دولة اوباما 'الفلسطینیة' واخطارها
دولة اوباما 'الفلسطینیة' واخطارها
اعرب الرئیس الامریکی باراک اوباما فی کلمته التی القاها امس فی افتتاح الجمعیة العامة للامم المتحدة، اعرب عن اعتقاده بان الفرصة سانحة للتوصل الى اتفاق یؤدی الى قیام دولة فلسطینیة تنضم فی العام المقبل الى عضویة الامم المتحدة. ولکنه لم یقل کیف ستقام هذه الدولة، وضمن ای حدود، ومدى حجم السیادة والاستقلالیة اللتین ستتمتع بهما.
ربما لا یرید الرئیس الامریکی القفز نحو هذه المعاییر الاساسیة للدولة المستقلة، لانه ببساطة شدیدة لیس على اطلاع کامل علیها، او یرید ترکها للمفاوضات المباشرة التی ترعاها بلاده حالیا ویشارک فیها طرفان، احدهما یمثل السلطة فی رام الله والآخر یمثل الدولة الاسرائیلیة، ومن المفترض ان تؤدی هذه المفاوضات الى اتفاق حول قضایا الحل النهائی مثل القدس المحتلة واللاجئین والمستوطنات والحدود والمیاه.
الرئیس الامریکی بارع فی القاء الخطابات القویة المصاغة بعنایة والمطرزة بجمل اخاذة، ولکن الخطابات شیء والاوضاع على الارض شیء آخر مختلف تماما، فالدول لا تقام بالخطابات والنوایا الحسنة، وانما بالاعمال الجدیة، والمواقف الحازمة الصلبة.
ما ذکره الرئیس الامریکی حول المعاناة وتعایش الاطفال من الجانبین جنبا الى جنب فی سلام واستقرار کلام جمیل، ولکن العبارة المهمة التی وردت فی خطابه، وجعلت من ای تسویة مستقبلیة وفق الرؤیة الامریکیة مشروع حروب اکثر خطورة، هی تلک المتعلقة بالهویة الیهودیة لدولة اسرائیل. فقد قال بشکل واضح لا لبس فیه 'ان اسرائیل دولة ذات سیادة والارض التاریخیة للشعب الیهودی' وطالب الذین وقعوا على مبادرة السلام العربیة 'ان یحولوها الى حقیقة عبر اتخاذ خطوات ملموسة نحو تطبیع العلاقات مع اسرائیل'.
فنحن نستغرب صدور مثل هذا الکلام عن رئیس دولة تتزعم العالم الحر، وتضرب مثلا فی التعایش بین الادیان والاعراق والثقافات فی اجواء من المساواة، وفی ظل قیم الدیمقراطیة وحکم القانون.
فلسطین المحتلة لم تکن ولن تکون الأرض التاریخیة للشعب الیهودی، والرئیس اوباما یعرف ذلک جیداً وهو الذی درس المحاماة فی اکبر الجامعات الامریکیة، ویعرف التاریخ جیداً، مثلما یعرف حجم الظلم الذی وقع على الشعب الفلسطینی بسبب اغتصاب هذا الشعب الیهودی الذی یتحدث عنه باحترام شدید لارضهم ووطنهم.
الرئیس اوباما لا یجب، وهو المثقف، ان یساند دولة ترید ان تؤکد هویتها الدینیة العنصریة، وتفرضها على الآخرین بقوة السلاح والدعم الامریکی، وبما یمکن ان یؤدی الى طرد ملیون ونصف الملیون مسیحی ومسلم من ابناء الارض الحقیقیین، وحرمان خمسة ملایین لاجئ من العودة الى ارض آبائهم وأجدادهم.
المفاوضات الجاریة حالیاً برعایة حکومته لیست شرعیة لانها تقوم على تزویر التمثیل الفلسطینی، وترید فرض تسویة وفق الشروط والمواصفات الاسرائیلیة. فالسید محمود عباس لا یملک تفویضاً من الشعب الفلسطینی لتقدیم تنازلات نیابة عن هذا الشعب، تفرط بحقوقه الاساسیة، وعلى رأسها حق العودة، واستعادة القدس المحتلة کاملة.
لا یشرفنا ان نرى دولة فلسطینیة مسخاً فی الامم المتحدة، تجسد تفریطاً بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطینی التی اقرتها المنظمة نفسها، ومن بینها حق العودة للاجئین الفلسطینیین التی هی اساس القضیة الفلسطینیة، او مبادلة القدس رمز الشرف والکرامة لاکثر من ملیار ونصف الملیار مسلم بحفنة من تراب صحراء النقب.
( عن القدس العربی اللندنیة )
ن/25