الإعلام الاسرائیلی یطلق النار على المفاوض الفلسطینی
الإعلام الاسرائیلی یطلق النار على المفاوض الفلسطینی
مازن صافی
أبدأ مقالی بالتذکیر بتصریح الرئیس الأمریکی السابق، بیل کلینتون حیث قال: "مستقبل إسرائیل کدولة ذات أغلبیة یهودیة مهدد فی العقود الثلاثة المقبلة فی ظل معدل الولادة لدى الفلسطینی وإن الحل هو تقسیم البلاد والانسحاب من الضفة الغربیة وإلا فإن الغالبیة السکانیة ستصبح لصالح الفلسطینیین". وأضاف: "وحینها على الإسرائیلیین الاختیار إن کانوا یریدون دولة یهودیة أم دیمقراطیة، لکن لا یمکنهم اختیار الاثنین معاً..".
تقوم الدولة فی الفکر السیاسی على ثلاث رکائز أساسیة وهی الشعب والأرض والسلطة، والسلطة لا تقوم إلا بتوفیر العنصرین السابقین "الشعب والأرض".. ولقد لعبت الحرکة الصهیونیة دورا حاسما فی بناء الکیان الصهیونی "الدولة" وذلک من خلال سعیها لتوفیر العنصر البشری على أرض فلسطین من خلال الهجرة، کما أنها قامت بجهود کبیرة للحصول على أکبر کمیة من الأراضی الفلسطینیة کی تقوم بتوطین القادمین الیهود فیها، کما قامت قبل الإعلان عن الدولة فی 1948 ببناء أجهزتها اللازمة والتی تنوعت فی مجالات کثیرة سواء فی المجالات الزراعیة أو التعلیمیة أو الاقتصادیة أو الإعلامیة أو العسکریة وغیرها..
والسؤال هنا یطرح نفسه.. طالما أنها منذ إعلانها استوفت شروط الدولة السیاسیة فلماذا یکرر رئیس حکومة إسرائیل بنیامین نتنیاهو مطالبه من الرئیس محمود عباس بالاعتراف الواضح والعلنی بالدولة الیهودیة؟... وقال إن نجاح المفاوضات مرتبط بالاعتراف بإسرائیل دولة یهودیة. وأضاف ان اعتراف الفلسطینیین بـ"یهودیة دولة إسرائیل" أحد المکونات الأساسیة للسلام.
الحقیقة تقول إن 20 بالمئة من الفلسطینیین الذین بقوا فوق أرضهم التاریخیة والتی تم احتلالها وتشرید سکانها وسرقة أراضیهم لتسمى لاحقا بـ"دولة إسرائیل".. هؤلاء الذین بقوا فی بیوتهم أبطال حقیقیون صمدوا فی وجه کل المحاولات لاقتلاعهم من أرضهم فی العام 1948 وتحملوا الذل والهوان، قد یتم تهدید وجودهم ویفقدون حقوقهم ومطالبهم العادلة ضد التمییز العنصری الممارس علیهم، إن تم الاعتراف فلسطینیا وعربیا بإسرائیل "دولة یهودیة".. مما یعنی الموافقة على کل القرارات التی صدرت فی صالح هذا المحتل وتجاهلت الحق الفلسطینی فی أرضه وحقه!.
الإعلام الاسرائیلی بدأ حربه ضد الفریق الفلسطینی المفاوض وضد الرئیس الفلسطینی شخصیا.. فها هی الیوم تنشر أن الرئیس محمود عباس وافق على طلب نتنیاهو الاعتراف بإسرائیل دولة یهودیة. ولکن الحقیقة تقول إن الرئیس محمود عباس قال لبنیامین نتنیاهو رئیس حکومة إسرائیل، ما معناه أنه یستطیع أن یسمّی نفسه ما یشاء، لکنه، أی محمود عباس، یعلم أن هنالک ملیونا ونصف ملیون عربی فلسطینی فی إسرائیل، ما یحول دون أن یعترف عباس أو السلطة الفلسطینیة بإسرائیل کدولة یهودیة.
وأکذوبة إسرائیل وهرطقة الإعلام المفبرک واجهته إرادة المفاوض الفلسطینی الذی أصبح واعیا بما فیه الکفایة للأسلوب الإسرائیلی فی أی مفاوضات، وکانت واقعیة المطالب الفلسطینیة کفیلة بأن تکون الرد الذی یجیب على کثیر من الأسئلة والقلق الفلسطینی الذی یتزاید وینتظر الأیام القادمة وحتمیة استمرار تجمید الاستیطان کشرط رئیس لاستمرار المفاوضات؛ وهذا ما أکد علیه الرئیس الفلسطینی حیث کرر فی أکثر من تصریح بأنه إذا ما قامت إسرائیل بالسماح باستئناف البناء فی المستوطنات القائمة فی المناطق الفلسطینیة المحتلة، فإنه سوف یقوم بالانسحاب فورا من المفاوضات. إن هذا الموقف الفلسطینی یکرر ویؤکد فی کل تصریح یدلی به الرئیس الفلسطینی.
لقد بدأت المفاوضات المباشرة بالاتفاق على أن تبقى سریة بعیدا عن الإعلام، ولکن الملاحظ أن الیومین السابقین قد أظهرا أن الجهات الإسرائیلیة والجهات الفلسطینیة تحاول استغلال الإعلام بأکبر قدر ممکن کل طرف لصالحه، إلا أن الجانب الإسرائیلی حتى الآن هو الرابح فی الحلبة السیاسیة، فی الولایات المتحدة خاصة. لهذا یجب أن یکون الإعلام الفلسطینی ناجحا على المستوى الفلسطینی الداخلی وأن تنشط کافة السفارات والجهات الفلسطینیة الخارجیة فی دعم الجانب الفلسطینی فی معرکته التی یحدد معالمها بأنها معرکة استحقاق الدولة الفلسطینیة وإنهاء الاستیطان..
ویجب الترکیز على أن الدولة الفلسطینیة یجب أن تقوم على ثلاث رکائز أساسیة وهی الشعب الفلسطینی، والأرض الفلسطینیة، والسلطة، والسلطة لا تقوم إلا بتوفیر العنصرین السابقین "الشعب والأرض"..
فإن تم الاعتراف بیهودیة الدولة الإسرائیلیة فهذا معناه أن الرابح فی المفاوضات هی إسرائیل التی تکون قد أنهت حقوق 1.5 ملیون فلسطینی عربی فلسطینی یعیشون فی فلسطین التاریخیة "دولة الاحتلال الاسرائیلی" وذلک من الناحیة القانونیة والتاریخیة.. ویتم الاعتراف بحق عودة الیهودی إلى الدولة الیهودیة.. وإلغاء حق الفلسطینی فی العودة إلى أرضه..
إن السلطة الفلسطینیة سوف تفقد أهمیة وجودها کمشروع وطنی فی حال وافقت بأی صورة کانت على یهودیة الدولة. فالدولة الفلسطینیة المستقلة والدولة الیهودیة خطان متوازیان لا یلتقیان ولا یمکن أن یعیشا جنب الى جنب.. فلا وجود للفلسطینی فی حال الاعتراف بیهودیة الدولة الإسرائیلیة..
إن الفلسطینی یخوض حالیا معرکة قاسیة على جبهات عدة منها:
- جبهة أهمیة إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الفلسطینیة.
- جبهة أهمیة القوة السیاسیة والإعلامیة الفلسطینیة على المستوى العربی والإقلیمی والدولی.
- جبهة فضح عنصریة الاحتلال ومخالفته للقانون الدولی وکشف ما تترتب علیها "الدولة الیهودیة" من تداعیات.
- جبهة الصمود والتمسک بالثوابت أمام إسرائیل.
- جبهة تحقیق حلم الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشریف.
- جبهة ترتیب البیت الفلسطینی لمواجهة الأسوأ والأخطر إن تداخلت الأوراق السیاسیة، سواء بحرب سیاسیة على السلطة أو حرب واجتیاحات موسعة على مناطق السلطة الفلسطینیة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS