رد نتنیاهو المهین على الاعتدال العربی

رد نتنیاهو المهین على الاعتدال العربی

تقدم بنیامین نتنیاهو رئیس الوزراء الاسرائیلی بعرض 'سخی' لاستئناف المفاوضات المباشرة، یشترط تجمید الاستیطان فی الضفة الغربیة المحتلة مقابل اعتراف الفلسطینیین باسرائیل دولة یهودیة.

عرض نتنیاهو هذا جاء بعد یومین من مصادقة حکومته على قانون یلزم المتقدمین للحصول على الجنسیة الاسرائیلیة بقسم الولاء للدولة الیهودیة، وهو القانون الفرید من نوعه على مستوى العالم قاطبة.

انه الابتزاز الاسرائیلی فی ابشع صوره واشکاله، ففی الوقت الذی یمنح فیه وزراء الخارجیة العرب الادارة الامریکیة مهلة لمدة شهر لازالة العقبات التی وضعتها حکومة نتنیاهو امام العملیة السلمیة، یخرج علینا نتنیاهو بهذا الشرط التعجیزی المهین، وما ینطوی علیه من استخفاف لیس فقط بالعرب وانما بالعالم بأسره.

نتنیاهو یعلم جیداً الموقف العربی من هذا العرض المهین، ولکنه لا یتورع عن طرحه امام الکنیست لیکشف عن مدى استهتاره بالعملیة التفاوضیة، والشریک العربی فیها.

رفض السلطة الفلسطینیة لهذه الاهانة الاسرائیلیة لم یکن کافیاً، وکان یجب علیها ان تتخذ اجراءات اکثر فاعلیة للرد على هذه الحکومة الاسرائیلیة العنصریة مثل وقف التنسیق الامنی، او ربط استمرار هذا التنسیق بتجمید الاستیطان على اقل تقدیر.

استمرار السلطة بتعهداتها باتفاقات امنیة مع الحکومة الیمینیة الاسرائیلیة، وخاصة الشق المتعلق بقمع ای انتفاضة، واعتقال الناشطین الفلسطینیین، هو الذی یشجع هذه الحکومة ورئیسها على اصدار القوانین العنصریة الفاشیة، تمهیدا لطرد ملیون ومئتی الف فلسطینی یقیمون فی المناطق المحتلة منذ عام 1948.

الاستیطان فی الاراضی المحتلة هو جریمة تطهیر عرقی تتناقض مع کل المعاهدات والقوانین الدولیة، ومن یرتکب مثل هذه الجریمة لا یجب ان یفرض شروطه، او یحصل على مکافآت مقابل ارتکابه لجریمته، وانما یجب ان یقدم للعدالة لیواجه العقاب الذی یستحق.

من المؤسف ان الادارة الامریکیة الحالیة تتحمل المسؤولیة الاکبر عن مثل هذا الاستخفاف الاسرائیلی، بعرضها حزمة من الحوافز على نتنیاهو مقابل تجمید الاستیطان لمدة شهرین، من ضمنها صفقات اسلحة حدیثة لم یسبق ان قدمتها الى دولة اخرى، ورسائل ضمانات بمرابطة قوات اسرائیلیة على حدود الدولة الفلسطینیة المنتظرة مع الاردن، واجبار العرب على التطبیع مع اسرائیل.

مثل هذه العروض السخیة التی رفضها نتنیاهو دفعته للتقدم بعرضه المهین هذا، ولن نستغرب اذا ما تبنته الادارة الامریکیة، وعملت على فرضه على الجانب العربی، والفلسطینی منه على وجه الخصوص، مثلما فرضت المفاوضات غیر المباشرة، ومن بعدها المفاوضات المباشرة، ودون تحقیق ای تقدم فی الاولى.

میوعة المواقف العربیة الرسمیة ایضا وعدم التفکیر ومن ثم اللجوء الى بدائل رادعة لاسرائیل وحکومتها الیمینیة العنصریة الحالیة هی التی تدفع نتنیاهو الى التغول فی عنصریته واسالیبه الابتزازیة.

ان مثل هذه المواقف الابتزازیة المستخفة بالعرب والرأی العام العالمی، تعکس عقلیة عنصریة لا تضع السلام على جدول اهتماماتها، وانما تخطط لسحق الآخر واذلاله.

( عن القدس العربی اللندنیة )

ن/25