qodsna.ir qodsna.ir

مفاجآت ایران العسکریة

 

بعد اسابیع معدودة من الکشف عن تصنیع غواصات صغیرة، وصواریخ من طراز 'قیام' یصعب رصدها من قبل الرادارات الغربیة لعدم وجود اجنحة لها، اعلن الرئیس الایرانی محمود احمدی نجاد امس عن انتاج اول طائرة قاذفة بدون طیار قادرة على حمل مختلف انواع القنابل.

المعلومات المتوفرة عن هذه الطائرة التی تحمل اسم 'کرار' من مصادر مستقلة ما زالت محدودة لعدة اسباب، ابرزها کونها جدیدة لم یتم عرضها او استخدامها من قبل، وثانیها حال الغموض الذی یلف الصناعة العسکریة الایرانیة، وهو غموض متوقع ومفهوم بسبب حساسیة هذه الصناعة، وضرورة الحفاظ على اسرارها.

ویظل من المنطقی الاشارة الى مدى التقدم الکبیر الذی حققته ایران فی هذا المضمار على مدى السنوات العشرین الماضیة، من حیث تطویر صناعة عسکریة متقدمة فی مختلف المجالات، ومیدان الصواریخ بشکل خاص، الامر الذی ازعج الولایات المتحدة واسرائیل مما یعنی ان هذه الصناعة ومنتوجاتها المتنوعة تؤخذ على مستوى عال من الجدیة من قبل الخبراء الغربیین.

وربما یجادل البعض بان الاعلانات المتواصلة من قبل الحکومة الایرانیة عن انتاج هذه الاسلحة تأتی فی اطار الحرب النفسیة، وبهدف بث الرعب فی صفوف الاعداء، وتحذیرهم من رد ایرانی قوی فی حال شنهم ای هجوم لتدمیر المنشآت النوویة، ولکن ما العیب فی لجوء ایران الى الحرب النفسیة التی تعتبر من الاسلحة المشروعة ذات الاثر الکبیر، خاصة ان الطرف الآخر، ای الامریکی ـ الاسرائیلی یخوض هذا النوع من الحروب بشکل شرس هذه الایام؟

صحیح ان الصواریخ الایرانیة قد لا تکون على درجة من الجودة والفاعلیة نفسها التی تتمتع بها نظیرتها الامریکیة، فایران لیست الدولة العظمى الاوحد فی العالم مثلما هو حال امریکا، ولکن الصحیح ایضا ان الاسلحة الایرانیة التی استخدم حزب الله جزءا منها فی التصدی للعدوان الاسرائیلی صیف عام 2006 أبلت بلاء حسنا، ودمرت اسطورة دبابة 'المیرکافا' فخر الصناعة الاسرائیلیة، ودمرت بارجة اسرائیلیة قبالة السواحل اللبنانیة، واصابت اهدافا فی العمق الاسرائیلی.

ایران تخوض معارکها بفاعلیة هذه الایام على اکثر من صعید، ولا بد من الاعتراف بذلک دون مواربة، فقد نجحت فی تشغیل مفاعل بوشهر النووی بعد اکثر من اربعین عاما من انشائه رغم الضغوط الامریکیة على روسیا والتهدیدات الاسرائیلیة، واستطاعت بما تملک من اوراق نفوذ تعطیل قیام حکومة عراقیة بقیادة الدکتور ایاد علاوی رئیس قائمة 'العراقیة' الفائزة فی الانتخابات البرلمانیة الاخیرة، وهی القائمة التی تحظى بدعم اطراف اقلیمیة، مثل المملکة العربیة السعودیة والاردن ومصر وسوریة ودول الخلیج علاوة على ترکیا.

وهذا النجاح الایرانی هو نتیجة فشل عربی، او بالاحرى غیاب عربی، واحتماء الدول العربیة المرکزیة بالمظلة الامریکیة بدلا من تطویر صناعة عسکریة فاعلة، ومشاریع استراتیجیة اقلیمیة مستقلة، وقبل کل هذا وذاک التآمر لتدمیر العراق الذی کان یحقق التوازن العسکری والسیاسی فی المنطقة.

الطموحات الایرانیة فی امتلاک اسباب القوة، تقلیدیة کانت ام نوویة، طموحات مشروعة، خاصة اذا کانت بهدف تحصین نفسها من الخطرین الامریکی والاسرائیلی، ونصرة القضایا الاسلامیة العادلة وعلى رأسها قضیة فلسطین.

واذا کانت بعض الدول العربیة تشعر بالقلق من جراء تنامی هذه القوة الایرانیة، فان تبدید هذا القلق لا یتأتى من خلال تحریض الولایات المتحدة على ضرب ایران، مثلما جرى تحریضها على ضرب العراق واحتلاله، وانما من خلال امتلاک اسباب القوة وتطویر جیوش وبرامج نوویة موازیة، ولیس من خلال انفاق عشرات بل مئات الملیارات على شراء صفقات اسلحة امریکیة واوروبیة حدیثة لا تستخدم مطلقا فی نصرة القضایا العربیة، بل لا نبالغ اذا قلنا انها لا تخرج من مستودعاتها، لان الهدف من شرائها هو قبض العمولات الضخمة التی تقدر بالملیارات.

ایران تطور صناعة عسکریة لتحقیق الاکتفاء الذاتی والاعتماد على النفس، بینما العرب یکدسون الاسلحة من اجل عمولاتها، وتوسیع دائرة الفساد واعداد الفاسدین، ولهذا تفرض نفسها کقوة اقلیمیة عظمى، بینما یتحول العرب الى کم هامشی مهمل لا قیمة له ولا وزن فی الحسابات الاستراتیجیة العالمیة.

( عن القدس العربی اللندنیة )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141422