقة، أما ما ستکسبه على الصعید الدولی من إیجاد هذه المفاوضات ، فهو امتصاص الضغوط الدولیة التی زادت حدتها فی الآونة الأخیرة،والمفاوضات السیاسیة هی تغطیة لکل الجرائم التی ارتکبتها فی العدوان على غزة وجرائمها الحالیة، وستتوقف ملاحقة قادتها السیاسیین والعسکریین من قبل المحاکم الدولیة،أما مضامین المفاوضات فهی عبثیة، بلا شک.
ن/25