زیارة القدس بفیزا إسرائیلیة تطبیع صریح

زیارة القدس بفیزا إسرائیلیة تطبیع صریح
زیاد أبو شاویش
لا یمکن تسمیة زیارة القدس تحت أی ذریعة وفی هذه الظروف وبتأشیرة إسرائیلیة سوى تطبیع مجانی، یتساوى فی هذا الزائرون الرسمیون أو العادیون رجالاً کانوا أو نساءً، مسیحیین کانوا أو مسلمین.
الأنبا شنودة الثالث رئیس الکنیسة القبطیة المصریة والمسیحی الصادق فی حبه لأمته العربیة کان قد أعلن قبل سنوات طویلة أن زیارة الأماکن المقدسة المسیحیة حتى تحت عنوان الحج محرمة على أتباع کنیسته، وأفتى بأن مثل تلک الزیارات لا تجوز للمسیحیین والأماکن المزارة تحت الاحتلال أو یتحکم فی الوصول إلیها هذا الاحتلال، وبهذا اتخذ الرجل الحکیم موقفاً وطنیاً وقومیاً صحیحاً عززه باجتهاد دینی لا لبس فیه.
الیوم تبرز مناظرات حول إن کانت زیارة القدس والمسجد الأقصى بأی طریقة حتى لو کانت بفیزا صهیونیة تعنی التطبیع أم تعنی المساندة لها ولأهلها واستمعنا وقرأنا الرأیین، فهل هناک حقاً فرضیة تنسجم مع المنطق تعزز الرأی الثانی وبأن مثل هذه الزیارات تدعم صمود الأهل هناک؟
إن العقل والقیاس یقولان أن من یذهب الیوم للقدس بفیزا إسرائیلیة والعدو یقوم بتهویدها وطرد سکانها وتدمیر بیوتهم والتعدی على حرمات الأماکن المقدسة إنما یعطی موافقته على تلک الممارسات ولا یوجد معنى للأمر بخلاف ذلک، ورفض تلک الممارسات یتضمن حکماً الامتناع عن تلک الزیارات.
إن هناک ألف بدیل عن زیارة القدس من أجل مساندة أهلها ودعم صمودهم ومن یتذرع بحجة الدعم للقدس بهذه الطریقة إنما یتهرب جدیاً من الطرق والوسائل الأخرى الأکثر نفعاً والأجدى.
إن لم یکن الذهاب لسفارة العدو لأخذ تأشیرة الزیارة منها وإن لم یکن المرور على حواجز قوات الاحتلال والسماح بالتفتیش وغیره وإن لم یکن التعامل بقوانین تفرضها سلطات الاحتلال التی قامت بضم القدس وطبقت علیها القانون الإسرائیلی منذ سنوات بعیدة، إن لم یکن کل هذا تطبیعاً مع هذا العدو فماذا یمکن أن یکون التطبیع؟ ولماذا برأی المطبعین یمنع رجال دین مسیحیین ومسلمین مرموقین مثل هذه الزیارات؟
فی فترة الاحتلال السابقة وحین کانت الأمور منوطة بسلطات الاحتلال واتفاقیة أوسلو المشؤومة لم توقع، ولم تکن هناک سلطة فلسطینیة شکلیة فی رام الله وغزة کان الناس یتعاملون مع التصریح الإسرائیلی کما العمل فی إسرائیل باعتباره سلوکاً اضطراریاً تدعو إلیه طبیعة الحیاة ومتطلباتها، تماماً کدخول البضائع من معابر تتحکم فیها سلطات الاحتلال لغزة رغم أن ذلک یدخل تحت قائمة المحذورات، فهل زیارة القدس والأماکن المقدسة فیها أو فی أی بقعة من فلسطین تخضع للاحتلال أمراً اضطراریاً؟
لندعم القدس وأهلها الصامدین بمزید من المقاطعة والحصار للکیان الصهیونی، وبالمطالبة الملحة والضاغطة من أجل وقف التطبیع الذی یجری بطرق مختلفة من هذه الحکومة أو تلک، وخاصة الدول التی وقعت معاهدات صلح معه بدل إضاعة الوقت فی جدل عقیم حول ماهیة التطبیع لأنها واضحة کالشمس.
ن/25