مفاوضات لإقرار السلام أم لتمریر الوقت؟!
مفاوضات لإقرار السلام أم لتمریر الوقت؟!
صالح بن بکر الطیار
حدد رئیس وزراء إسرائیل بنیامین نتنیاهو أهداف العودة إلى مفاوضات مباشرة مع السلطة الوطنیة الفلسطینیة فی واشنطن یوم 3/ 9/ 2010 برعایة أمریکیة ومصریة وأردنیة بأنها ترمی إلى اقامة دولة فلسطینیة منزوعة السلاح، والاعتراف بإسرائیل کدولة قومیة للشعب الیهودی، وإنهاء الصراع. ورفض بالمقابل أن یطرح الفلسطینیون أی شرط للعودة إلى مفاوضات مباشرة مثل وقف الإستیطان، ووقف تهوید القدس.
وهذا یعنی أن نتنیاهو یتطلع إلى اقامة دویلة فلسطینیة على جزء من الأراضی المحتلة منذ العام 1967 منزوعة السیادة بحیث لا تمتلک قواها الأمنیة إلا القدرة العسکریة على مواجهة الفصائل الفلسطینیة عند الضرورة، کما یتطلع إلى اعتراف الفلسطینیین بیهودیة إسرائیل مما یعنی سقوط حق العودة لفلسطینیی الشتات واحتمال تهجیر فلسطینیی 48 ممن یقیم داخل الخط الأخضر، ثم یتطلع إلى إنهاء الصراع مما یعنی عدم السماح للفلسطینیین بالمطالبة بالقدس الشرقیة أو باستعادة الأراضی التی بنیت علیها مستوطنات فی الضفة الغربیة.
وعودة المفاوضات المباشرة استلزمت من الولایات المتحدة الأمریکیة فرض ضغوطات کبیرة جداً على رئیس السلطة الوطنیة الفلسطینیة محمود عباس، وأیضاً على الدول العربیة بعد أن کانت هذه الأخیرة تربط العودة الى المفاوضات المباشرة بوقف إسرائیل کل اشکال الإستیطان. وانضمت الدول الأوروبیة الى حلیفتها الأمریکیة معتبرة ان العودة الى المفاوضات المباشرة هی نجاح کبیر وکفیل بالتوصل الى حل نهائی لملف السلام فی الشرق الأوسط.
وحتى لا تغرد سوریة خارج السرب فقد عمدت فرنسا الى تسمیة السفیر جان کلود کوسران کمبعوث للسلام لیتولى إدارة مفاوضات غیر مباشرة بین دمشق وتل ابیب بدلاً من ترکیا التی ساءت علاقتها بإسرائیل ولم تعد مقبولة ان تلعب دور الوسیط کما فعلت طیلة سنوات ماضیة.
وبحسب اللجنة الرباعیة فإن التوصل الى حل نهائی یجب ان یتم فی غضون سنة أی فی الوقت الذی یکون فیه الرئیس الأمریکی باراک اوباما بحاجة الى انجاز ما للترشح لولایة ثانیة فی البیت الأبیض، ویکون فیه الرئیس الفرنسی بحاجة ایضاً لنجاح ما للعودة الى الإلیزیه، کما یکون فیه نتنیاهو بحاجة الى انجاز ما ولو وهمی لتعزیز موقعه الضعیف فی حکومته الإئتلافیة.
وواضح ان الطرف الفلسطینی هو الأضعف فی المفاوضات المقبلة لأنه یذهب الى واشنطن دون الاعتماد على مرجعیة محددة، أی بمعنى وفق أی مرجعیة ستخاض المفاوضات هل بموجب مرجعیة اتفاقیات أوسلو او القرارات الدولیة 242 و338 أو المبادرة العربیة للسلام خاصة وأن ما یشترطه نتیاهو یوضح انه قد حدد سقفاً للتفاوض غیر خاضع لکل المرجعیات السالفة الذکر. کما أن الطرف الفلسطینی هو الأضعف لأنه غیر مغطى من جانب اطراف فلسطینیة فاعلة مثل "حماس" او مثل المنظمات الفلسطینیة المعارضة التی تتخذ قیاداتها من دمشق مقراً لإقامتها.
یضاف الى ذلک هل بالإمکان التصور أن هناک إمکانیة لإیجاد حل للقضیة الفلسطینیة بمعزل عن الملفات الأخرى فی المنطقة بدءاً من أفغانستان مروراً بالملف النووی الإیرانی والملف العراقی وهضبة الجولان السوریة وصولاً الى لبنان خاصة وأن سائر هذه الملفات أصبحت متشابکة ومترابطة وتتحکم بها قوى اقلیمیة ودولیة متعددة؟.
ماذا لو لم تحقق المفاوضات المباشرة أی تقدم، فهل یملک العرب أوراقا أخرى للعودة إلیها أم سیجدون أنفسهم یتخبطون فی فراغ ویتبادلون الاتهامات ویصبحون عاجزین حتى عن الذهاب إلى مجلس الأمن لمطالبته بالإعتراف بقیام دولة فلسطینیة مستقلة کما کانوا یرغبون أن یفعلوا لولا أن اخترعت واشنطن بدعة المفاوضات المباشرة التی یبدو أنها لتمریر الوقت فقط.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS