الاثنين 24 جمادي الثانية 1447 
qodsna.ir qodsna.ir

أمریکا.. والنهایات المفتوحة!

أمریکا.. والنهایات المفتوحة!

 

عبد الفتاح العربی

 

منذ قدومه إلى البیت الأبیض یحاول الرئیس باراک أوباما الظهور بمظهر الرجل الساعی إلى التغییر وإلى الإیفاء بکل وعوده الانتخابیة والخروج من الأزمات التی تؤثر على مستقبله السیاسی، سواء کانت داخلیة أم خارجیة، لکن الریاح لم تجر بما اشتهاه هذا الطامح الشاب.

فکل المؤشرات تدل على تخبط القرار الأمریکی ومراوحته فی نفس المکان، مما جعل الحلول المقترحة لنهایة التورط الأمریکی غیر مؤسسة على رؤیة واضحة تقرأ کل التداعیات المرتقبة والتی قد تخرج عن التوقعات الأمریکیة القراءة الصحیحة.

فقد اختارت واشنطن أن تنهی ورطتها فی العراق بهروب أشبه بالهزیمة، وبإیهام المجتمع الدولی بانسحاب مشرف وترک العراق لأهله والحرص على أمنه، ولکن فی الحقیقة هی محاولة لحفظ ماء الوجه بعد أن عجزت على تحدی ضربات المقاومة الموجعة، وبعد أن تکبدت العدید من الخسائر، مما جعل الداخل الأمریکی یضغط على أوباما مطالبا بالانسحاب الکلی، وبعد أن ترکت العراق مدینة للخراب والموت المنتظر بسبب التدمیر الممنهج الذی مارسته قوات الاحتلال وعملاؤها.

هذه الورطة الأمریکیة جعلت أوباما یعجل بنهایة تراجیدیة للقوات الأمریکیة التی غزت العراق من حیث لا تدری أن السم فی الدسم، وهاهی تتجرع سموما مختلفة الألوان والمذاقات جعلتها تخرج من العراق تارکة إیاه فی حراسة ما تبقى من جنودها، محملة المسؤولیة للقوات العراقیة التی تعیش بلا حکومة وبلا مقومات دولة، وهی نهایة مفتوحة على کل الاحتمالات. ففی هذه الحالة لن تکون القوات الأمریکیة بمأمن من ضربات المقاومة وقد تدخل الطوائف العراقیة فی حرب أهلیة نتائجها لن تزید العراق إلا دمارا وفوضى.

أما فی أفغانستان، فالورطة تبدو أکثر حدة والحل الأمریکی بدا ینحو نفس المنحى العراقی. فالأمریکیون یشعرون بأنهم فی حالة من المواجهة الحقیقیة مع عدو سرش، على حد تعبیر أوباما، لذا فالخسائر البشریة مرشحة دائما للارتفاع.

بالإضافة إلى کل هذه المعطیات فإن الملف الإیرانی یطل برأسه على حکومة أوباما ویجعله أمام خیار لا یتحمل نهایة مفتوحة على کل الاحتمالات، کما فی العراق، لأنه ببساطة قد یقلب الطاولة على أمریکا والحلیف الاستراتیجی إسرائیل ویهدد بحرب تهز المصالح الأمریکیة وتضربها فی مقتل، لذا یبدو تعامل أوباما معه بکل حذر ولا یمیل إلى الخیار العسکری إلا إذا أراد اللوبی الصهیونی ذلک کما کانت إرادته فی العراق.

ومع کل ذلک یبدو الرئیس الأمریکی مثقلا بوضع داخلی یشی بهبوط شعبیته، فمن أزمة عالمیة حادة إلى مشاکل التأمین الصحی وارتفاع نسب البطالة وضغط الجمهوریین وتوظیف کل فشل لأوباما فی فتح حرب إعلامیة هوجاء.

الرئیس أوباما فی وضع لا یحسد علیه وهو یحاول أن یزیل کل الانتقادات ویسعى إلى تحقیق الحد الأدنى من مطالب الأمریکیین. وما رعایته الأخیرة للمفاوضات الاسرائیلیة- الفلسطینیة إلا محاولة لتحسین صورته بحل صراع أرق السیاسة الأمریکیة وجعلها تخسر الکثیر فی علاقاتها العربیة والإسلامیة بحکم الانحیاز المفضوح لجل الرؤساء الأمریکیین للرؤیة الإسرائیلیة والتأیید المستمر للسیاسات الإسرائیلیة العابثة بالحقوق الفلسطینیة.

التخبط فی القرارات الأمریکیة والنهایات المفتوحة التی تعالج بها تورطها- وقد تکون نهایة التفاوض الفلسطینی الاسرائیلی مفتوحة أیضا ولا تؤدی إلى أی حل یذکر کما اعتاد العرب على ذلک- تعبر عن رؤیة أمریکیة مذبذبة ترى مصالحها فی الفوضى المستمرة والحروب غیر المنتهیة والمعارک الاستباقیة.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141432







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)